طرحت تساؤلات واستفسارات عديدة عن الاسباب الكامنة وراء قول الامين العام لحزب الله حسن نصرالله مؤخرا، بأنه في حال توقف اطلاق النار في الجنوب، فإن الدولة اللبنانية هي المعنية بالتفاوض واعطاء الأجوبة، ونافيا ان يكون هناك اتفاق جاهز على الوضع في الجنوب كما يشاع، والأهداف المتوخاة من هذا الموقف وفق ما ورد في "اللواء".
مصادر سياسية أشارت الى ان هناك أكثر من سبب، يدعو نصرالله لاتخاذ مثل هذا الموقف، ومنها الرد على المواقف والحملات، التي تتهم الحزب بتجاوز دور الدولة، والتفاوض عنها، بما يختص اي اتفاق او تفاهم يتم التوصل اليه مع إسرائيل لتهدئة الاوضاع واحلال الامن والاستقرار في الجنوب، ومحاولة اعطاء انطباع عام للداخل والخارج، بالتأكيد على دور الدولة بخصوص التفاوض، وعدم وجود أي نية او رغبة لدى الحزب لتجاوز هذا الدور، وان كل ما يقال خلاف ذلك، ليس صحيحا، في حين ان تأكيد نصرالله بحصر مسؤولية التفاوض بالدولة مع الجانب الاسرائيلي ولو بوساطة اميركية، كما يحصل منذ بدء المفاوضات قبل اشهر، لا يبدد ما رسخ من وقائع المفاوضات ومسارها في اذهان اللبنانيين، بدور هامشي للدولة، وليس تقريريا كما هو مطلوب، انطلاقا من المصلحة اللبنانية العليا، وليس لمصلحة ايران او اي جهة اقليمية او دولية، لاسيما بعدما تجاهل الحزب كليا وجود الدولة ومؤسساتها ومسؤوليتها الشرعية،وقام بفتح جبهة الجنوب بقرار منه، بناء على قرار ايراني صرف.
والسبب الثاني، في رأي المصادر ذاتها، تكذيب كل الأنباء المتداولة عن التوصل إلى اتفاق شبه منجز بخصوص الجنوب، بمعزل عن المواجهة العسكرية الدائرة بين الحزب وقوات الاحتلال الإسرائيلي، ليس صحيحا، باعتبار ان التوصل لمثل هذا الاتفاق، قبل وقف اطلاق النار، يعني ضمنا التوصل إلى حل المشاكل والقضايا العالقة، وهذا يلغي الاستمرار في خوض المواجهة المحتدمة جنوبا، بينما أعاد الامين العام لحزب الله التأكيد ان مصير المواجهة العسكرية الجارية في الجنوب، هو الذي يحدد مصير أي اتفاق يتم التوصل إليه.
اما السبب الاهم في اعطاء نصرالله الدولة حصرية التفاوض جنوبا، فهو لاستباق ماُ يحكى عن امكانية التوصل إلى اتفاق، اقل من الطموحات المعلنة، وشبيه بصيغة اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، لناحية التنازل عن بعض المطالب وتعليق نقاط الخلاف الصعبة الى المجهول، ما يعني تحميل الدولة اللبنانية مسؤولية اي اتفاق يتم التوصل اليه بهذه الصيغة، وتملص الحزب من تبعات اي صيغة، دون مستوى التوقعات، او الشعارات والعناوين التي دارت المواجهة تحت سقفها منذعملية طوفان الأقصى وحتى اليوم.
وفي الخلاصة، لم يلغِ تأكيد نصرالله على دور الدولة بالتفاوض مع إسرائيل جنوبا، مسؤولية الحزب عن أي اتفاق يتم التوصل اليه، بعدما باتت تجاوزات الحزب المتواصلة لهذا الدور في كل مفاصل السلطة ومساراتها تطغى على كل الادوار، وإن كان تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية العنوان الابرز فيها، في حين ان الهدف الاساس هو التلطي وراء الدولة، تحسبا لأي مفاجآت غير متوقعة بحسب "اللواء".