عادة، ومنذ أن تولى المنصب السياسي عام 2011 حينما عين وزيراً للاتصالات في حكومة سعد الحريري، وهو مثير للجدل الشديد، ومصدر للخلافات السياسية، ومفجر للأزمات.
ذلك كان زمناً، استفرد فيه الثنائي الشيعي اللبناني بمقادير ومفاصل المؤسسات والأجهزة اللبنانية.
وحينما أصبح العماد عون رئيساً للبلاد، والرجل يعتبر جبران ابنه الذكر، الذي لم يلده، وزوج ابنته المفضل، وقرة عينه السياسية، ارتفع نفوذ جبران السياسي، وأصبح، بلا تسمية رسمية، المتحدث باسم رئيس البلاد، يعبر عن إرادات، ويرسم خطوط سياساته في الداخل والخارج.
في ذلك الزمن، كان خط جبران مفتوحاً مع "حزب الله"، قوياً مع سوريا، متوتراً مع سعد الحريري، صاعداً وهابطاً مع جعجع، مشدوداً للغاية مع نبيه بري.
في ذلك الوقت، أصبح التيار الوطني الحر، الذي يترأسه منذ 2015 هو التيار المسيحي المتغلب والأكثر تأثيراً، وصاحب القوة التصويتية المؤثرة في البرلمان.
خلال المائة يوم الأخيرة تغيرت المعادلات تماماً بسقوط 13 من قادة "حزب الله" في مجلس الجهاد، وعلى رأسه حسن نصر الله، وضعفت هيبة الحزب، وتمت تصفية قواعد القيادة والسيطرة، ومخازن السلاح، ومعظم قواعد الصواريخ، وضرب المؤسسات المالية، ونظام الاتصالات الخاص بالحزب.
ومع منحنى هبوط قوة الحزب، حدث صعود منحنى التجرؤ السياسي عليه، وبدء تحركات سريعة لملء الفراغ والحصول على الإرث السياسي، بعد "مهادنات إجبارية" لأكثر من 30 سنة، كان فيها كثير من الساسة يقولون كلاماً مفروضاً عليهم.
الآن رئيس الحكومة يتحدث عن السيادة، ورئيس البرلمان يعود للحديث عن فتح المجلس لاختيار رئيس، ووليد جنبلاط يهاجم إيران، والجيش يبدأ تجهيزاته في قرى الجنوب.
في حوار "العربية"، وتحت ضغط الحوار التصادمي رأينا وجهاً جديداً لجبران باسيل، فيه قدر كبير من التحرر من المجاملة السياسية المعتادة لـ"حزب الله"، والدفاع الصريح عن سيادة واستقلالية لبنان، وعن "الرئيس التوافقي"، وعن الحوار من أجل التعايش.
في هذه المقابلة، رأيت الرجل متوازناً، وطنياً، يعامل القضايا بحكمة وواقعية.
يبدو أن سقف الضغط الإيراني الخارجي، وضغط الحزب الداخلي، جعل معظم ساسة لبنان يخشون مواجهة الحزب خوفاً من أن يخسروا مقاعدهم أو مصالحهم، أو أرواحهم كما حدث مع قائمة الشهداء بدءاً من الشهيد رفيق الحريري، ومن تبعه.
البيان