أشادت دولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم السبت، بإعلان المملكة العربية السعودية عن سعيها للوصول إلى الحياد الصفري بحلول العام 2060، وثمنت رؤية قيادتها وحكومتها وشعبها في هذه الخطوة الطموحة والبناءة، وأثنت على عقد "منتدى مبادرة السعودية الخضراء"، وجهود المملكة لإيجاد حلول عملية للتصدي لتداعيات تغير المناخ.
وفي الجلسة الافتتاحية الرئيسية، أقيمت ندوة نقاش بعنوان "العد التنازلي لانطلاق مؤتمر الأطراف "COP26: الحالة الراهنة قبل انعقاد قمة بالغة الأهمية"، وذلك ضمن برنامج المنتدى الذي استمر ليوم واحد في العاصمة السعودية الرياض، تحدث فيها سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والمبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، وقال: "نهنئ المملكة العربية السعودية الشقيقة قيادة وحكومة وشعبا على إعلان مبادرة الحياد الصفري الاستراتيجية.. إن هذه المبادرة تمثل نقلة نوعية في جهود التصدي لتداعيات تغير المناخ وتؤكد على الدور الحيوي الذي يمكن أن تقوم به منطقتنا في إيجاد حلول عملية في هذا المجال".
وشارك في حلقة النقاش إلى جانب الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود، وزير الطاقة في المملكة العربية السعودية، كل سلطان بن أحمد الجابر، وماركو ألفيرا، الرئيس التنفيذي لشركة سنام الإيطالية لشبكات الغاز؛ وباتريشيا إسبينوزا، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
وأوضح سلطان الجابر أنه "ومن خلال توجيهات القيادة الرشيدة في دولة الامارات، فإننا نرحب بخطوات المملكة في مجال العمل المناخي وأننا جاهزون للتنسيق والعمل المشترك لتحقيق أهداف بلدينا الشقيقين ومنطقتنا".
وأكد على الدور المهم للنفط والغاز في تلبية احتياجات الطاقة حاليا وخلال فترة التحول في قطاع الطاقة وفي المستقبل، مشددا على أهمية النظرة الواقعية والعملية والمرنة لمستقبل الطاقة.
كما أوضح أن استراتيجية الإمارات للوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2050 تتماشى مع نظرة القيادة في دولة الامارات، ومع خطط النمو الاقتصادي والاجتماعي وتواكب طموحات خطة الخمسين، وتتميز بأنها واقعية ومرنة وعملية.
وشدد على ضرورة أن يتم تصميم الحلول المناخية بشكل مرن يتلاءم مع احتياجات مختلف الدول بحسب خصوصيات وظروف كل منها، وأن لا يتم فرض نموذج واحد على الجميع، وأن يكون العمل المناخي فرصة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للجميع.
وقال: "تتميز منطقتنا بظروف مناخية قاسية، وعلينا مواصلة الابتكار والعمل للتكيف مع هذه الظروف. وكلي ثقة بأن النهج الشامل القائم على الشراكة، والذي ينظر إلى التحول في قطاع الطاقة كفرصة اقتصادية، هو أفضل طريقة لتحقيق تقدم عالمي مستدام. إن مبادراتنا الاستراتيجية للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050 هي دعوة مفتوحة من الإمارات إلى العالم للمشاركة معنا في تطوير نموذج اقتصادي جديد من أجل النمو والتقدم المستدام".
وأضاف: "من خلال اتباع هذا النهج، يمكن للعالم أن يغتنم فرصة التحول في قطاع الطاقة والاستثمار في حلول منخفضة الكربون لتحقيق الازدهار الاقتصادي للجميع. ولكي يتحقق ذلك، يجب أن تحصل الدول النامية على التمويل والدعم الفني الذي تحتاجه لتحويل أنظمة الطاقة لديها، واتخاذ التدابير اللازمة للحد من تداعيات تغير المناخ".
وأوضح: "نحن بحاجة إلى تفعيل المادة السادسة من اتفاق باريس للمناخ من أجل إنشاء أسواق كربون تساعد في توجيه رؤوس الأموال نحو الحلول منخفضة الكربون".
وأردف قائلا: "يحتاج العالم بصورة ماسة إلى وضع نهج شامل ومرن يتيح لكل دولة شق طريقها الخاص نحو خفض الانبعاثات الكربونية".
وأبرز أن هذه بعض الأسباب التي تجعلنا في دولة الإمارات نتطلع إلى استضافة مؤتمر الأطراف "COP28". وأشار إلى أن الإمارات تتطلع للعمل مع مؤتمرات "COP26"، و"COP27"، و"COP28" ومع أمانة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "UNFCCC"، مبينا أن التقدم في هذه المؤتمرات سيكون رهنا باتباع نهج شامل يجمع كافة القطاعات معا، العام والخاص والأكاديمي والمجتمع المدني، ويجب أن يشمل هذا النهج أيضا "الدول ذات الموارد الهيدروكربونية الكبيرة لدورها المحوري في تحول نظام الطاقة.
وردا على سؤال فريد كيمب، الرئيس والرئيس التنفيذي للمجلس الأطلسي ومدير الجلسة، حول المبادرة الاستراتيجية للسعي لتحقيق الحياد المناخي في الإمارات بحلول عام 2050، أوضح سلطان بن أحمد الجابر أن الهدف الاستراتيجي لهذه المبادرة ينسجم مع مسار التنمية الذي باشرت به دولة الإمارات لتنويع اقتصادها.
وقال: "المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي في الإمارات بحلول عام 2050 هي برنامج اقتصادي يتماشى مع رؤية قيادتنا الرشيدة التنموية لدولة الإمارات للسنوات الخمسين القادمة. ونحن نؤمن أن السعي لتحقيق الحياد المناخي يحفز الفرص الاقتصادية ويعتبر وسيلة لاستثمار هذه الفرص في اكتساب المعرفة وتطوير صناعات جديدة وخلق فرص عمل في مجالات مستقبلية".
وأضاف: "لذلك، كانت دولة الإمارات من أوائل الدول التي بادرت إلى بناء القدرات في مجال الطاقة المتجددة، وأصبحت اليوم تدير ثلاثة من أكبر محطات الطاقة الشمسية وأقلها تكلفة في العالم. وستركز دولة الإمارات على التعاون مع دول المنطقة والعالم لاستثمار هذه الفرص من أجل زيادة قدرة الطاقة المتجددة في الدولة بمعدل أربعة أضعاف لتصل إلى نحو 9 غيغاواط بحلول نهاية عام 2025".
وكشف: "تشكل الموارد الهيدروكربونية حاليا أكثر من 80% من نظام الطاقة العالمي، ويمثل النفط والغاز تحديدا حوالي 55% من هذه الموارد. وسيستمر الدور المهم للنفط والغاز في تلبية احتياجات العالم من الطاقة للعقود المقبلة. وفي الوقت الحالي تلبي مصادر الطاقة المتجددة 7% فقط من الطلب العالمي على الطاقة. مما يعني أننا بحاجة إلى مزيد من الوقت إلى تكون المصادر المتجددة قادرة على تلبية المزيد من احتياجات العالم من الطاقة".
وبخصوص الوضع الراهن لإمدادات الطاقة، قال إن النقص في الإمدادات ناتج عن تباطؤ الاستثمار على المدى الطويل في الوقود التقليدي، ودعا إلى مواصلة وتعزيز الاستثمارات في هذا المجال، مشيرا إلى انخفاض حجم الاستثمار في النفط والغاز بنسبة 15-20% منذ عام 2014، حيث انخفض في العام الماضي بمقدار الثلث مقارنة بعام 2019 رغم ارتفاع الطلب إلى حوالي 100 مليون برميل يوميا.
وأضاف: "في غياب استمرار الاستثمارات في الوقود التقليدي، قد يواجه العالم تقلبات كبيرة في جانب العرض عند حدوث اضطرابات غير متوقعة، مثل الجوائح الصحية، وغيرها. وبالتالي، يجب على دول العالم زيادة الاستثمارات والقيام بما يلزم منها لضمان أمن الطاقة والازدهار الاقتصادي".
يذكر أن مبادرة السعودية الخضراء تهدف إلى رفع مستوى جودة الحياة وحماية الأجيال القادمة في المملكة العربية السعودية وتجمع المبادرة بين حماية البيئة، وتحقيق تحولات كبيرة في قطاع الطاقة، وبرامج الاستدامة للوصول إلى ثلاثة أهداف شاملة ترمي إلى بناء مستقبل مستدام للجميع، وتتمثل في تقليل الانبعاثات الكربونية، وتشجير المملكة العربية السعودية، وحماية المناطق البرية والبحرية.
سكاي نيوز