يعول رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، على التوصل لتفاهم مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، يضمن تبني ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، أو أقله انسحابه من السباق الرئاسي حتى لو قرر وكتلته النيابية عدم منحه أصواتهم.
ورغم عدم صدور أي مواقف رسمية من الفرقاء الأساسيين المعنيين بالاستحقاق الرئاسي حتى الساعة لجهة حسم مرشحيهم الرئاسيين، إلا أنه ومع اقتراب الموعد الدستوري لانتخاب رئيس جديد للبلاد، بين مطلع أيلول ونهاية تشرين الأول، يجد مختلف الفرقاء أنفسهم معنيين بمباشرة النقاشات الداخلية لتحديد كيفية التعامل مع الاستحقاق المقبل.
وكان البطريرك الماروني بشارة الراعي، أول من باشر الحديث عن الاستحقاق الرئاسي بدعوته منتصف حزيران لإجراء الانتخابات الرئاسية قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون ضمن مهلة الشهرين التي ينص عليها الدستور، محدداً مؤخراً المواصفات التي يجب أن يتحلى بها الرئيس المقبل، أبرزها أن يكون «فوق الاصطفافات والمحاور والأحزاب، ولا يشكل تحدياً لأحد».
ولا يبدو أن باسيل بصدد خوض الانتخابات الرئاسية، لعلمه أن حظوظ فوزه ضعيفة جداً، باعتباره على خلاف مع مختلف القوى السياسية، باستثناء «حزب الله»، غير القادر وحده في حال قرر تبني ترشيح باسيل على ضمان حصوله على الأصوات النيابية اللازمة لتأمين فوزه. ويرجح أن يتجه رئيس «الوطني الحر» لتبني مرشح معين يخوض به الاستحقاق.
ولعل ما يعزز فرضية انسحابه لصالح فرنجية التقارب المستمر بين الطرفين بعد سنوات من الفراق والعداء على خلفية الانتخابات الرئاسية الماضية التي أفضت لفوز العماد ميشال عون بالرئاسة.
وبدا اللقاء الذي جمع الأسبوع الماضي النائب فريد هيكل الخازن، المقرب من فرنجية، بباسيل، رغم أن العلاقة بين الرجلين لم تكن على ما يرام لسنوات، استكمالاً لمسار التقارب بين رئيس «الوطني الحر» ورئيس «المردة»، وهو مسار بدأ مع المصالحة التي أنجزها «حزب الله» بين حليفيه في نيسان الماضي من خلال دعوة وجهها لهما أمين عام الحزب حسن نصر الله على مأدبة إفطار.
وخاض الطرفان معركة انتخابية نيابية «صامتة» في أيار الماضي، بحيث كانا يتنافسان بشكل أساسي في دائرة «الشمال الثالثة»، ووجه كل منهما حملته الانتخابية بشكل أساسي ضد «القوات اللبنانية».
وتبادل الحزبان منذ ذلك الوقت جملة رسائل وإشارات يمكن وصفها بـ«الإيجابية»، أبرزها قول باسيل خلال حملته الانتخابية: «مهما اختلفنا مع فرنجية، إلا أنه يبقى أصيلاً». وفي ملاقاة «عملية» لمد اليد العونية، قرر نواب «التكتل الوطني المستقل» الذي يضم النواب فريد هيكل الخازن وطوني فرنجية ووليم طوق، وهو تكتل محسوب على فرنجية، التصويت لمرشح «التيار» لنيابة رئاسة الحكومة إلياس بو صعب، كما للنائب آلان عون لعضوية هيئة مكتب المجلس.
ورغم أن باسيل وفرنجية لم يعقدا بعد لقاءً ثنائياً بعد اللقاء الثلاثي الذي جمعهما بنصر الله، فإن لقاء بو صعب - فرنجية ولقاء الخازن - باسيل يمهدان لتزخيم العلاقة بين الطرفين.
ويعد النائب أسعد درغام من تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه باسيل، أنه «مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي من الطبيعي أن تبدأ المشاورات، خصوصاً أن فرنجية مرشح أساسي للرئاسة، بالتالي التشاور معه طبيعي بعد فتح قنوات الاتصالات بين الطرفين»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «التيار الوطني الحر لم يبحث بعد بالاستحقاق الرئاسي لا في الهيئة السياسية ولا في التكتل لاتخاذ الموقف المناسب»، مضيفاً: «رئيس التيار جبران باسيل مرشح طبيعي للموقع، وما يهمنا بنهاية المطاف ضمان إيصال مرشحنا أو شخص ندعمه. لذلك عندما ندخل في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس عندها نحسم موقفنا وقرارنا».
وتتجه الأنظار إلى موقف «حزب الله» من الاستحقاق الرئاسي والشخصية التي سيدعمها. وهو حتى اللحظة لم يعط أياً من حلفائه أي وعد بهذا الخصوص. وتقول مصادر قريبة منه لـ«الشرق الأوسط»، «نحن لم نبدأ مباحثاتنا في هذا الخصوص، وعندما يحدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري موعداً لجلسة لانتخاب رئيس، الأرجح أن تكون مطلع أيلول، عندها يضع مختلف القوى أمام أمر واقع ستكون ملزمة على التعامل معه، أولاً من خلال حسم مشاركتها أو لا في الجلسة، ومن ثم من خلال حسم اسم مرشحها الرئاسي»، لافتة إلى أن «حزب الله حين يحسم اسم مرشحه يبدأ العمل لجمع الأصوات النيابية اللازمة لفوزه، وهو لا يقوم بذلك قبل اتخاذ قراره النهائي».
وعما إذا كان الاستحقاق الرئاسي مرتبطاً بالتطورات الخارجية وملف الترسيم، تكتفي المصادر بالقول: «إذا لم تحصل حرب فالأرجح أن الانتخابات الرئاسية حاصلة في موعدها. أما في حال الحرب فلا شيء يعود محسوماً حينها».
بولا أسطيح - الشرق الأوسط