دولي

أغنية بالذكاء الاصطناعي لزمور تحتفي بالعنصرية تشعل الجدل (فيديو)

أغنية بالذكاء الاصطناعي لزمور تحتفي بالعنصرية تشعل الجدل (فيديو)

 نشر السياسي إيريك زمور المرشح السابق للانتخابات الرئاسية الفرنسية، فيديو مركبا له عبر حسابه على موقع إكس وهو يرقص على إيقاع أغنية "لن أغادر"، التي ذاع صيتها مؤخرا في فرنسا، وتحولت إلى أشهر تعبير عن أفكار اليمين المتطرف على وقع الانتخابات التشريعية والتي تدعو بشكل عنصري، إلى طرد المهاجرين، ما أثار موجة استنكار واسعة.

وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن الأغنية جرى إعدادها بواسطة الذكاء الاصطناعي، لكنها تحولت إلى "أيقونة" دعاية لليمين المتطرف الفرنسي عشية الانتخابات التشريعية، وتنطلق من عبارات كان يرددها مهاجر بملامح مغاربية حمله أفراد الشرطة الفرنسية استعدادا لترحيله، بينما كان هو يحاول مقاومتهم ويردد "لن أغادر".

وكلمات الأغنية مليئة بالعبارات العنصرية الموجهة أساسا إلى المهاجرين الناطقين بالعربية، وتشير إلى عبارة شهيرة لدى اليمينيين المتطرفين الفرنسيين الذين يخاطبون المهاجرين بالقول إن فرنسا أرضهم ولن يغادروها، وإن "الأجانب" هم الذين تتوجب عليهم المغادرة، كما تشير إلى فوز حزب التجمع الوطني، الذي يمثل أقصى اليمين، في الانتخابات التي جرت الأحد الماضي.

وتقول الأغنية في مطلعها "لن أرحل، إذا كنت سترحل، في وقت أقرب مما تظن، لقد أعطيناك ما يكفي، والآن يمكنك الرحيل مُغادرة سعيدة ولا تعد إلينا"، وفي إشارة إلى رئيس حزب التجمع الوطني جودان بارديلا تضيف الأغنية "عندما سيمر بارديلا، ستعود إلى بلدك، سترتدي 'الجلابية' الخاصة بك، وسيكون بإمكانك الصلاة طول اليوم وإثارة غضبنا من هناك".


وتوظف كلمات الأغنية الصور النمطية التي يروجها اليمين المتطرف عن النساء، ففي مقطع منها تقول "ستغادر بملابسك تلك، ومع ‘فاطمتك’، المساعدات الاجتماعية انتهت والقارب لا تنتظر، صدقني سترحل". وتتجاهل الأغنية أن رئيس حزب التجمع الوطني بارديلا، هو أيضا من أصول مهاجرة، إيطالية وجزائرية، كما هو الشأن بالنسبة لإيريك زمور رئيس حزب "استعادة فرنسا" المولود لأبوين من يهود الجزائر، حيث نشر مقطعا له وهو يرقص على كلمات الأغنية قبل ثلاثة أيام فقط والذي وصل إلى 4.5 مليون مشاهدة على منصة إكس.

وعلى الرغم من أن هوية الجهة التي نشرتها أول مرة غير معروفة، لأن الأمر يتعلق بحساب على منصة تيك توك ينتج مقاطع بالذكاء الاصطناعي، إلا أن أنصار اليمين المتطرف تداولوها بشكل كبير، ما دفع منظمة "أس.أو.أس راسيزم" (SOS Racisme) إلى تقديم شكوى بخصوصها بتهمة التحريض على الكراهية.

وأشارت مصادر إعلامية إلى أن الأغنية وصلت إلى الشخصيات البارزة بالحزب، حيث قامت ناشطة يمينية تدعى ميلا بنشر الأغنية على حساباتها، كما رقص على إيقاعات الأغنية زمور في فيديو له على منصة إكس. وأثار الأمر غضبا كبيرا بين نشطاء فرنسيين معلقين على هذه الخطوة بأنها تظهر المستوى الذي وصل إليه اليمين المتطرف الذي أصبح يتباهى بعنصريته بدون خجل.

الأغنية تتجاهل أن رئيس حزب التجمع الوطني بارديلا هو أيضا من أصول مهاجرة إيطالية وجزائرية كما هو الشأن بالنسبة لإيريك زمور المولود لأبوين من يهود الجزائر

◙ الأغنية تتجاهل أن رئيس حزب التجمع الوطني بارديلا هو أيضا من أصول مهاجرة إيطالية وجزائرية كما هو الشأن بالنسبة لإيريك زمور المولود لأبوين من يهود الجزائر

وعلّق الصحافي كلود أسكلوفيتش بمنصة إكس على إيريك زمور قائلا "قبل ربع قرن كنت أحيانا أتناول الغداء مع هذا الزميل، كانت آراؤه بشأن النساء والأجانب مجرد فولكلور.. لكن حقيقة أن يستمتع بهذا العار بهذه الطريقة لا يزال يحيرني". وأكد رفاييل غرابلي، رئيس التحرير المساعد لقناة "بي.أف.أم"، على خطورة الأغنية، فكتب في حسابه "للتذكير، كلمات هذه الأغنية عنصرية صريحة للغاية".

وعلقت ناشطة في إكس "العنصريون يصولون ويجولون من دون رادع، مذهل، لم يعد لديهم أي حدود، ولا أي كرامة". ويعتبر حزب إيريك زمور أن المهاجرين هم أساس مشاكل بلاده، ويتوعد بطرد الأجانب والمسلمين من فرنسا في حالة صعوده إلى الرئاسة. وبسبب تصريحاته المعادية المستمرة أصدرت محكمة الاستئناف في العاصمة الفرنسية باريس في فبراير الماضي حكما ضد زمور، بدفع غرامة قدرها 15 ألف يورو، وذلك بتهمة إثارة التمييز، والتحريض على الكراهية والعنصرية.

وفرض القضاء الفرنسي على إيريك زمور غرامة مالية، بسبب خطاب يتجاوز "الحدود المسموح بها لحرية التعبير" ألقاه ضد الإسلام والمهاجرين، خلال اجتماع سياسي في عام 2019. وكان إيريك زمور قد وصف ارتداء الحجاب بـ"زي جيش الاحتلال" ووصف المهاجرين بـ"المستعمرين". وقضت محكمة الاستئناف بأن تصريحات زمور اتسمت بـ"الإفراط والازدراء وتهدف إلى إثارة الخوف".

وتعين على السياسي اليميني المتطرف دفع 1000 يورو كتعويضات و2000 يورو كتكاليف إجرائية لصالح أربع جمعيات مناهضة للعنصرية. وكانت النيابة العامة والجمعيات المناهضة للعنصرية قد شكلت هيئة أمام محكمة النقض التي أمرت، في شباط/فبراير 2023، بمحاكمة جديدة لزمور.

وجاء احتفاء زمور قبل أيام قليلة على ظهور نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية التي تصدرها اليمين المتطرف، وكشفت عن انقسام كبير في الشارع الفرنسي فقد عمت الفرحة معقل اليمين المتطرف في هينان بومونت، في الوقت الذي سادت فيه المخاوف في مناطق أخرى مثل مرسيليا، ثاني أكبر مدينة في البلاد وموطن الهجرة، حيث يخشى عدد كبير من السكان من وصول اليمين المتطرف إلى السلطة.

وعلق مؤيد لليمين المتطرف على تصدر التجمع الوطني نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية بعبارة "نريد فرنسا!" غير أن أصداء هذا الانتصار عكست انقساما في البلد. ولا يختلف الأمر كثيرا في الإعلام، إذ تكشف العديد من القصص الصحفية اليومية توجهات اليمين المتطرف، حيث تعيش فرنسا على وقع كراهية سياسية وإعلامية ظاهرة للعيان، وتتصدر المشهد قنوات من قبيل "سي.نيوز" المملوكة لرجل الأعمال اليميني فانسون بولوري وقناة "بي.أف.أم" المملوكة لرجل الأعمال باتريك دراهي.

وأضحت البرامج في هذه القنوات خصوصا، وفي المشهد الإعلامي الفرنسي عموما، تقتات على المشاهدات الواردة من برامج نشر الإسلاموفوبيا. ففي فرنسا، وعكس دول غربية أخرى، ظهر النقاش منذ مدة طويلة عن الحق في التعبير عن "الإسلاموفوبيا"، وقال كثيرون إنها لا تُعتبر شكلا من أشكال التمييز العنصري، كما صار السياسيون في غالبيتهم الأهم يتجنبون استعمال لفظ "الإسلاموفوبيا" مستبدلين إياها بعبارات أخرى من قبيل "الكراهية ضد المسلمين" أو "العنصرية ضد المسلمين". وفي فرنسا اليوم يُصوَّر المسلمون والمتعاطفون معهم على أنهم أشخاص خطيرون على حرية التعبير، لكونهم يرغبون في منع أي نقاش حول دينهم، ولذلك يعتبر الرأي العام السياسي والإعلامي في غالبيته أن "الإسلاموفوبيا" ما هي إلا محاولة لفرض رقابة دينية على الأفكار الحرة.

يقرأون الآن