العراق

"سرقة القرن" و"التجسس" يدفعان الوضع السياسي العراقي إلى الهاوية

يصف مراقبون أن ما يحصل في العراق من "انفجارات فضائح الفساد المالي والسياسي والإداري"، تعكس تأزم الوضع السياسي في البلاد، خاصة بعد صفقة القرن والضجة الكبيرة التي أحدثتها تصريحات رئيس هيئة النزاهة الاتحادية حيدر حنون بهذا الخصوص، إلى جانب شبكة التجسس التي تم الكشف عنها مؤخراً في داخل مكتب رئيس الوزراء، وغيرها من الفضائح "التي تظهر في كل يومين والثالث والتي ربما هي محاولات لجذب انتباه المواطن للتغطية على موضوع آخر"، بحسب المراقبين.

وجاءت تصريحات رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون، أول الأربعاء، "لتكشف مرة أخرى عن فضائح النظام السياسي والاقتصادي في العراق، والحجم الخطير لهذا الفساد في الهيمنة واحتكار السلطات المختلفة لتحقيق مكاسب مادية واقتصادية، فقد كشفت هذه التصريحات اندلاع نوع خطير من الصراع على السلطة والنفوذ والمال بين أطراف محورية كبيرة في النظام السياسي"، وفق مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل.

"فضائح متكررة"

ويضيف فيصل، أن "الفضائح المتكررة سواء لنور زهير وصفقة القرن ونهب المليارات والمغادرة بطائرة خاصة وجوازات سفر دبلوماسية وحسابات بالمليارات في الخارج، تكشف أن القضية لا ترتبط بنور زهير وشبكة الفساد المرتبطة به فقط، بل ترتبط بقيادات موجودة في الوزارات والأحزاب والمؤسسة التشريعية وغيرها، كما أن زهير أشار بوضوح إلى تقديمه رشاوى لمختلف القيادات الحزبية والسياسية".

ويتابع، "ثم جاءت فضيحة شبكة التجسس في مكتب رئيس الوزراء لتعكس حجم انعدام الثقة بين الحكومة والأجهزة الأمنية والسلطات المختلفة في مجلس النواب، أو على صعيد الحكومة والمؤسسات الأمنية أو قيادات الأحزاب أو الشخصيات".

ويمضي في حديثه: "وأمام هذه الظاهرة اندلعت تصريحات حيدر حنون في حالة دفاع عن نفسه لموضوع يتعلق بملاحقته قضائياً بسبب حصوله على قطعة أرض بمساحة 600 متر في محافظة ميسان، لكنه وفي الدفاع عن نفسه كشف في الوقت ذاته خطورة الصفقات الموجودة وأشار حنون إلى صفقة 22 مليار دولار التي تتعلق ببناء سكة حديد في الفاو، ورغم فيها شبهات فساد كبيرة لكن تمت التغطية عليها بعد استلام القضية أحد القضاة".

ويرى فيصل، أن "ما يحصل اليوم من انفجارات لفضائح الفساد المالي والسياسي والإداري في العراق تأتي في ظل سطوة التنظيمات السياسية التي احتكرت السلطة منذ عام 2003، والتي فشلت إلى يومنا هذا في بناء نظام سياسي ديمقراطي يضمن حقوق الإنسان والعيش بكرامة بعيداً عن المظاهر الخطيرة من البطالة والفقر والجوع والتخلف وانعدام الأمن والاستقرار وغيرها".

من جهته، يوضح النائب المستقل، باسم خشان، بالقول: "عندما تحصل أحداث مهمة يكون لها ارتدادات وتدخل أكثر من جهة فيها، وكانت القضية الأساسية هي نور زهير، وكان المتهم في يد القضاء لكنه تم إطلاق سراحه بقرار قضائي غير صحيح، لأن نتائجه واضحة حيث إن المتهم الذي كان في يد الدولة أصبح حالياً خارج العراق وقرار عودته من عدمها يعود إلى شخصه فقط".

ويضيف خشان، "أما تصريحات القاضي حيدر حنون الأخيرة فهي خطيرة، وحالياً هناك جميع للتواقيع وصلت إلى حدود 80 نائب لاستضافة حنون والوقوف على هذه التصريحات ومعرفة حقيقتها".

"تأزم سياسي"

بدوره، يرى عضو ائتلاف دولة القانون، سعد المطلبي، أن "هناك خلافاً شخصياً بين جهات مختلفة، وهناك من استعان بالإعلام لمهاجمة المختلفين معهم، لكن مهاجمة القضاء بهذا الشكل من قبل رئيس هيئة النزاهة عمل غير مدروس وغير صحيح، حيث إن توجيه اتهامات عبر الإعلام طرح غير مجدي، وأن المحاكم هي التي تبين الحقائق وليست الاستعراضات الإعلامية، والقضية في الغالب هي نتيجة خلاف شخصية".

ويصف المطلبي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، الوضع السياسي الحالي بـ"المتأزم"، مبيناً أن "في كل يومين والثالث تظهر مشكلة جديدة، وربما هي محاولات من بعض الجهات لجذب انتباه المواطن للتغطية على موضوع آخر".

أما النائب المستقل، أمير المعموري فقد كشف عن وجود "رغبة عند البعض بإنهاء ملف نور زهير وسرقة القرن عند هذا الحد خاصة بعد حديث هيئة النزاهة"، مؤكداً على أهمية "استرجاع المال العام ومحاسبة نور زهير ومن تعامل معه وساعده في عملية الاستحواذ على المال العام والتزوير".

ويبين المعموري لشفق نيوز، أن "ملف نور زهير وسرقة القرن هو تحت أنظار مجلس النواب سواء تحدث به رئيس هيئة النزاهة أم لا، لكن رئيس هيئة النزاهة بحديثه الأخير كأنما نوّه مجلس النواب بأن الموضوع لم ينته وهناك أمثال لنور زهير موجودين في العراق".

"أما بخصوص دعوة رئيس هيئة النزاهة لاستضافته واستجوابه من قبل مجلس النواب بشكل علني مع من ذكرهم من القضاة بأن هناك شبكة أخرى موجودة ويجب الكشف عنها، فإن مجلس النواب جمع تواقيع لعملية الاستضافة، وهناك توافق بهذا الشأن، وبانتظار أن تحدد رئاسة مجلس النواب موعد الجلسة"، يقول المعموري.

وكان رئيس هيئة النزاهة الاتحادية حيدر حنون، عبّر عن استيائه الشديد خلال مؤتمر صحفي عقده في أربيل، أول أمس الأربعاء، خصص للكشف عن خفايا "سرقة القرن" التي هزّت الأوساط السياسية في البلاد.

وقد أبدى رئيس النزاهة، غضبه العارم بسبب ما وصفه باستضعاف الهيئة واختفاء ملفات من قضية المتهم نور زهير لدى القاضي ضياء جعفر، مؤكداً أن هذه التطورات تشكل تحدياً كبيراً لجهود مكافحة الفساد واستعادة أموال الدولة المنهوبة.

وأوضح حنون خلال المؤتمر، الذي حضرته وكالة شفق نيوز، أن ملف نور زهير، الذي تم إحالته إلى محكمة الجنايات المركزية، يحتوي على 114 صكاً مالياً، مشيراً إلى أن القانون يقتضي فتح 114 قضية منفصلة، إلا أنه تم التعامل معها كقضية واحدة.

وأضاف حنون: "أريد من البرلمان أن يسألني لماذا تم فتح قضية واحدة فقط، رغم وجود جرائم أخرى لنور زهير، منها التلاعب بـ420 دونماً من الأراضي في البصرة، والتي تم تسجيلها بأسماء وهمية"، مشيراً إلى أن "هذه القضية تم نقلها إلى بغداد بناءً على قرار القاضي ضياء جعفر لفتة".

وتابع حنون بأن "هناك قضايا فساد أخرى تم الكشف عنها، بما في ذلك سرقة سكك حديدية تقدر قيمتها بـ18 مليار دولار، حيث تم بيع السكك بالكامل ولم يتم اتخاذ أي إجراء من قبل القاضي ضياء جعفر منذ شهرين".

وخلال المؤتمر، أكد حنون أن "نور زهير متورط في سرقة الودائع الجمركية بما يزيد عن تريليون دينار"، مطالباً "بعقد جلسة علنية بحضور القاضي ضياء جعفر لكشف الحقائق كاملة أمام الشعب".

ووجه حنون اتهامات للقاضي ضياء جعفر، مؤكداً أن الأخير أصدر أمر قبض بحقه، وأنه يلاحقه بشكل شخصي.

يقرأون الآن