رسم فريق من العلماء خريطة ثلاثية الأبعاد لمناظر طبيعية غارقة "محفوظة بشكل جميل"، تحيط بمدينة مغمورة تحت الماء قبالة سواحل كرواتيا، عمرها 7000 عام.
وتأتي جهود الفريق في أعقاب اكتشاف طريق قريب يعود إلى العصر الحجري في أعماق البحر الأدرياتيكي (الذراع الشمالية للبحر الأبيض المتوسط) العام الماضي، والذي كان يربط هذه المدينة القديمة بالبر الرئيسي.
وتم بناء المدينة، المعروفة باسم سولين، على كتلة أرضية اصطناعية من قبل ثقافة هفار القديمة. ولكنها بدأت تغرق ببطء قبالة ساحل كرواتيا مع ارتفاع مستويات سطح البحر نتيجة ذوبان الأنهار الجليدية في العصر الجليدي الأخير، الذي بدأ حوالي 12 ألف قبل الميلاد.
والآن، يأمل فريق دولي من العلماء في استخدام هذه المعالم الجغرافية الغارقة "المدهشة" والفريدة من نوعها، لمساعدتهم في وضع استراتيجية لبحثهم الأعمق عن المزيد من المواقع، واكتشاف التحف القديمة المغمورة لشعب هفار.
وعُثر على المناظر الطبيعية تحت الماء بالقرب من ثاني أكبر مدينة في كرواتيا، سبليت، حيث سافر عالم الآثار الجيولوجي الدكتور سيمون فيتش، في آذار/مارس 2023 لبدء أول مسح لقاع البحر باستخدام أحدث أجهزة استشعار الزلازل ثلاثية الأبعاد تحت الماء.
وأوضح فيتش: "هناك أنهار ومصبات محفوظة بشكل جميل مدفونة تحت ما هو الآن قاع البحر. البيئة الفريدة للمنطقة المحيطة بسبليت حافظت على الكثير منها".
وكان البحر الأدرياتيكي، الذي يفصل كرواتيا عن إيطاليا، طريقا تجاريا قديما بين الشعوب المرتبطة به والبحر الأبيض المتوسط الأكبر المجاور.
وأسفرت الاستكشافات السابقة لمياهه عن استخراج قطع أثرية رومانية وحطام سفينة عمرها 2200 عام، ومستوطنة هفار أخرى في خليج غرادينا القريب، وفقا لجامعة زادار.
ويعتمد المشروع الجديد على المبادرات الأخيرة للدكتور فيتش باستخدام بيانات تعدين البترول البحرية، التي أنشأتها وتبرعت بها شركة Petroleum Geo-Services التي تجمع خرائط جيولوجية ثلاثية الأبعاد باستخدام معدات زلزالية مماثلة لبيانات التحذير من الزلازل.
وسيساعد الفهم الأفضل لحياة شعب هفار على فهم كيفية تعامل الحضارة البشرية السابقة مع ارتفاع مستويات سطح البحر بسبب تغير المناخ.
يذكر أن علماء الآثار بدأوا في تحقيق اكتشافاتهم المدهشة في هذا الجزء من البحر الأدرياتيكي، بعد تحليل صور الأقمار الصناعية للمياه حول موقع سولين المغمور بالمياه، والذي تم اكتشافه في عام 2021 قبالة ساحل جزيرة كورتشولا الكرواتية.
وأشار تحليل الكربون المشع للأخشاب المحفوظة إلى أن مستوطنة سولين تعود إلى زهاء 4900 قبل الميلاد.