رغم أن التواجد البريطاني للإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس أعطى دول الحاضرة العربية كحال مصر والعراق واليمن الجنوبي التي تواجد على أرضها تحت مسمى الحماية أو الانتداب أو الاستعمار - ولا تهم التسمية - أكثر بكثير مما منحه للدول الخليجية، حيث أوصل تلك الدول العربية لمصاف دول العالم الأول عبر خلق المدارس والجامعات الحديثة للنساء والرجال، وأقام المستشفيات وحملات التطعيم والزراعة والصناعة، وإنشاء البنوك والمراكز المالية والبرلمانات والصحافة الحرة، وحفر القنال والموانئ والقطارات والمطارات وشركات الطيران، ودافع عن تلك الدول إبان الحروب العالمية والإقليمية وضم لها دولاً كحال السودان لمصر والموصل للعراق، إلا أن تلك الدول حاربت بريطانيا في الأغلب لحساب إمبراطوريات أخرى كحال الدولة العثمانية أو الاتحاد السوفييتي ونست القوى العربية التي سميت بالوطنية أن الأخيرتين هما أكبر دولتين مستعمرتين بالتاريخ.
بالمقابل قبلت الدول الخليجية بوجود القوى الغربية البريطانية، ولاحقاً الأميركية بالتراضي ولم تطلق الرصاص عليها وعندما طلبت منها الرحيل رحلت دون مشاكل، وبسبب تلك العلاقة الوثيقة فتح الغرب جامعاته ومراكز أبحاثه واخترعاته ومصانع أسلحته للدول الخليجية فأثرت وانتصرت الدول التي تحالفت معه وعندما اُحتلت الكويت لم يتركنا الغرب كما ترك المعسكر الشرقي الدول العربية الحليفة له كي تُهزم وتحتل أراضيها دون أن يحرك ساكناً بل إن مصر حررت سيناء مرتين بسبب ضغوط الولايات المتحدة وليس الاتحاد السوفييتي على إسرائيل وقد أثبتت العلاقة الخليجية مع الغرب أنها علاقة تثري الدول وتفيد الشعوب بينما أثبتت العلاقة العربية مع الاتحاد السوفيياتي أنه يتسبب بإفقار الشعوب وفقدانها لمستلزمات الحياة الضرورية، إضافة إلى دعم الأنظمة الثورية الإبادية الموالية له كحال صدام والقذافي ومن لف لفهم..
آخر محطة:
تقتضي تجارب الماضي المعاش ومعها أبسط قواعد الحكمة والعقل أن نراهن على الأحصنة الرابحة لا الخاسرة، وألا نعادي من لا يعادينا من الدول المؤثرة بالعالم التي تضر وتنفع... لو طبقت تلك البديهيات وتلك الروشتة الخليجية الناجحة على دولنا العربية بدلاً من الروشتة الثورية العربية لكانت دول الإقليم جميعاً لا تقل رفاهاً وتقدماً وسعادة عن الدول الخليجية ودول العالم المتقدم.