إقتصاد

دبي تتصدر عالمياً في استخدام التقنيات بالقطاع العقاري

دبي تتصدر عالمياً في استخدام التقنيات بالقطاع العقاري

أكد مسؤولو شركات تقنية دولية أن دبي باتت تتصدر المنحنى العالمي لاستخدام أحدث التقنيات، في القطاع العقاري، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي وإنترنت الأشياء والبلوك تشين.

وقال المسؤولون إن الاستخدام المتنامي لأحدث التقنيات في القطاع العقاري بات يعد من العوامل التي ساهمت في تعزيز جاذبية القطاع العقاري في دبي للمستثمرين من خارج الدولة، وخاصة الأثرياء الذين تصاعدت شهيتهم للاستثمار في عقارات الإمارة.

وأشار المسؤولون إلى أن التطور التكنولوجي بات يغير ملامح هذا القطاع الحيوي، حيث أصبحت التكنولوجيا أداة أساسية لإعادة تشكيل الطريقة التي نشتري ونبيع وندير بها العقارات، ولا سيما في مدينة تعرف بطموحاتها العالية ورغبتها الدائمة في الابتكار، حيث تقود دبي اليوم حقبة جديدة تعتمد على التكنولوجيا لرفع معايير السوق العقاري إلى مستويات غير مسبوقة، ما يشكل ركيزة جذب جديدة للمستثمرين والأثرياء.وقال مؤسسو ومسؤولو شركات متخصصة في التقنيات العقارية إن مبادرة "ريس للابتكار العقاري" التي أطلقتها دائرة الأراضي والأملاك بدبي في مايو الماضي، وتستهدف وضع دبي على الخريطة العالمية في مجال تكنولوجيا العقار والذكاء الاصطناعي العقاري، تعد بمثابة نقطة تحول في قطاع العقارات في دبي، لدورها في تمكين الشركات من قيادة عملية التحول والابتكار المستهدفة.

وأضافوا: "استطاعت دبي خلال السنوات الماضية إحداث نقلة نوعية تكنولوجية في القطاع العقاري والذي يعتبر قطاعاً محافظاً على مستوى العالم وذا أساليب تقليدية نسبياً ترفض التغيرات الجديدة، والمثير للاهتمام أن دبي تتصدر المنحنى العالمي اليوم في تبني التكنولوجيا وتنفيذها على أرض الواقع، مما يفتح آفاقاً جديدة للاستثمارات وتأسيس شركات ناشئة جديدة في القطاع، فيما يشكل أيضاً نقطة جذب جديدة لنخبة الأثرياء الذي يثيرهم دوماً كل ما هو جديد ومبتكر وغير مسبوق".

والمقصود من تكنولوجيا العقارات هو الاعتماد على نظام تقني مبتكر، بدءاً في طريقة بحث الأشخاص عن العقارات وتأجيرها وشرائها وبيعها، ونهاية بإدارة الأملاك في مرحلة ما بعد البيع.

دبي تتصدر المنحنى

وقال كاران ناغ رئيس مكتب الشرق الأوسط في شركة "أناسيتي" العالمية، إن التكنولوجيا تغير كل شيء في مجال العقارات، وخصوصاً في دبي، ومع التكنولوجيا الموجهة نحو المستهلك، فإن الابتكار هو المفتاح، إذ يفهم المستثمرون الآن التكنولوجيا بشكل أفضل من أي وقت مضى ويبحثون عن حلول سهلة الاستخدام ومتوافقة مع جميع اللوائح، لقد عززت جهود حكومة دبي للتحول الذكي من نمو قطاع "التقنيات العقارية" مما أدى إلى إنشاء نظام بيئي رقمي يعزز النمو والابتكار.

وأضاف، ومن المثير للاهتمام أن "التقنيات العقارية" يمكن أن تجري تحولات كبيرة ومهمة في سوق العقارات في دبي ودولة الإمارات بشكل عام، عبر تبني مزيد من الاستدامة والتحول الرقمي الذي يقود السوق، لافتاً إلى أن المستثمرين مهتمون للغاية، وقد جمعت شركات "التقنيات العقارية" الناشئة في الإمارات ملايين الدولارات في السنوات الخمس الماضية، وقد أدى هذا إلى زيادة المنافسة وأدى إلى حلول أكثر إبداعاً للمستهلكين والصناعة ككل.

وأشار ناغ إلى أن دبي تتصدر المنحنى عندما يتعلق الأمر بتبني التكنولوجيا في العقارات، وبفضل مبادرات الحكومة الرقمية الرائدة، خضعت دبي لتحول رقمي شامل، وقد أدى دفع الحكومة لتبني التكنولوجيا إلى القضاء على العديد من الممارسات القديمة، مثل المعاملات الورقية، واليوم يستضيف قطاع الشركات الناشئة الحيوي في دبي 90 % من الشركات الناشئة في الإمارات ويستحوذ على 60 % من تمويل المنطقة.

وقال ناغ: من خلال تجربتي الشخصية في العمل بمناطق جغرافية مختلفة مثل جنوب شرق آسيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أعتقد أن تبني التكنولوجيا وتنفيذها في دبي أسرع من معظم أنحاء العالم. بالطبع، يعد التوقيت أيضاً عاملاً حاسماً بالنظر إلى النمو السريع في قطاع العقارات جنباً إلى جنب مع التغيير في سلوك المستهلك، فقد تحولت توقعات المستهلكين إلى نهج رقمي أولاً، ومع تولي الجيل Z زمام الأمور، ستصبح التكنولوجيا هي الواقع والمعيار.

وأشار ناغ إلى أن مبادرة "ريس" قد تكون بمثابة نقطة تحول في قطاع العقارات في دبي، فهي تتجاوز الدعم ومشاركة الشكاوى، وتركز على تمكين الشركات من قيادة التحول والابتكار، من خلال التعاون مع الهيئات التنظيمية وشركات التكنولوجيا الأخرى، تضمن "ريس" بقاء دبي في طليعة الابتكار العقاري، وتمكن اللاعبين الرئيسيين من العمل معاً لتحقيق رؤية الحكومة لدبي الرقمية.

وذكر ناغ أن "أناسيتي" هي منصة تكنولوجيا عقارية تعتمد على الهاتف المحمول وتعمل على إحداث ثورة في إدارة العقارات من خلال الابتكار المستمر، وتدير اليوم أكثر من 750 ألف وحدة سكنية وتجارية على مستوى العالم، حيث تمكن إدارة المجمعات من خلال تقديم رحلة رقمية كاملة لجميع السكان والمستأجرين والمستخدمين، إذ نركز في المقام الأول على جعل العمليات اليومية أكثر سلاسة للجميع، مما يجعل الحياة والمعيشة المجتمعية أسهل وأكثر سعادة.

ملكية مشتركة

من جانبه، قال استيفان يوهاس، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة "شارد": يعرف قطاع العقارات على مستوى العالم بأنه قطاع محافظ يعتمد بشكل كبير على الأساليب والإجراءات التقليدية، ومع ذلك، تتمتع دبي بفرصة كبيرة للاستفادة من أحدث الابتكارات التكنولوجية لإحداث تغيير جذري في السوق العقاري.

وأضاف: كما يمكن لسوق العقارات في دبي الاستفادة بشكل كبير من تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز، حيث توفر هذه الأدوات تجارب افتراضية غامرة للمشترين والمستثمرين لاستكشاف العقارات عن بُعد وبمستوى عالٍ من التفصيل والتفاعل، وهذا مفيد بشكل خاص للعملاء الدوليين الذين لا يستطيعون زيارة العقارات شخصياً.

30 مليار دولار حجم السوق

وقال غوراف أيداساني، المؤسس والعضو المنتدب لشركة "يونيون سكوير هاوس": إن القطاع العقاري، الذي لطالما كان يعتمد بشكل كبير على طرق البناء التقليدية، تحولاً سريعاً مدفوعاً بالثورة الرقمية، ووفقاً لأبحاث صادرة عن "بريسيدينس ريسيرش"، بلغ حجم سوق "التقنيات العقارية" العالمي 30.16 مليار دولار في عام 2022، وتشير التقديرات إلى أنه سيصل إلى حوالي 133.05 مليار دولار بحلول 2032، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 16 %.

وأضاف: إن وتيرة اعتماد حلول التكنولوجيا العقارية زادت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، إذ تقوم معظم الشركات العقارية بالاعتماد على نوع واحد على الأقل من التكنولوجيا في عملياتها، وتعكس هذه الإحصاءات التأثير العميق للتطورات التكنولوجية على قطاع العقارات، مما يعزز مستوى الكفاءة ويحسن تجارب المستخدمين ويشجع الممارسات المستدامة. وذكر أن الابتكارات في القطاع العقاري واسعة جداً ولا حدود لها ويتبنى اليوم الكثير من الشركات والمطورين في كل المجالات الفرعية في القطاع بدبي والتكنولوجيا في مختلف عملياتهم بدءاً من الابتكار الجوي إلى الإدارة المؤتمتة للعقارات، أنظمة التحقق البيومترية، الواقع المعزز للتصميم الداخلي، تقنية النانو في مواد البناء، الحوسبة الكمومية، المدن الذكية، التكنولوجيا الجغرافية المتقدمة.

ولفت إلى أن الطائرات من دون طيار تساهم عبر قدراتها المتقدمة في توفير صور جوية مذهلة للمشترين، كما تساعد الإدارة المؤتمتة للعقارات في تتبع العقود وجدولة أعمال الصيانة والتنبؤ بها، إلى جانب أنظمة التحقق البيومترية التي ترسي معايير جديدة في الأمن والراحة، فيما يسمح الواقع المعزز للمستخدمين اليوم بتصور وتصميم المساحات المعيشية الخاصة بهم حسب الطلب قبل إجراء أي تغييرات فعلية، فضلاً عن مساهمة دمج تقنية النانو في مواد البناء في الولوج إلى آفاق جديدة من القوة والمرونة في الأبنية وتدوم لفترة أطول.

استأجر الآن.. ادفع لاحقاً

من جهة أخرى، قال تشارلي برباري - الرئيسي التنفيذي لشركة "إيزي رينت": في حين تتمتع دبي بمكانة رائدة في مجال "التقنيات العقارية"، لا يزال هناك مجال للنمو مقارنة بالمراكز العالمية الراسخة مثل سنغافورة ولندن، وعلى الرغم من هذه المقارنات، تمتلك دبي القدرة على أن تصبح لاعباً رئيسياً في هذا المشهد العالمي لأسباب رئيسية عدة ومنها التزام حكومة دبي الراسخ بالابتكار التكنولوجي مثل إطلاقها لمبادرة "ريس" التابعة لدائرة الأراضي والأملاك، فضلاً عن موقعها الاستراتيجي، والطلب المتزايد على الحلول العقارية المبتكرة والسلسة".

وأشار إلى أن دبي توفر للشركات الناشئة بيئة مثالية للتأسيس والانطلاق والنمو، فقد تأسست شركتنا كجزء من برنامج مسرع في مركز دبي المالي العالمي في يناير 2023 وتقوم على نموذج عمل مبتكر هو "استأجر الآن، ادفع لاحقاً".

وأضاف برباري: نشهد اليوم ارتفاعاً كبيراً في اهتمام العملاء، كما يتضح من الزيادة الملحوظة في تسجيل المستخدمين على منصتنا، ويتماشى هذا النمو المثير للاهتمام تماماً مع تحول كبير في سوق الإيجارات في دبي.

العقارات الحكومية

إلى ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة "ماكرو ديجيتال تك" ألكسندر شكولنيك: إن قطاع التكنولوجيا العقارية هو مجال كبير ينقسم إلى اتجاهات مختلفة، مثل: شركات العقارات شبه الحكومية، قطاع مطوري العقارات، قطاع الوكالات العقارية، ونعتقد أن دبي هي الأفضل في العالم في قطاع العقارات، ويمكننا عبر التكنولوجيا الخاصة بنا أيضاً تحسين وضع دبي في اتجاهات تكنولوجية أخرى.

المعلومات الموثوقة

بدوره، قال رئيس "بروبرتي فايندر"، آري كيسيسوغلو: لقد أصبح للتكنولوجيا دور أساسي لا يمكن الاستغناء عنه في القطاع العقاري وخصوصاً البيانات والمعلومات الموثوقة، فنحن نعتمد على دمج أحدث التقنيات، مثل التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، لتقديم رؤى ودراسات تحليلية مفصلة ودقيقة، لم تكن متاحة في السابق أو كان من الصعب الوصول إليها أو فهمها، مع توفير مستويات عالية من الشفافية في جميع جوانب عمل سوق العقارات، وبالتالي إحداث تأثيرات إيجابية بعيدة المدى".

وشدد كيسيسوغلو على أهمية الابتكار المستمر في سوق دائمة التطور والتغير، حيث نلمس في مجال عملنا تقلباً كبيراً على الطلب، مع حدوث مستجدات يومية، الأمر الذي يحتم على التكنولوجيا مواكبة هذا التطور بالوتيرة ذاتها لإحاطة المستهلك علماً بكل جديد، ولهذا السبب نسعى دوماً لدراسة اتجاهات السوق لابتكار ودمج الأدوات والميزات التي تقدم فهماً معمقاً لكل من الباحثين عن المنازل والوكلاء العقاريين.

خوارزميات الذكاء الاصطناعي

بدوره، قال هاني فراج المؤسس المشارك والمدير التجاري لشركة "كونيكس أيه آي": إن الشركات تستفيد من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدمة (الخوارزميات الجينية) لإحداث ثورة في التصميم المعماري لقطاع العقارات.

وأضاف فراج: إن الحلول التقنية تمكن المهندسين المعماريين والمطورين في الإمارات من تبسيط عمليات التصميم الخاصة بهم، وتعزيز كفاءة المشروع، وتقديم حلول معمارية مبتكرة ومستدامة.

وأكد فراج أن تبني التكنولوجيا المتقدمة، من شأنه أن يحول قطاع العقارات في دبي بشكل كبير، من حيث الكفاءة والسرعة المعززة، وذلك من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد تصميمات مفصلة ومتوافقة مع اللوائح في ثوانٍ، إلى جانب التصاميم المستدامة والمبتكرة، وزيادة القدرة التنافسية، وترسيخ معايير جودة أعلى. وذكر فراج أن دبي اليوم رائدة في تبني التكنولوجيا في قطاع العقارات، وغالباً ما تتفوق على العديد من المدن العالمية بدعم من الكثير من العوامل الرئيسية مثل مبادرات المدينة الذكية، الدعم الحكومي، التركيز على الاستدامة، والجاذبية العالمية، حيث يجذب تبني دبي للتكنولوجيا المستثمرين الدوليين والمواهب المتميزة، مما يعزز قدرتها التنافسية العالمية.

وبالمقارنة مع مدن مثل نيويورك ولندن وسنغافورة، فإن نهج دبي الطموح والشامل للتكامل التكنولوجي يميزها كرائدة في مجال الابتكار العقاري.

يقرأون الآن