خلال الأسابيع الماضية شهدت المنطقة الحدودية المصرية مع السودان أمطاراً غير مسبوقة.
ما لفت الأنظار إلى حصة مصر من المياه العذبة لهذا العام، وسط تساؤل البعض حول ما إذا كان الأمر طبيعياً أم هو نتاج تغير مناخي إيجابي لصالح البلاد.
في هذا السياق، قال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، في تصريحات لـ"العربية.نت" إن "أمطار منطقة النوبة في مصر والسودان هي بالفعل غير مسبوقة في العصر الحديث".
وأوضح أن "الأمطار قد تهطل بغزارة لمدة 3 ساعات في يوم أو يومين على الأكثر، فيما يسمى بالسيول المفاجئة".
غير أن اللافت، حسب شراقي، هو "استمرار هطول الأمطار لأكثر من 12 يوماً متواصلة خلال الشهر الحالي، ما يؤكد أنها ليست سيولاً فجائية كما اعتدنا في مصر، لكنها جزء أساسي من حزام الأمطار في المنطقة الممتدة من جنوب الخليج العربي وحتى المحيط الأطلنطي، حيث حدثت إزاحة إلى الشمال، لتشمل الأمطار جنوب الجزيرة العربية، وحلايب وشلاتين، وبحيرة ناصر، وأبو سمبل، وجبل العوينات، وجنوب ليبيا وشمال كل من تشاد والنيجر ومالي وجنوب موريتانيا"، مضيفاً أنه "في الوقت نفسه انخفضت الأمطار عن المتوسط على سواحل غرب إفريقيا المعروفة بالأمطار الغزيرة".
كما أردف أن "جبل العوينات كان يعتبر في العصور المطيرة بمثابة برج المياه في شمال أفريقيا، حيث تنبع منه الأنهار المتجهة إلى جميع الاتجاهات منها غرباً لتغذية بحيرة تشاد، وكان أيضاً رئيسياً في تغذية خزان الحجر الرملي النوبي الممتد في صحراء مصر الغربية والسودان وتشاد وليبيا، فيما يشكل حالياً أحد أكبر الخزانات الجوفية بالعالم".
كذلك مضى قائلاً إن "التقديرات الأولية تشير إلى أن كمية الأمطار التي هطلت في الفترة من 1 إلى 10 أغسطس داخل مصر فقط قدرت بحوالي 2.5 مليار م3، وصل منها إلى بحيرة ناصر نحو 200 مليون م3 (8% فقط) كأمطار مباشرة، ومن مخرات السيول أهمها وادي العلاقي، وهي تعادل تقريباً كمية المياه التي تصرف من السد العالي يومياً خلال الصيف في فترة أقصى الاحتياجات".
وأفاد أن "الأراضي الزراعية في توشكى، وحلايب وشلاتين، وأبو سمبل نالت جزءاً من الأمطار، في حين وزعت بقية كميات المياه على السطح المتعطش للمياه منذ مئات السنين، لأن معظم الأراضي شبه مسطحة، ما أدى إلى تكون برك مائية في بعض الأماكن، سرعان ما تختفي نتيجة التبخر الشديد والتسرب تحت سطح الأرض بسبب الطبيعة الرملية".
"ظاهرة إيجابية"
كما كشف أن "الأمطار هدأت منذ الأحد 11 أغسطس حيث اقتصرت على منطقة جبل العوينات كأمطار خفيفة، لكن لا يوجد تأكيد على نهاية المشهد المطري النادر الذي تعرضت له مصر والمنطقة، إذ من الممكن أن تعود الأمطار التي شهدتها مرة أخرى، أو تنتهي بالتدريج".
فيما ختم قائلاً: "إلا أنها تعد ظاهرة إيجابية بالنسبة لمصر التي تعاني من ندرة المياه وقلة الأمطار وامتداد الأراضي الصحراوية".