من المألوف جدا، الاستماع إلى حوار مستمر داخل رؤوسنا؛ يمكن أن يتضمن إعطاء تعليمات أثناء القيام بمهمة، أو ملاحظات عشوائية حول موقف ما، هذا السرد الداخلي الذي نحمله عن أنفسنا، يشار إليه غالبا بالحديث الذاتي أو الصوت الداخلي؛ فما مصدر هذا الصوت وهل نوليه اهتماما؟
في علم النفس يُعرف الحديث الذاتي بأنه مزيج من المعتقدات الواعية وغير الواعية، والتحيزات التي نتمسك بها تجاه أنفسنا والعالم بشكل عام.
كان سيغموند فرويد أول من أبرَز بأن لدينا مستويات من التفكير الواعي وغير الواعي، مع العمليات المعرفية اللاواعية التي تؤثر على سلوكنا بطرق لا ندركها، لذلك يمكن أن يكون الحديث مع النفس إيجابيًا أو سلبيًا.
لكن غالبًا ما تكون أنماط حديثنا الذاتي سلبية، فنحن نركز على الأفكار المسبقة بأننا "لسنا جيدين بما فيه الكفاية" أو "دائمًا فاشلون "، لأن أدمغتنا مصممةٌ لتذكر التجارب السلبية أكثر من التجارب الإيجابية، خاصة أننا نعيد استرجاع الأحداث التي لم نفهمها بشكل صحيح، في أذهاننا، ثم تتأجج مشاعرنا السلبية.
فوائد الحديث الذاتي الإيجابي
يؤكد الكاتب والطبيب ديباك تشوبرا في دراسات عديدة، أن الحديث الذاتي الإيجابي، له تأثير كبير على الطريقة التي نرى بها أنفسنا والعالم من حولنا، ويشدد على أهمية استخدام التأكيدات الإيجابية اللفظية، في تنمية الحديث الذاتي الإيجابي، وهي طريقة مهمة لتسليح النفس ضد التحديات، بعقلية أكثر انفتاحًا وتفاؤلًا، بفضل ثلاث مزايا وهي:
- تقليل التوتر
- تعزيز الثقة والمرونة
- بناء علاقات أفضل
من ناحية أخرى، تصف دانييل تورنر مدربة الرعاية الذاتية والصحة العقلية، التأكيدات الايجابية بأنها "شبيهة بالتعويذات السحرية الخاصة؛ فهي فلسفة شخصية تعبر عن هويتنا، وما نؤمن به، والأهم من ذلك، ما نحن قادرون عليه. إذ يمكن أن تساعدنا عبارة محددة على تركيز نوايانا وتهدئة عقولنا".
وتقترح تورنر تكرار التأكيدات الإيجابية السبعة، التي صممتها لعملائها، لمواجهة وابلٍ من الأفكار السلبية المتشائمة.
1- "أنا أركز على الإيجابيات في حياتي"
من المفيد تحويل الانتباه نحو ايجابيات كثيرة موجودة من حولنا بدلاً من التركيز المفرط على الموقف السلبي الذي يحدث معنا.
2- "مشاعري السلبية مؤقتة"
السماح للمشاعر السلبية بالوجود هي الخطوة الأولى، بينما تتضمن الخطوة الثانية الاعتراف بهذه المشاعر على أنها عابرةٌ، مثل الأمواج تأتي وتذهب.
3- "أشعر بالرضا عن نفسي رغم كل شيء"
يمكن أن يتسبب التوتر في تدني احترام الذات؛ لكن ترديد هذا الشعار هو تذكير لأنفسنا، بأننا نعرف بالفعل كيف نشعر بالرضا عن أنفسنا، رغم كل الظروف السلبية.
4- "أنا لست هذا الوقت العصيب"
نحن نسمح بشكل خاطئ للتوتر والتجارب السلبية بتحديد هويتنا، بينما هي مجرد مواقف نعيشها، فعوض النظر إلى الأوقات الصعبة على أنها انعكاسات عن أنفسنا، نستخدم هذه العبارة كتذكير بأن قيمتنا تتجاوز ظروفنا الشاقة.
5- "لدي الصبر والتعاطف مع نفسي"
الصبر والتعاطف مع الذات ضروريان للتغلب على الشعور بالمرارة بسبب الأشياء التي كان بإمكاننا القيام بها بشكل مختلف، أو أكثر فاعلية.
6- "سأتغلب على هذا التحدي"
قد يكون الطريق إلى النصر صعبًا، لكن بواسطة هذه الجملة البسيطة، نتذكر بأننا سنصل حتما إلى الضوء، في نهاية النفق المظلم، مع إحساس أكبر بالثقة والأمل.
7- "لن أقضي على نفسي بسبب أشياء لا أستطيع السيطرة عليها"
في خضم الأزمات، قد تكون نظرتنا للواقع غير موضوعية، مع كثير من التهويل والمبالغة، وتعد هذه الجملة مفيدة جدا، في إعادة تقييم تفاصيل المواقف الصعبة، التي يمكن التأثير فيها أو تغييرها، والاستمرار في المضي قدمًا.
وللاستفادة القصوى من هذه التأكيدات الإيجابية، ينصح الخبراء بالتدرب على قولها أمام المرآة، كما تعتبر الإشارات المرئية تذكيرًا ممتازًا لتبني نهج أكثر إيجابية؛ فعلى سبيل المثال يمكن للملصقات ذات التعبيرات الإيجابية في المنزل ومكان العمل، أن تحدث فرقًا كبيرًا في طريقة تفكيرنا اليومية.
سكاي نيوز