الأسد في المحور الإيراني.. كجنبلاط في 14 آذار

في خطابه الأخير لم يتطرق زعيم "حزب الله" حسن نصر الله إلى ذكر اسم سوريا باعتبارها "ساحة" من "ساحات محور المقاومة" التي قد تنخرط أو تشترك في الرد المحتمل على إسرائيل، وكذلك الأمر بالنسبة لخطاب إيران التي تحرك الخيوط من الأعلى، بينما يتجنب المسؤولون فيها الإشارة إلى أي دورٍ محتمل للنظام السوري.

ويطلق هذا المشهد تساؤلات بشأن ما إذا باتت سوريا خارج "المحور الإيراني"؟ ويسلط الأضواء من جانب آخر على الأسباب التي تقف وراء حالة "عدم الانخراط"، رغم الرسائل التي أكد عليها المرشد الإيراني، علي خامنئي مؤخرا، بقوله إنه ينبغي الحفاظ على هوية "سوريا المقاومة".

وتتجه الأنظار في الوقت الحالي إلى طبيعة "الرد" الذي ستنفذه إيران على مقتل زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية في طهران، والخطوة المشابهة التي قد يتخذها "حزب الله" ضد إسرائيل، بعدما قتلت القيادي البارز به فؤاد شكر.

وفي ظل التهديدات المتواصلة، والتحليلات المتلاحقة للمراقبين والخبراء العسكريين، التي تذهب باتجاه تنفيذ "الرد" من اتجاهات عدة، تغيب سوريا عن القائمة المحتملة للمنخرطين.

الساحات المرجحة لا تخرج عن نطاق العراق واليمن وإيران ولبنان، كما استعرضها نصر الله في خطابه قبل أيام، معتبرا أن الأمر لم يعد يقتصر على "جبهات إسناد"، بل "أصبحنا أمام حرب مفتوحة".

وقبل حرب إسرائيل في غزة، ردا على هجوم السابع من أكتوبر، وبعد هذا التاريخ، تعرضت سوريا لسلسلة ضربات جوية إسرائيلية قاسية، كان أبرزها التي استهدفت القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، أبريل الماضي.

وبينما كان النظام السوري بعيدا عن التهديد بالرد، أو حتى تنفيذه بعدما استهدف "العدوان" أراضيه، تولت إيران المهمة، وأطلقت مسيرات وصواريخ باليستية باتجاه إسرائيل، فيما أعلنت الأخيرة التصدي لها، بنسبة 99 في المئة.

سلوك النظام جاء ضمن حالة تكشفت تفاصيلها على نحو أكبر بعد اليوم الأول لهجوم حماس على إسرائيل، وبالتوازي مع اتجاه الأخيرة تنفيذ الضربات الجوية، ونقل السلاح والعتاد إلى الجبهات مع غزة.

وفي حين لم ينخرط النظام على صعيد "التهديد" بالرد، والانخراط بجبهات "المحور"، أقدم من جانب آخر على منع الوقفات والمسيرات المؤيدة لغزة، المناهضة للحرب الإسرائيلية فيها.

ووصل الحال به مؤخرا إلى حد عدم التعليق على ما يجري من تصعيد بين وكلاء إيران وإسرائيل، مع تغيير طريقة تعاطيه مع الضربات الإسرائيلية، من الرد في المكان والزمان المناسبين، إلى التصدي لـ"العدوان" بأنظمة الدفاع الجوي، وانتهاءً بنقل أخبار الخسائر والمكان العام للاستهداف، فقط.

هل خرج الأسد من المحور؟

وفقا لوجهة نظر الكاتب والصحفي اللبناني، منير ربيع "لا يمكن الجزم بأن سوريا أصبحت خارج المحور الإيراني كليا".

ويقول ربيع إنه "يوجد حرص على البقاء في المحور بالمعنى السياسي، وليس الفعلي".

وفي حال أراد النظام السوري الابتعاد عن إيران سياسيا فإن طهران مع "حزب الله" يبقيان المسيطران، ولهما التأثير الكبير على سوريا، على حد تعبير الكاتب اللبناني.

ويشير الباحث السوري في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، أيمن الدسوقي، إلى رسائل من دول عدة كانت وصلت خلال الأشهر الماضية للنظام السوري.

ويوضح لموقع "الحرة" أن تلك الرسائل، التي تطالب النظام السوري بعدم الانخراط في الأحداث الجارية إقليميا، وجدت صداها لدى بشار الأسد.

وجاء الصدى إيجابيا من جانب رئيس النظام السوري، مدفوعا بجملة من التهديدات والحوافز المستندة لـ"مصالح ذاتية"، ليعزز الأسد شعار "سوريا أولا" في السياسة الخارجية السورية، كما يضيف الدسوقي.

وانطلاقا مما سبق، يرى الباحث السوري أن "الأسد يجد في التوترات الإقليمية نافذة لكسر العزلة عن نظامه، وإعادة إدماجه في المعادلات الإقليمية، فضلا عن نيل مكاسب سياسية واقتصادية، مع تخفيف نفوذ (محور المقاومة) في سوريا".

ويتابع أن الأثمان المذكورة تفرض على الأسد "العمل ما أمكنه وفق اعتباراته ومصالحه الذاتية، التي لا تتطابق بالضرورة مع خيارات محور (المقاومة)"، مما يثير مخاوف وانتقادات طهران و"حزب الله" تجاهه.

ويرتبط النظام السوري بعلاقة طيبة مع "حزب الله"، وكذلك الأمر مع الحوثيين في اليمن، والميليشيات العراقية التي شكّلت بعد حرب غزة بـ"المقاومة الإسلامية في العراق".

ورغم استقبال الأسد للقيادي البارز في حماس، خليل الحية، بالعاصمة دمشق، أكتوبر 2022، لم تكسر المصافحة في تلك الفترة الجليد الذي شاب العلاقة بين الطرفين، التي امتدت لسنوات.

ودانت الخارجية السورية قبل أيام حادثة اغتيال هنية في طهران.

ومع ذلك، عكست تعليقات صحفيين مقربين من النظام السوري على مواقع التواصل الاجتماعي حالة من "التشفي"، مما يشير إلى أن الحركة لا تزال غير مقبولة في دمشق وأوساط الأسد، بسبب اتخاذها موقفا ضده، مطلع أحداث الثورة السورية عام 2011.

ويذهب مصدر اعلامي لوصف الرئيس السوري بمحور المقاومة كالزعيم الدرزي وليد جنبلاط في تحالف قوى الرابع عشر من آذار، مرة مع ومرات ضد.

يقرأون الآن