نتنياهو ليس المسؤول الوحيد

من المغالَطات التى تتعارض بالمطلق مع ما لا يحتمل تأويلات متعددة، كما أنها لا تحترم عقول متلقيها، أن يقال إنه لا توجد قوة قادرة على وقف رئيس الوزراء الإسرائيلى نيتانياهو فى غزة أو فى لبنان! والغريب أن القائل هو جوزيب بوريل، المفوض السامى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية فى الاتحاد الأوروبى، وهو صاحب خبرات سياسية عريضة فى بلاده، إسبانيا، حيث تولى عدة مناصب وزارية، ثم فى البرلمان الأوروبى، قبل أن يتولى منصبه الرفيع فى العام 2019، وهى سنوات عمل حافلة بخبرة السياسة العملية، وبالمعرفة الدقيقة بتفاصيل كثيرة، منها أسرار كثيرة غير مُعلَنة، وكلها معلومات تؤكد له أن نيتانياهو يُمَثِّل الدولة الأكثر اعتماداً على غيرها فيما يتعلق بنشأتها، ثم ببقائها واستمرار حياتها، ليس فقط بدعمها مجاناً بأفضل وأحدث الأسلحة، وإنما أيضاً بمدها بكل احتياجاتها الاقتصادية بمنح لا تُرَدّ، والأهم بتوافير حمايتها عالمياً فى كل جرائمها، وتعطيل مساءلتها، وأن كل هذه الاختلالات فى تكوينها وممارستها تجعلها الأقرب إلى الانصياع إلى تدخل من يمدها بالحياة! ولكن لا تتوفر إرادة من يمدونها بالحياة للضغط الحقيقى عليها! لذلك، فمن المؤكد أن السيد بوريل على يقين بأنه كان الأصح أن يَذكر عدم الرغبة فى إيقاف إسرائيل، وليس، كما قال، عدم القدرة فى إيقاف نيتانياهو.

أضِف مغالَطة أخرى جاءت فى عبارة بوريل، عندما حَمَّل نيتانياهو شخصياً مسئولية ما تفعله إسرائيل، فى حين أن نيتانياهو يرأس حكومة ائتلافية تَشَكَّلَت ديمقراطياً، بحصول تكويناتها معاً على أغلبية أصوات الناخبين، كما أنها تمارس سياساتها تلبية لاختيارات وإرادة الأغلبية الشعبية التى لا تعترض إلا على بعض القضايا، التى لا تمسّ ما يذكره بوريل، ومنها ما يخص تراخى الحكومة فى قضية عودة الأسرى إلى ذويهم. بل إن المعارَضة الرئيسية أيضاً لا تختلف مع الائتلاف الحاكم فى المسائل التى يشير إليها بوريل! وجاء ما يؤكد هذا مباشرة عقب إعلان إسرائيل اغتيال حسن نصر الله مساء الجمعة الماضى، بعد ساعات قليلة من تصريح بوريل، حيث أسرع ممثلو المعارَضة فى الإعراب عن تأييدهم للاغتيال!.

الأهرام

يقرأون الآن