دولي

قوات أميركية في المنطقة.. خطوة نحو السلام أم نحو الحرب؟

قوات أميركية في المنطقة.. خطوة نحو السلام أم نحو الحرب؟

مع توسع الهجوم الإسرائيلي في لبنان ليشمل توغلات برية وغارات جوية مكثفة، يناقش كبار المسؤولين في البنتاغون ما إذا كانت الزيادة في الوجود العسكري الأميركي في المنطقة تجمح الحرب التي على وشك الاتساع، أم تساهم في تأجيجها.

وخلال الاثني عشر شهرًا التي تلت هجوم حماس على إسرائيل، والذي أسفر عن صراع يشمل اليمن وإيران ولبنان، أرسل البنتاغون مجموعة من الأسلحة إلى المنطقة، بما في ذلك حاملات الطائرات، ومدمرات الصواريخ الموجهة، وسفن الهجوم البرمائية، وأسراب المقاتلات.

إلا أنه أعلن هذا الأسبوع أنه سيرسل "بضعة آلاف" من القوات الإضافية إلى المنطقة، وضاعف تقريبًا من القوة الجوية الأميركية الموجودة هناك.

وحول أسباب ذلك الانتشار، قال الرئيس جو بايدن إن العتاد الأميركي والقوات الإضافية تهدف إلى مساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها وحماية القوات الأميركية في القواعد المنتشرة في المنطقة.

وفي مقابلة يوم الخميس، قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية، سابرينا سينغ، إن قيادة الوزارة لا تزال "تركز على حماية المواطنين الأميركيين والقوات في المنطقة، والدفاع عن إسرائيل، وخفض التصعيد من خلال الردع والدبلوماسية"، مشيرة إلى أن الوجود الأميركي الأكبر يهدف إلى "ردع العدوان وتقليل خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع".

ومع ذلك، أعرب العديد من المسؤولين في البنتاغون عن قلقهم من أن إسرائيل تشن حملة متزايدة ضد جماعة حزب الله اللبنانية، أقوى وكيل لإيران، مع علمها بأن أسطولًا من السفن الحربية الأميركية وعشرات الطائرات الهجومية مستعدون للمساعدة في صد أي رد إيراني.

وقالت دانا سترول، المسؤولة السابقة عن سياسة الشرق الأوسط في البنتاغون حتى العام الماضي: "في الوقت الحالي، هناك قوة كافية في المنطقة بحيث إذا تدخل الإيرانيون، يمكننا وسنقوم بدعم الدفاع الإسرائيلي"، مضيفة: "إذا كنت إسرائيل وتخطط عسكريًا، فمن المنطقي أن تقوم بكل هذا بينما القوات الأميركية موجودة في المنطقة، وليس بعد مغادرتها".

وقد أثار الجنرال تشارلز ك. براون جونيور، رئيس هيئة الأركان المشتركة، هذه القضية في اجتماعات بالبنتاغون والبيت الأبيض، حسبما قال المسؤولون.

والجنرال براون، وهو طيار سابق في طائرات F-16 وقاد القوات الجوية الأميركية في الشرق الأوسط، تساءل أيضًا عن تأثير الوجود الأميركي الموسع في المنطقة على "الجاهزية" القتالية الشاملة، أي قدرة الجيش الأميركي على الاستجابة بسرعة للنزاعات، بما في ذلك مع الصين وروسيا.

وحاول الجنرال براون ووزير الدفاع لويد ج. أوستن الثالث ومسؤولون آخرون تحقيق توازن بين احتواء النزاع وتشجيع إسرائيل، وفقًا لمسؤول عسكري أميركي كبير. وقال مسؤول آخر إن إسرائيل يسهل عليها التحرك بشكل هجومي عندما تعرف أن "الأخ الأكبر" قريب.

وتحدث المسؤولون بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المحادثات الداخلية، قائلين إن التعامل مع الإسرائيليين أصبح أكثر صعوبة بالنسبة للبنتاغون، إذ أوضحت إسرائيل أنها لن تحذر الولايات المتحدة قبل اتخاذها إجراءات ضد ما تعتبره تهديدات وجودية.

وقال مسؤولون في إدارة بايدن يوم الأحد إنهم تحدثوا مع الإسرائيليين ويعتقدون أنهم وافقوا على توغل بري محدود في لبنان. لكنّ غارات إسرائيل هذا الأسبوع تبدو حتى الآن كعملية واسعة النطاق، حسبما قال مسؤولون آخرون.

ثم كانت هناك خطة إسرائيل لمقتل زعيم حزب الله، حسن نصر الله، الأسبوع الماضي. وقال المسؤولون إن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أبلغ أوستن خلال مكالمة أثناء تنفيذ العملية الإسرائيلية.

وقال مسؤولون في البنتاغون إن أوستن كان غاضبًا لأن الإسرائيليين لم يقدموا إشعارًا كافيًا لتمكين القوات الأميركية في المنطقة من اتخاذ تدابير دفاعية إضافية ضد أي رد إيراني محتمل.

وعند سؤالها عن رد فعل أوستن، قالت سينغ للصحفيين إن "الأمر كان مفاجئًا بالنسبة له"، مضيفة: "كيف تفسرون ذلك، سأتركه لكم، لكن كان هذا هو رد فعله". وأشارت إلى أن المحادثة كانت صريحة وشديدة من الجانبين.

لكن في اليوم نفسه، أعلن البنتاغون عن نشر "بضعة آلاف" من الجنود الأميركيين الإضافيين في المنطقة. وقال مسؤول في وزارة الدفاع إن العدد سيكون بين 2000 و3000 جندي، ويشمل أطقم الطائرات مع ثلاثة أسراب مقاتلة إضافية، بالإضافة إلى أفراد للصيانة والإمداد والحماية.

ولم تهاجم إيران القوات الأميركية في المنطقة بشكل مباشر، بل تركت ذلك لمجموعاتها الوكيلة. ففي فبراير/شباط، شنت الولايات المتحدة ضربات انتقامية بعد هجوم نفذته ميليشيا مدعومة من إيران أدى إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة 40 آخرين.

وذكر المسؤولون أن الجنرال مايكل إي. كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، طلب إرسال قوات إضافية لحماية القوات الأميركية في المنطقة والمساعدة في الدفاع عن إسرائيل عندما يحدث الرد الإيراني المتوقع.

وعندما ردت إيران على إسرائيل يوم الثلاثاء، أطلقت مدمرتان أميركيتان، هما "بولكيلي" و"كول"، ما يقرب من 12 صاروخًا اعتراضيًا على الصواريخ الإيرانية، ما أسفر عن إسقاط عدد منها. وأوضح المسؤولون أن السفن الحربية أطلقت أكثر من صاروخ اعتراضي على كل صاروخ قادم، رغم أن إسرائيل تكفلت بمعظم الدفاعات باستخدام أنظمة دفاعها الجوي.

قلق أميركي

لكن القلق الأكبر لمسؤولي وزارة الدفاع هو أن النزاع في الشرق الأوسط قد يسحب الموارد بعيدًا عن منطقة المحيط الهادئ، حيث يحاول الجيش تحويل المزيد من اهتمامه.

وقال الجنرال براون في مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك الأسبوع الماضي: "ما يحدث في جزء من العالم يؤثر على أجزاء أخرى (..) علينا أن نتأكد من أننا قادرون على الربط بين هذه الأمور، حتى لا نفاجأ في وقت لاحق لأننا ركزنا فقط على منطقة واحدة".

وحاولت الإدارات الأميركية المتعاقبة على مدى ما يقرب من عقد من الزمن إخراج الجيش الأميركي من الشرق الأوسط. لكن المنطقة تستضيف مرة أخرى تزايدًا في القوة العسكرية الأميركية.

تمركز عسكري

وتملك الولايات المتحدة سفينة هجوم برمائية وثلاث مدمرات صواريخ موجهة في شرق البحر المتوسط. وغادرت حاملة الطائرات الثانية "هاري إس. ترومان" ولاية فيرجينيا في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي للمشاركة في مناورة مقررة سابقًا في أوروبا، لكنها قد تحتاج إلى تحويل مسارها إلى شرق البحر المتوسط إذا تفاقم القتال في المنطقة.

وفي البحر الأحمر، تملك البحرية الأميركية عدة مدمرات صواريخ موجهة، وفقًا لمعهد البحرية الأميركية. أما في خليج عمان، فحاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" مع مجموعتها الضاربة التي تشمل مدمرات صواريخ موجهة وأسرابًا من المقاتلات تراقب إيران منذ آب/ أغسطس الماضي.

يقرأون الآن