ثمّة حقيقة على اللبنانيين أن يدركوها بكلّ تيّاراتهم وأحزابهم وطوائفهم، وهي أنّ خارطة الطريق الدولية التي يمكن أن يسلكوها للخروج من جهنّم ومن الانهيار الذي يعيشون فيه هذه الأيام، هي خارطة الطريق التي وضعها وليّ عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان، ووافق عليها العالم كلّه، من أوروبا ممثّلة بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى الولايات المتحدة الأميركية عبر رئيسها جو بايدن، وانتهاء بالدول العربية الكبرى المؤثّرة مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي.
إنّ خارطة الطريق، التي وضعها الأمير محمد بن سلمان للبنان واللبنانيين، لسلوك درب المصالحة وعودة الحياة إلى لبنان وترسيخ الاستقرار فيه، لم تكن وليدة قمّة جدّة العربية الأميركية، ولا وليدة أيّ قمّة أخرى، بل هي رُسِّخت بالتراكم في ثلاثة بيانات عربية ودولية واضحة، العنصر الثابت فيها هو الأمير محمد بن سلمان.
مراقبة دقيقة وغير مستعجلة توصل إلى خلاصة واحدة، وهي أنّ لبنان اليوم موجود بين ثلاثة بيانات كلّها تؤكّد على خارطة طريق واحدة، حسب "أساس":
1- بيان القمّة السعودية - الفرنسية: بعد لقاء الأمير محمد بن سلمان بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر السلام في جدّة بتاريخ 4/12/2021. كانت للبنان حصّة واضحة في البيان المشترك الذي دعا إلى "ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات شاملة، لا سيّما الالتزام باتفاق الطائف المؤتمَن على الوحدة الوطنية والسلم الأهليّ في لبنان، وأن تشمل الإصلاحات قطاعات المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود".
2- البيان الخليجيّ: بعد جولةٍ للأمير محمد بن سلمان أصدرت دول مجلس التعاون الخليجي بتاريخ 22/6/2022 بياناً مشتركاً تناول الوضع اللبناني وتضمّن دعوة إلى "ضرورة حصر السلاح في مؤسسات الدولة اللبنانية، وتأكيد دعم لبنان والإصلاحات التي تكفل تجاوزه للأزمة. يضاف إليها وإلى أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى الحفاظ على عروبة لبنان وأمنه واستقراره ألّا يكون منطلقاً لأيّ أعمال إرهابية وحاضناً للتنظيمات والجماعات الإرهابية التي تزعزع أمن المنطقة واستقرارها أو أن يكون معبراً لتهريب المخدّرات".
3- بيان قمّة جدّة: كان للبنان حيّز واضح في البيان الصادر عن القمّة الأميركية - العربية التي استضافتها مدينة جدّة السعودية بتاريخ 16/7/2022، والذي جاء فيه: "عبّر المشاركون عن دعمهم لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، وكلّ الإصلاحات اللازمة لتحقيق تعافيه الاقتصادي. كما نوّهوا بتنظيم الانتخابات البرلمانية، بتمكين من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي".
وبالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، دعا المشاركون في القمّة مختلف الأطراف اللبنانية إلى "احترام الدستور والمواعيد الدستورية"، وأشادوا "بجهود أصدقاء وشركاء لبنان في استعادة وتعزيز الثقة والتعاون بين لبنان ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودعمهم لدور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في حفظ أمن لبنان".
وشدّد البيان على "أهميّة بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على كلّ الأراضي اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة، فلا تكون هناك أسلحة إلا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها".
القارئ المدقّق بكلّ ما سبق يكاد يجزم أنّ البيانات الثلاثة تضمّنت نصّاً واحداً في ما خصّ لبنان يترجم من دون أدنى شكّ الرؤية السعودية لإنقاذ لبنان وتصحيح علاقة الدولة اللبنانية مع العالمين الغربي والعربي. وكان سبق كلَّ هذه البيانات الخطابُ الملكيُّ السنويُّ أمام مجلس الشورى لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتاريخ 30/12/2021، الذي جاء فيه حرفيّاً: "تقف المملكة إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق، وتحثّ جميع القيادات اللبنانية على تغليب مصالح شعبها، والعمل على تحقيق ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني الشقيق من أمن واستقرار ورخاء، وإيقاف هيمنة حزب الله الإرهابي على مفاصل الدولة"، وهو ما يجعل البيانات الثلاثة بموقع الاقتباس الحرفيّ للبيان السعودي.
إنّ المملكة العربية السعودية، ومعها العالم المفيد، بعد استثناء جزء من هذا العالم لا يجلب الفائدة لأحد، لا يفرضون على لبنان حلّاً، ولا يُلزمونه بشيء، بل يقدّمون له خارطة طريق للعبور إلى برّ الأمان والاطمئنان.
هي ليست خارطة طريق سعوديّة، بل هي خارطة محمّد بن سلمان الدوليّة لإنقاذ لبنان.
زياد عيتاني - أساس ميديا