لا يتحدث رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره عن حرب موسعة، بل عن اعتداء تهدد إسرائيل بالقيام به، فيرد بأنه سيكون في الصفوف الأمامية إلى جانب حزب الله للدفاع عن لبنان. وكلام بري يتناغم مع كلام الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة بأن حزبه على جهوزية كاملة للرد إذا فُرضت علينا الحرب إذا، لا مبادرات من الجانب اللبناني في اتجاه إسرائيل على طريقة ٢٠٠٦، بل التزام لقواعد الاشتباك التي تخرقها إسرائيل نفسها لا الحزب، على ما يقول بري أمام زواره. لكن هذا وحده غير كافٍ للجم تل أبيب إذا ما وجدت حاجة، بعد الانتهاء من عملياتها في رفح، للتحول إلى الجبهة اللبنانية وفق ما ورد في "النهار".
والواقع أن مخاوف بري وتحذيراته من شهر حاسم، لا تنبع فحسب من التهديدات الإسرائيلية المتنامية أو الاعتداءات المتصاعدة الوتيرة، بل مما يحمله هذا الشهر من استحقاقات دولية مهمة، على ما تقول الأوساط القريبة منه. فالأميركيون يستعدون لخوض انتخابات رئاسية حامية جداً، والخميس سيشهد العالم على المناظرة الرئاسية بين المرشحين الرئيس الحالي جو بادين والرئيس السابق دونالد ترامب. أما على المقلب الأوروبي، فستخوض كل من فرنسا وبريطانيا انتخاباتهما، مع كل ما يمكن أن ترتّبه هذه الاستحقاقات من تغيير ربما على مستوى السلطات والسياسات الخارجية. يدخل بعدها العالم عطلة الصيف، فتتعطل كل المبادرات ويصبح لبنان خارج دائرة الاهتمام الدولي. هذا المشهد الذي يقلق بري، يدفعه إلى تحفيز كل القوى محلياً ودولياً عبر حركة الاتصالات والمتابعة التي يقوم بها من أجل توفير الفرصة أمام الجهود الديبلوماسية لتفعل فعلها في ضبط حدة التصعيد وتبريد الرؤوس الحامية، تمهيداً للتوصل إلى حل سياسي. وهو بهذا المنطق، أكد التزام لبنان تطبيق قرار مجلس الامن ١٧٠١. تنفي أوساط بري أي كلام تداوله وزواره عن إبلاغه إلى الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين أن لبنان يطالب بتراجع إسرائيل ثمانية كيلومترات عن الحدود مقابل طلبها تراجع “حزب الله” مسافة مماثلة، واضعة الكلام في إطار الرد على سؤال بسؤال وليس في إطار تبادل اقتراحات. هو لم يتلقّ حتى الآن أي جواب من هوكشتاين، ولا توقعات لزيارة قريبة له قبل بلورة الوضع في غزة، الأمر الذي يعني عملياً أن التسوية في شأن لبنان المرتبط بغزة، لم تنضج بعد بحسب "النهار".