يشكك السكان في ضواحي بيروت بأن يكون الحل الذي أعلن عنه لرفع النفايات من الشوارع، حلاً مستداماً، بالنظر إلى أنه «كلما عالجت مشكلة، ستظهر مشكلة أخرى»، كما يقول أحد السكان وهو يمر مغطيا أنفه قرب تجمع للنفايات في أحد شوارع ضاحية بيروت الجنوبية. وتزداد مخاوف السكان من تجدد أزمة تكدس النفايات وسط صعوبات مالية تتحدث عنها الحكومة اللبنانية والشركات الموكلة بجمع وكنس وفرز وطمر النفايات.
على مدار أربعة أيام، فاضت النفايات في شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت، بعدما بدأ عمال شركة «سيتي بلو» إضراباً عن العمل. انتشرت القمامة على طول الطريق الرئيسي في الضاحية، وفي الشوارع الفرعية. ضاقت الشوارع الرئيسية، فلم تعد الطريق تتسع لمرور أكثر من سيارة واحدة، بالنظر إلى أن النفايات فاضت بمحاذاة الشوارع وتمددت إلى منتصف الطريق.
أما في الشوارع الفرعية حيث تكدست القمامة، فقد أغلقت الشوارع نهائياً، ما دفع بالبلديات إلى اتخاذ قرار بتخفيف تلك الأكوام عبر سحب أجزاء منها، ريثما تحل الأزمة مع العمال. وتتولى شركة «سيتي بلو» جمع وفرز النفايات وكنس الشوارع في ساحل المتن الجنوبي وأقضية بعبدا والشوف وعاليه في جبل لبنان. وأضرب عمال «سيتي بلو» لأربعة أيام متواصلة، بسبب عدم حصولهم على رواتبهم نهاية الشهر الماضي. ويعود ذلك إلى الإجراءات المصرفية التي تفرض قيوداً جديدة على السحوبات بالعملة اللبنانية، في إطار إجراءات يتخذها مصرف لبنان لسحب كتلة نقدية بالليرة اللبنانية من الأسواق.
لكن تدخلات سياسية، أدت إلى حل لأزمة الرواتب. وقالت مصادر نيابية مواكبة للأزمة إن الاتصالات مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أدت إلى حل المسألة، حيث تم ضخ السيولة اللازمة بالليرة اللبنانية، بما يكفي ليسحب الموظفون رواتبهم من ماكينات الصرف الآلي. وعليه، نزلت سيارات الشركة إلى الشوارع وبدأت بجمع النفايات المتكدسة.
وعلى مقلب آخر، نفذ عمال شركة «رامكو» التي تجمع النفايات في بيروت والمتن، إضراباً في مركز الشركة، احتجاجاً على عدم توفر السيولة اللازمة لتسليمهم رواتبهم، وقالوا إن المصرف يتأخر قبل صرف رواتبهم، كل شهر، بسبب عدم توفر السيولة.
وكان يفترض أن تحل هذه الأزمة أمس، حسبما أبلغتهم الشركة بعد التواصل مع مرجعيات حكومية، لتجنب تراكم النفايات في شوارع بيروت والمتن.
ورغم تأكيد الشركات أن الحل سيكون مستداماً، حسب تعهدات تلقتها من المسؤولين اللبنانيين، فإن الأزمة الاقتصادية والمالية القائمة في لبنان، تترك مخاوف لدى السكان من تجدد أزمة النفايات التي اندلعت في العام 2015، وخرجت الاحتجاجات على أثرها إلى شوارع بيروت مطالبة بإسقاط النظام.
وخلال العامين الماضيين، خرجت إلى الضوء العديد من المشاكل المرتبطة بأزمة النفايات، بدءاً من التحذيرات من أن تبلغ المطامر قدراتها الاستيعابية، وصولاً إلى أزمة رفع الدعم عن المحروقات وارتفاع قيمة الدولار مقابل الليرة اللبنانية، ما ألزم الشركات بخسائر إضافية نتيجة تكاليف الصيانة والنقل، وصولاً إلى تعديلات على قيمة الرواتب بعد فقدان الرواتب لقسم كبير من قيمتها.
الشرق الأوسط