العراق

بارزاني في بغداد… هل يصطدم بموقف "الحشد" من "العمّال الكردستاني"؟

بارزاني في بغداد… هل يصطدم بموقف

أهميّة كبيرة اكتسبتها زيارة رئيس "الحزب الديموقراطي الكردستاني" مسعود بارزاني النادرة إلى بغداد، إذ حمل في جعبته ملفات ساخنة ناقشها مع رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني والإطار التنسيقي ومسؤولين آخرين، أبرزها انتشار عناصر "حزب العمال الكردستاني" في سنجار والانتخابات. ورغم الأجواء الإيجابيّة التي جرى ترويجها خلال الزيارة، إلا أنّ بعض المتابعين حذّروا من الإفراط في التفاؤل حيال نتائجها.

حوار هادف وبنّاء

السوداني وصف الزيارة بـ"المهمة". وقال في حفل استقبال الضيف الكردي: "قطعنا شوطاً مهماً في بناء الثقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، وتجاوزنا مشكلات كثيرة موروثة منذ سنوات، ونحن ماضون باتجاه فتح فرص التنمية وآفاق المستقبل".

وفي حين اعتبر أنّ الحوار مع بارزاني كان "بنّاءً وهادفاً" في مختلف القضايا، أعلن أنّ الحديث تناول الأوضاع الإقليمية وأمن العراق وسيادته واستقلاله وإبعاده عن ساحة الصراعات "مع الحفاظ على مواقفنا المبدئية تجاه مختلف القضايا العادلة".

الزعيم الكردي ردّ بالتعبير عن سعادته للقاء السوداني، وقال: "كان حوارنا بناءً في ما يتعلق بالوضعين الداخلي والإقليمي، وكانت وجهات النظر متطابقة".

أطراف رافضة

يكشف مصدر حكومي عراقي لـ"النهار العربي"، أنّ بارزاني جاء إلى العاصمة العراقية لإبلاغ المسؤولين "رفض حكومته وجود حزب العمال الكردستاني داخل أراضي الإقليم"، مطالباً الحكومة الاتحادية "بالتنسيق مع أربيل لطرد التنظيم من قضاء سنجار وباقي مناطق كردستان".

وبحسب المصدر نفسه، رفضت أطراف سياسية مطلب بارزاني، مبرّرة ذلك بالقول إنّ "العمال الكردستاني ليس منظمة إرهابية، بل أدى دوراً كبيراً في محاربة تنظيم داعش في العام 2015، ولا يزال دوره كبيراً في صد القوات التركية شمالي البلاد".

أضاف المصدر أنّ الزعيم الكردي "ناقش خلال اجتماع مع قادة الإطار التنسيقي الشيعي الأوضاع السياسية والأمنية الخاصة بقضاء سنجار".

وكانت حكومة مصطفى الكاظمي قد وقّعت في العام 2022 "اتفاق سنجار" مع حكومة أربيل، بشأن إدارة المدينة الكردية وإنهاء المظاهر المسلحة فيها، لكن الاتفاق لم يُطبّق حتى الآن لوجود تحديات عديدة، أبرزها سيطرة جماعات مسلّحة مقربة من إيران على المنطقة.

تفاؤل وتحذير

بدوره، يؤكّد العضو في "الحزب الديموقراطي الكردستاني" صبحي المندلاوي لـ"النهار العربي"، أنّ زيارة بارزاني "جاءت في وقت إيجابي لحلّ الخلافات القائمة بين الجانبين، وطرحت خلالها قضايا عدّة، منها توطين رواتب موظفي الإقليم، وتطبيق اتفاقية سنجار، وطرد عناصر العمال الكردستاني من القضاء وحصرهم في مناطقهم"، مؤكداً بذلك ما أسرّ به المصدر الحكومي.

يضيف: "تمت أيضاً مناقشة ملفي الانتخابات وقانون النفط والغاز، وبعد الزيارة ستنطلق مرحلة جديدة من التعاون الأمني والاقتصادي بين الحكومتين، لحلّ جميع القضايا الخلافية".

إلا أنّ المحلل السياسي محمد نعناع يُحذّر من "الإفراط في التفاؤل"، إذ لا يرى حلاً لجميع المشكلات العالقة بين الجانبين "بسبب غياب التناغم بين بعض الأطراف السياسية الشيعية من جهة وبارزاني من جهة أخرى، خصوصاً بشأن العمال الكردستاني".

ويضيف لـ"النهار العربي": "تأتي هذه الزيارة في ظل متغيرين مهمين: يتعلق الأول بتحديد موعد انتخابات الإقليم بعد قرارات المفوضية العليا للانتخابات المستقلة والمحكمة الاتحادية في بغداد، فيما يتعلق الثاني بملف العمليات العسكرية التركية الجارية الآن في الإقليم، ومحاولة محاصرة حزب العمال الكردستاني".

ويؤيد نعناع ما يقال عن موقف أطراف في الحشد الشعبي من "العمال الكردستاني"، وهذا "قد يعرقل وصول زيارة بارزاني إلى خواتيمها السعيدة، فلا تُحسم المشكلات الخلافية كلها، خصوصاً السياسية منها".

ويرى المحلل السياسي غازي فيصل أنّ "ما يضاعف أهمية زيارة بارزاني تزامنها مع حشد تركيا قواتها على الحدود الشمالية للعراق وعلى الحزام الأمني قرب الحدود مع سوريا، ومع الاجتماعات التحضيرية ببغداد لكسر الجليد بين دمشق وأنقرة، بدعم من موسكو وطهران، إضافة إلى الوضع الخطير والمتأزم في اليمن والجنوب اللبناني".

يقرأون الآن