تَطْعَن إسرائيلُ، بجرأة غير محدودة، فى أكبر مؤسسات العالم، وفى أكثر مصادر المعلومات الدولية مصداقية، إذا صدر عن أى منها أخبار تشير إلى جرائمها أو تطالب بمحاكمة متهميها أو تنتقد سياساتها أو تكشف مؤامراتها أو تذكر بيانات عن ضحاياها وظروفهم غير الإنسانية التى تفرضها عليهم! ووصل الأمر إلى أن بعض مسئولى إسرائيل يشككون فى شرعية الأمم المتحدة! كما يوجهون اتهاماً لمحكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، والتى هى أكبر محكمة فى العالم، بأنها معادية للسامية، وبأنها تلفق الاتهامات ضد إسرائيل وكبار مسئوليها! أما الأكثر غرابة فهو أنه، بالتزامن مع كل هذا، يصدر عن إسرائيل نفسها أخبار موثقة من منابر إسرائيلية رسمية تدعم بعض الاتهامات التى تُوَجَّه لها من الخارج، مثل ما أظهره استطلاع لرأى الإسرائيليين أجراه معهد لازار الإسرائيلى، ونشرته صحيفة (معاريف) الجمعة الماضى، أن ما يصل إلى 69 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون الاغتيالات التى تستهدف قيادات فلسطينية ولبنانية فى الخارج، ولا يكترث مؤيدو الاغتيالات بالعواقب، بما يعنى موافقتهم على تأخير وقف إطلاق النار فى غزة، وعدم ممانعتهم لتعطيل مفاوضات الإفراج عن أسراهم لدى الفصائل الفلسطينية. كما أشار الاستطلاع إلى أن 19 بالمئة فقط هم الذين اعترضوا على الاغتيالات، وأن 12 في المئة لم يكن لهم رأى محدد.
وبحسب هذا الاستطلاع، فإن رئيس الوزراء نيتانياهو قد تحسَّنت مكانته فى أوساط جماهيره، بعد أن كان خسر كثيراً من جماهيريته مباشرة بعد ضربة حماس فى 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضى، فقد أثبت الاستطلاع أنه نجح فى تقليص الفارق بينه وبين منافسه جانتس على منصب رئيس الوزراء، فقد زاد مؤيدو نيتانياهو إلى 39 في المئة، وأصبح مؤيدو جانتس 41 فقط! بما يعنى أن سياسة نيتانياهو التى تتبنى العدوان البشع فى غزة وقتل الأطفال والنساء، إضافة إلى قيامه باغتيالات خارجية، هى التى رفعت نسبة مؤيديه.
مما يثبت أن أغلبية الرأى العام الإسرائيلى تتبنى، كقاعدة ثابتة، سياسة تَتَسَبَّب فى اشتعال مقاومة الفلسطينيين، ما أكَّده استطلاع آخر للرأى أجراه ما يسمى المعهد الإسرائيلى للديمقراطية، فى فبراير الماضى، أن نحو ثلثى يهود إسرائيل (بالضبط 63 في المائة) يعارضون إقامة دولة فلسطينية!