"جاهزون بعد الانتخابات للجلوس مع التيار الوطني الحر، وفتح كل الأوراق، وبدء مرحلة جديدة". الكلام لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية قبل 3 أيام من موعد الإنتخابات النيابية. طويت صفحة الإنتخابات ومعها باقي الإستحقاقات من انتخاب نائب رئيس المجلس ورؤساء اللجان النيابية وتسمية رئيس حكومة ولم يتظهّر شيء من كلام ما قبل الإنتخابات. حتى الإشارات الضوئية لإمكانية جلوس الحليفين اللدودين لحزب الله إلى طاولة واحدة لا تزال مطفأة ومرجح أن يستمر أفولها.
اللقاء اليتيم المباشر بين رئيسي التيارين فرنجية وباسيل كان في الإفطار الذي دعا إليه الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله . لكن عدا توقيت هذا اللقاءالذي جاء على مسافة من العد العكسي الأخير الفاصل عن موعد الإنتخابات النيابية، بقي كل ما قيل يومها عن تفاهمات رئاسية ونيابية مجرد كلام صحف. والصحيح كما تؤكد مصادر المردة لـ"المركزية" أنه "أتى لكسر الجليد ووضع حد لمرحلة طويلة من الخصومة السياسية بين زغرتا وميرنا الشالوحي" .
في الإنتخابات تظهرت إلى حد ما مفاعيل هذا اللقاء على رغم المواجهة في غالبية الدوائر بين الطرفين، وهذا طبيعي لأن حزب الله لم يرفع إصبعه في وجه الحليفين ولم يعرض عليهما التوحد في المعركة الإنتخابية. وجل ما في الأمر أن كانت هناك محاولة من اجل تقليل حجم الخسائر والأضرار وضبط مسار المواجهة بين الحليفين اللدودين في العديد من الدوائر المشتركة وتحديدا في الشمال الثالثة لمواجهة لائحة القوات والوقوف سداً منيعاً ضد تفاهم حرب ومعوض. لكن حسابات الأرض لم تأت وفق تمنيات الإفطار، إذ حصد باسيل حاصلا واحدا فيما اقتصر حاصل المردة على حاصل واحد بدلا من ثلاثة كما كان متوقعا.
إشارات ما بعد الإنتخابات أوحت للبعض أن ثمة تقاربا محتملا بين المرشحين على الرئاسة "لكن شيئا لم يتغير على مستوى السياسة. بكلام أوضح بعدنا محلنا". والتقلبات السياسية التي شهدتها العلاقة بين التيارين في مراحل سياسية مختلفة لا سيما بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أتت بالرئيس ميشال عون الى قصر بعبدا وصلت إلى حد القطيعة إلى أن جاء لقاء كسر الجليد. فهل المطلوب اليوم إفطار غير رمضاني لكسر الجليد على أبواب الإستحقاق الرئاسي؟
الأكيد أن لا أحد من الطرفين مستعدا للقيام بخطوة تنازل في هذه المرحلة التي تكشفت فيها كل الأوراق. فمواقف المردة وخياراتها في الداخل لم تتبدل وكذلك الحال بالنسبة إلى التيار. وعند الوصول إلى أهداف باسيل وطموحاته السياسية التي تدور دورتها بالكامل حول كرسي بعبدا يختلف الكلام. "مشروع جبران باسيل محصور بالرئاسة وهو يتعاطى في الشأن السياسي تحت هذا السقف دون سواه". نفهم من ذلك أن فرنجية أحجم عن خوض معركة الرئاسة؟ "إطلاقا لكن ثمة هوة عميقة بين المشروعين".
وتضيف مصادر المردة "مشروعنا الرئاسي توافقي أما مشروعهم فيمكن اختصاره بعبارة واحدة: السلطة. من مأموري الأحراش وصولا إلى ترسيم الحدود البحرية. أبعد من ذلك، نحن على علاقة جيدة مع كل الأطراف السياسية السنية والمسيحية والدرزية وأيضا مع الإعتدال السني الجديد ونشكل نقطة التقاء مع الجميع بما فيهم حزب الكتائب بعدما وضعنا التاريخ الأسود وراءنا، أما الخيارات السياسية فهي حتما مختلفة. بينما التيار وتحديدا رئيسه على صدام مع الجميع. فليسموا لنا إنجازا واحدا طيلة فترة توليهم العهد. صفر إنجاز. لا بل إنهيار لكل المؤسسات ومقومات البلد".
لا تخفي مصادر المردة دقة المرحلة في ظل الصراعات الإقليمية في المنطقة وتؤكد على ضرورة إيجاد مشروع تلاق بين كل الأطراف السياسية المسيحية لمواجهة النزف البشري بعدما "تحولنا إلى مشروع ربطة خبز وأقصى طموحات شبابنا الهجرة".
لكن على رغم التماس خطورة ودقة الوضع إلا أن العائق الوحيد في إمكانية رسم خارطة التلاقي بين التيارين يقف عند طريق بعبدا. وما يخرقه "ذهاب التيار الوطني الحر في دعمنا في انتخابات رئاسة الجمهورية ولا شيء سواه" تختم مصادر المردة.
المركزية