سأكون أول المؤيدين "لو" استطاعت إيران أن تنتصر على إسرائيل، وأسهر حتى الفجر فى انتظار صواريخها والمسيرات، ولكن إذا كان الرد "مسرحية هزلية" فهذا يلحق بالمنطقة دماراً على غرار غزة، والأفضل ألا تفعل وتصمت عن التصريحات البالونية، لدخول حرب غير متكافئة فى مواجهة اسرائيل والغرب وأمريكا، قد تؤدى الى تدمير بنيتها الأساسية ومرافقها الحيوية وتجد نفسها بمفردها دون دعم أو مساندة.
وأتمنى ألا يفعل حزب الله ونصر الله مثل حماس والسنوار وتكون النتيجة دمار لبنان، ويكفى هذا البلد الجميل ما يتعرض له من خراب، وإذا قام بضربات تنسيقية مع إيران، فهذا ينذر بحرب إقليمية، ولا يمكن التكهن بمسار التصعيد وتداعياته، وحفظ الله لبنان بلد المحبة والسلام والبحر والجبل وغابات الأرز ودير القمر ونهر إبراهيم والفنون وفيروز ووديع الصافى وأشجار الأرز.
إيران ليس لها حدود مشتركة مع إسرائيل، والمسافة بينهما حوالى 1800 كيلومتر وزمن وصول المسيرات والصواريخ لا يقل عن ساعتين وقد يمتد لعشر، وهى مدة كافية لتأخذ الدفاعات الاسرائيلية المتقدمة جداً استعدادها، وأنظمة بريطانية وفرنسية على أهبة الاستعداد للتدخل، وحلف شمال الأطلنطى على غرار سيناريو أوكرانيا، وخلق حالة من الفوضى العارمة وإغلاق المجال الجوى وحركة الطيران فى المنطقة كلها.
إيران تلحق الضرر بجيرانها وتنهك سيادتها إذا مر مسار الصواريخ والمسيرات عبر الأجواء العراقية والأردنية، ولن تسمح الدولتان بالتورط فى صراع محفوف بالمخاطر، وقد تجد نفسها مضطرة للدفاع عن سيادتها حتى لا تتورط فى نزاع ليس لها فيه ناقة ولا جمل.
نجح نتنياهو فى جر المنطقة على حد السيف ويمضى فى خطة إعادة رسم خريطتها لصالح اسرائيل، ليكون القوة الوحيدة صاحبة الذراع الطويلة بدعم أميركي وغربي، وتدخل منحى أكثر خطورة إذا قامت اسرائيل بضرب المحطات النووية الإيرانية، وقد تجد طهران نفسها مضطرة للرد بنفس الأسلوب ليحل الخراب بالمنطقة كلها.
المقاومة ليست انتحاراً والعقيدة القتالية هى القوة فى مواجهة القوة، وأن يقتنع أصحاب الشعارات أن البندقية لا يمكن أن تنتصر على الصاروخ، وإسرائيل عندها من يمولها بالسلاح والذخيرة ويعوض خسائرها، بعكس الدول التى لا تستطيع إلا تدبير متطلبات الحياة الأساسية لشعوبها.
الحرب ليست لعبة "الحوت الأزرق" على الكمبيوتر.. فلا تسهروا فى انتظار الرد الإيرانى ولا تغضبوا إذا لم يحدث، أنها أهوال تشبه الزلازل والبراكين، وأسلحة فتاكة تخلف وراءها خراباً شاملاً وقتلى ومشوهين وأطفالا أيتاما ودماء لا تجف.
لا أتمنى أن تشتعل النيران فى اليمن وسوريا ولبنان والعراق، فليس ذنب شعوبها أن تدفع فاتورة غيرها، وهى خارجة لتوها من فوضى الإرهاب، وتكاد تتذوق طعم الاستقرار، ويكفى ما تفعله إسرائيل فى غزة.
أخبار اليوم