على الرغم من احتفال الحكومة اللبنانية قبل أيام بتوقيع الاتفاقية النهائية لجر الغاز المصري، لم تنعكس موجة التفاؤل الرسمية على المستوى الشعبي. فالناس يرون أنهم لا زالوا بعيدين عن تأمين التيار الكهربائي، على الأقل حتى نهاية العام الحالي. هذه القناعة شائعة لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين، ما دفعهم إلى البحث عن أشكال أخرى للحصول على الكهرباء في بداية فصل الصيف، وخوفًا من تكرار سيناريو غياب مادة المازوت التي يتذرع بها أصحاب المولدات لرفع التعرفة في هذا الموسم.
حلول جديدة
في العاصمة بيروت، بادر بعض سكان الأبنية إلى الاتفاق في ما بينهم لإدارة المساحات المشتركة على الأسطح، لتركيب تجهيزات أنظمة الطاقة الشمسية عليها، لتأمين التيار الكهربائي، وتقاسم أعباء كلفتها المالية. وهذه محاولة منهم للخروج من التقنين ونظام المولدات.
بدأت فكرة انتشار تركيب أنظمة الطاقة الشمسية كمبادرة فردية منذ عام تقريباً. خصوصاً مع انقطاع مادة الفيول وارتفاع أسعار المازوت. إلا أن الفكرة بدأت تأخذ حيزاً أوسع لدى الكثير من اللبنانيين.
على الرغم من ارتفاع عدد الشركات المزودة بألواح الطاقة الشمسية، والتي تصل طلبات ترخيصها أسبوعياً إلى وزارة الاتصالات، إلى 150 شركة جديدة. لكن أصحاب المداخيل المحدودة يواجهون تحديات عدة، أبرزها ارتفاع ثمن ألواح الطاقة الشمسية، التي تبدأ أسعارها من 1500 دولار. وهذا ما دفع بعض الأفراد في مناطق من ضواحي بيروت إلى استئجار أسطح الأبنية بهدف مد شبكات الطاقة الشمسية، ومن ثم مد خطوط إلى المنازل لقاء اشتراك شهري، شبيه باشتراك المولدات.
تأجير أسطح
يقول حسان جابر، وهو مستأجر نحو 4 أسطح في مبنى سكني في منطقة الضاحية الجنوبية، "إنه يسعى إلى تركيب طاقة شمسية بهدف توزيعها على الراغبين، لقاء اشتراكات شهرية بدلاً من الارتهان لأصحاب المولدات". ويضيف: "جاءت الفكرة بعد ارتفاع أسعار المازوت وفرض أصحاب المولدات على المشتركين تسديد الفواتير بالدولار بدلاً من الليرة اللبنانية". وتمكن جابر وصديقه من شراء أنظمة الطاقة الشمسية ومدها، وتوزيعها على سكان المبنى لقاء اشتراك شهري يحتسب وفق تسعيرة الأمبير.
يؤكد جابر أن السعر لايزال محط دراسة من قبل أصحاب الأنظمة الشمسية، فلا يوجد تسعيرة محددة، إلا أن ما فرضه الشهر الماضي على السكان لم يتجاوز حاجز 500 ألف ليرة، إلا أن السعر لم يحدد بعد بشكل نهائي.
حسب ما أكده، فإن التسعيرة سيتم احتسابها بناء على تكلفة شراء الأنظمة الشمسية. وعادة يحتاج سطح المبنى لإنارة نحو 8 شقق ما لا يقل عن 50 لوحاً، ناهيك عن سعر البطاريات، بتكلفة لا تقل عن 25 ألف دولار. وبناء عليه، يتم احتساب هذه التكلفة وتوزيعها مع هامش الربح على السكان في السنة الأولى من الاشتراك، ومن ثم في العام الثاني يبدأ أصحاب توزيع الطاقة الشمسية بالاستفادة من هامش الأرباح، مع الأخذ بالاعتبار تكاليف الصيانة السنوية.
هل الأسعار مقوننة؟
في حال اعتمدت بعض المناطق هذه الطريقة، وتحديداً المناطق التي تسمح بإقامة مزارع للطاقة الشمسية في القرى والجبال، أي مد خطوط للطاقة الشمسية إلى المنازل، فهل يمكن أن نشهد تدخلاً رسمياً لتنظيم الأسعار من قبل وزارتي الاقتصاد والطاقة؟ وذلك هي الحال مع تحديد تعرفة المولدات الكهربائية؟
ينفي مصدر في وزارة الطاقة أن تلجأ الوزارة إلى فرض أي تعرفة أو تسعير الكيلووات من خلال استخدام الطاقة الشمسية، أو تتم قوننة عملها. وعزا المصدر السبب إلى أن السلطات اللبنانية تسعى إلى مساندة اللبنانيين من خلال القروض المدعومة لشراء ألواح الطاقة الشمسية، كما بدأ مصرف لبنان مؤخراً بهذه الخطوة. ونتيجة ذلك، يعتقد أن فكرة تأسيس مزارع للطاقة الشمسية وتوزيعها على الناس لقاء مبالغ مقطوعة شهرياً ستتم بالاتفاق بين السكان وأصحاب المزارع.
ووفق المصدر، فإن التحول إلى الطاقة الشمسية سيكون هدفاً للوزارة في السنوات المقبلة. وبالتالي من المرجح أن تتسع فكرة تمويل الطاقة الشمسية، ويصبح بمقدرة عدد كبير من اللبنانيين تركيبها، خصوصًا وأن القروض بالليرة اللبنانية.
فكرة مرحب بها
رحبت السيدة مريم خليفة المقيمة في منطقة الغازية في جنوب لبنان بفكرة الاعتماد على الطاقة الشمسية بدلاً من الارتهان لأصحاب المولدات. وفي المنطقة التي تقطن بها، يسعى بعض المغتربين إلى تمويل مشروع لإقامة مزرعة للطاقة الشمسية بهدف إنارة المنطقة، على أن تكون تحت إشراف البلدية. المشروع حسب تعبيرها قد يساعد في التحول نحو الطاقة النظيفة، وقد لا يتم فرض مبالغ مرتفعة على سكان المنطقة، بل ستكون رسوم بسيطة بهدف أعمال الصيانة.
المدن