ما أعز من الولد إلا ولد الولد. كثير من الأجداد يساهمون في تنشئة أحفادهم فيما تشير دراسات عديدة إلى الدور الإيجابي للأجداد في حياة أحفادهم.
بل إن دراسة لجامعة واشنطن تشير بأن الروابط القوية بين الجد والحفيد تجعل كلاهما أكثر سعادة، لكن الصورة الوردية هذه يشوبها بعض المنغصات. فكثير من الأوقات يختلف الأجداد مع أبنائهم في تربية الأحفاد خصوصا بأن معايير التربية اختلفت اليوم عن قديما.
وربما هذا ما دفع السويد الى اعتماد قانون جديد، يسمح للأجداد بطلب إجازة أبوية مدفوعة الأجر، لرعاية أحفادهم لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، وتثار الأسئلة بشأن أهلية الجد والجدة للعناية بالأطفال في وقت بات الآباء يستعينون فيه بالتكنولوجيا ونصائح الخبراء على منصات التواصل الاجتماعي.
وأشارت الجدة ناجية كامل منصور، خلال حديثها لبرنامج "الصباح" على "سكاي نيوز عربية"، أنها قامت بتربية أحفادها بصورة كاملة. وأوضحت قائلة: "لقد توليت تربية أول حفيدتين بشكل كامل نظراً لانشغال ابنتي بالعمل، وقمت برعايتهما وتربيتهما كما لو كانتا بناتي."
وتُعد العلاقة التي تربط الأجداد بالأحفاد علاقة متميزة وفريدة من نوعها، تختلف في طبيعتها عن تلك التي تجمع الآباء بأبنائهم.
وتشير الخبيرة النفسية والتربية كارين إيليا إلى تغيّر مفهوم التربية والعلاقات العائلية بشكل ملحوظ. مما أثر على دور الأجداد والجدات في رعاية أبنائهم وأحفادهم. الجيل الجديد من الأجداد والجدات غالباً ما يكونون أفراداً عاملين، مما يقلل من فرص تفرغهم الكامل لرعاية أحفادهم أثناء انشغال الآباء والأمهات بعملهم. كانت هناك ثقة مطلقة في السابق، بين الأهل والأجداد إذ كان يمكن للأهل أن يتركوا أبناءهم لدى الجد أو الجدة بكل راحة وطمأنينة. أما اليوم، فهم يقدمون قائمة بالتوصيات والتعليمات والقواعد التي يجب اتباعها أثناء رعاية الطفل.
وقالت: يفقد الأجداد تلك العفوية التي كانوا يمارسون بها أدوارهم التربوية سابقاً بسبب خوفهم من الخطأ أو مخالفة التعليمات. هذا الأمر أدى إلى خلق بعض المسافة العاطفية بين الأحفاد وأجدادهم وجعل العلاقات بينهم أقل انسجامًا مما سبق. العلاقة بين الأجداد والأحفاد تختلف بشكل كبير من بلد إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر ففي مجتمعاتنا الشرقية، هذا النوع من الإجازات والمنح التي منحتها السويد للأجداد تبدو غريبةً في المجتمعات الشرقية، حيث تُعتبر العلاقات العاطفية هي المحرك الأساسي للأجداد.
وأضافت: يشعر الأجداد بالحاجة للتضحية من أجل أبنائهم وأحفادهم. لذلك، عندما يكونون على وشك اتخاذ هذه الإجازة، يعانون نوعًا ما من تأنيب الضمير. وعلى النقيض، الديناميكيات الأسرية والعلاقات في المجتمعات الغربية مختلفة تماماً حسب طبيعة الروابط المتعددة بين أفراد الأسرة. الأحفاد اليوم، يختلفون عن الاحفاد في الماضي كونهم مدمنون على التكنولوجيا، مما يؤثر بشكل كبير على الديناميكية الشخصية بين الأجداد والأحفاد.
ولفتت الى ان العديد من الأجداد يجدون صعوبة في التأثير على أحفادهم نظراً للثقة المطلقة التي يمنحها الأهالي لأبنائهم أو بسبب إدمان الأحفاد للتكنولوجيا والهواتف المحمولة. ورغم وجود الرابط العاطفي بين الأجيال، فإن هذا التحدي التكنولوجي يبقى عائقاً.
واعتبرت ان دور الأجداد في تربية الأحفاد يخلق علاقة فريدة وقوية تتجاوز حتى تلك التي تجمع الآباء بأبنائهم. هذه العلاقة تسهم بقوة في تعزيز المناعة النفسية للأجداد والأحفاد معاً، وقد تمنع تطور اضطرابات نفسية قد تنشأ نتيجة المشاكل الأسرية داخل المنزل.
يتجلى نضج الأجداد عند رعايتهم لأحفادهم بعد اكتساب الحكمة والخبرة اللازمة إثر تربيتهم لأبنائهم سابقاً. فهم أصبحوا أكثر تسامحاً ومرونة مقارنة بما كانوا عليه خلال ممارستهم للأبوة والأمومة بشكل صارم.