قالت مصادر بيروتية مواكبة للتحضيرات الجارية لخوض الانتخابات النيابية في دائرة بيروت الثانية (11 مقعداً نيابياً) ذات الثقل السني، إن القوى السياسية المعنية بخوضها أوشكت على وضع اللمسات الأخيرة بأسماء المرشحين على لوائحها تمهيداً لتسجيلها لدى وزارة الداخلية والبلديات قبل انتهاء المهلة في الرابع من أبريل (نيسان) المقبل، على أن يخرج من لا يحالفه الحظ بالانضمام إلى اللوائح، من السباق الانتخابي، وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن المعركة ستدور بين 5 لوائح، في حال توحدت المجموعات التغييرية المنتمية إلى الحراك المدني في لائحة واحدة، وإلا فإن عددها إلى ارتفاع.
ولفتت المصادر البيروتية إلى أن معظم اللوائح لن تكون مكتملة باستثناء اللائحة التي يرعى تشكيلها رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، والأخرى التي يتزعمها النائب فؤاد مخزومي في مواجهة لائحتين غير مكتملتين؛ الأولى بقيادة «الثنائي الشيعي»، والثانية بزعامة «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش)، مع احتمال انضمام لائحة أو أكثر إلى اللوائح المتنافسة تحت لافتة الحراك المدني.
ولم تستبعد المصادر نفسها احتمال ولادة لائحة جديدة تنضم إلى هذه اللوائح وتتشكل نواتها من «الجماعة الإسلامية» ورئيس نادي «الأنصار» لكرة القدم نبيل بدر، في حال لم يتوصل السنيورة إلى اتفاق مع قيادة الجماعة من خلال مرشحها النائب السابق عماد الحوت، فيما التواصل لم ينقطع بين السنيورة وبدر لضم الأخير إلى اللائحة التي يرعاها رئيس الحكومة الأسبق، برغم أنه لم يحقق حتى الساعة أي تقدم يُذكر.
أما الجديد على صعيد جهود السنيورة لتشكيل لائحة مكتملة لملء الفراغ في الشارع السني الناجم عن عزوف زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري، عن خوض الانتخابات لعدم إخلاء الساحة للثنائي الشيعي، تحديداً لـ«حزب الله»، فقد تمثل في اللقاء الذي عُقد بعيداً عن الأضواء بين السنيورة وبين مستشاري الحريري النائب السابق غطاس خوري وهاني حمود.
وعلمت «الشرق الأوسط» من المصادر البيروتية أن اللقاء جاء بإيعاز من الحريري المقيم في أبوظبي، وأنه خُصص لنقل وجهة نظر الحريري لقطع الطريق على ما يُشاع بأن مسؤولين في «المستقبل» يقفون وراء الحملات الإعلامية والسياسية التي تستهدف السنيورة لخروجه عن «عباءة» الحريري السياسية.
وكشفت أن اللقاء أدى إلى وضع النقاط على الحروف لدحض كل ما يتردد في الشارع البيروتي بأن مسؤولين في «المستقبل» يلتزمون من فوق الطاولة بقرار الحريري بالعزوف عن خوض الانتخابات، فيما يعملون من تحت الطاولة لتسويق هذا المرشح أو ذاك من جهة ثانية، وأحياناً بتحريضهم من كانوا يودون الترشح بصرف النظر عن خوض الانتخابات لمنعهم من التعاون مع السنيورة. وأكدت أن خوري وحمود أبلغا السنيورة بأن الحريري يقف على الحياد، وإن كان لم يطلب من محازبيه وجمهوره مقاطعة الانتخابات، وقالت إن الحريري ليس مع أو ضد ما يقوم به لتشكيل لائحة في بيروت الثانية، وبالتالي من يترشح باسم «المستقبل» عليه أن يستقيل، وكذلك بالنسبة إلى المنتمين للتيار الأزرق ممن يودون العمل في الماكينات الانتخابية.
ورأت المصادر نفسها أن لا غطاء للحريري لمن يود خوض الانتخابات، وعليه أن يتحمل وحده مسؤولية قراره، وهذا ما تبلغه السنيورة، واعتبرت أن اللقاء انتهى إلى ربط النزاع مع الأخير من موقع التباين في التعاطي الانتخابي، فيما يواصل السنيورة مشاوراته تحضيراً لولادة اللائحة الانتخابية التي يرعاها شخصياً.
وبالنسبة إلى تشكيل اللوائح في الوقت الذي يشتد فيه السباق لتأمين الحواصل الانتخابية في ضوء التوقعات التي ترجح تدني نسبة الاقتراع، خصوصاً في الشارع السني، فيما يسعى السنيورة إلى استنفاره لرفع منسوب المشاركة في الانتخابات، علمت «الشرق الأوسط» أن «حزب الله»، بالتفاهم مع حركة «أمل»، ليس في وارد خوض الانتخابات بلائحة مكتملة من 11 مرشحاً يتوزعون بين 6 مرشحين عن السنة واثنين عن الشيعة ومرشح درزي وأرثوذكسي وإنجيلي.
وتأكد أن اللائحة المدعومة من «الثنائي الشيعي» يمكن أن تضم 8 مرشحين، اثنان عن الشيعة وأربعة عن السنة وواحد عن الدروز وآخر إنجيلي، هذا في حال قرر أن يصرف النظر عن ترشيح أرثوذكسي لتفادي الدخول في إشكالية سياسية مع «الحزب السوري القومي الاجتماعي»، في ضوء ترشيح النائب أسعد حردان لرئيس الاتحاد العمالي السابق غسان غصن في مقابل ترشيح قيادة الحزب في الروشة لمرشح آخر.
وتردد بأن «الثنائي الشيعي» يمكن أن يخفض عدد مرشحيه السنة من أربعة إلى ثلاثة، آخذاً في الاعتبار عدم التعاون مع مرشح ينتمي إلى «الأحباش»، أو محسوب عليه انطلاقاً من حرصه على عدم تعريض علاقته التحالفية التي تربطه بجمعية المشاريع إلى انتكاسة، فيما تستعد لخوض الانتخابات بلائحة منفردة، وإنما بالتناغم معه من تحت الطاولة لتوفير الحماية للحواصل الانتخابية للطرفين.
ويُفترض أن تضم لائحة «الثنائي الشيعي» النواب أمين شري (حزب الله)، محمد خواجة (أمل)، إدغار طرابلسي (التيار الوطني الحر)، إضافة إلى نسيب الجوهري (الحزب الديمقراطي برئاسة النائب طلال أرسلان)، ويتردد بأنه سيتعاون سنياً مع معتصم فوزي أدهم، شيرين عدنان عرقجي، ومايا سعد الدين شاتيلا، برغم أنه كان يميل للتعاون مع شخصيات سنية بارزة من وجهة نظره، لكنها فضلت عدم الترشح لتفادي شمولها بالعقوبات الأميركية المفروضة على «حزب الله»، بذريعة أنها تخوض الانتخابات على لائحته.
ويأتي إصرار «الثنائي الشيعي»، تحديداً من «حزب الله»، بضمه مرشحين عن السنة في سياق رده على الحملات التي تستهدفه، وجاءته أخيراً من النائب مخزومي، بذريعة أنه يمد يده إلى الطائفة السنية، وأنه يستقوي بسلاحه في الانتخابات، مع أن الحزب على توافق مع «أمل» بعدم التعامل مع وجوه سنية يمكن أن تشكل استفزازاً أو تحدياً للشارع السني، وهذا ما يفسر عدم رغبته بضم وجوه معروفة بعلاقتها الوطيدة بالحزب وتنتمي إلى «سرايا المقاومة» المدعومة منه.
لذلك يراهن «الثنائي الشيعي» على قدرته في رفع حواصله الانتخابية لتأمين فوز أحد المرشحين على الأقل عن السنة على لائحته لتمرير رسالة بأنه يتمتع بحضور في الشارع السني كرد مباشر على الحملات التي تستهدفه، فيما أوشك مخزومي على تشكيل لائحة مكتملة بالتعاون مع المرشحين عبد اللطيف سعد الدين عيتاني، كريم فؤاد شبقلو، زينة مجدلاني، زينة منذر، لينا حمدان، ألفت السبع، والعميدة المتقاعدة في الأمن العام دلال رحباني التي كانت ترشحت عن المقعد الإنجيلي على لائحته في الانتخابات السابقة.
وإلى أن يكتمل عقد تشكيل اللوائح في بيروت الثانية، سواء كانت مكتملة أو ناقصة، فإن السنيورة يقف أمام تحدٍ يكمن في حث الشارع السني للإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع بخلاف التقديرات الأولية التي تجزم بأن هناك مشكلة في إخراجه من القلق المسيطر عليه بعد عزوف الحريري عن خوض الانتخابات.
الشرق الأوسط