لطالما كانت المملكة محورا رئيسا في الدعوة والعمل على تحقيق السلام والاستقرار، ولم تكن في يوم من الأيام السياسة السعودية مثار جدل أو قلق أو افتعال مشكلات، بل كثيرا -إن لم يكن دائما- ما تكون الرياض من تتحمل وتضحي في سبيل الوفاق والاتفاق، ولو قسمنا الفترة الزمنية للأحداث بما قبل ما يسمى بالربيع العربي وما بعده، لوجدنا أن الوثائق التي أفرج عنها والأحداث التي وضحت حقيقتها في الدول ذات الصراع في الربيع العربي، أكدت أن السعودية هي مركز الدعوة للسلام، وأنها التي كانت تتواصل مع الجميع لغايات التوافق والاتفاق، وما بعد الربيع العربي، الأمور كلها واضحة جلية لا تخفى إلا على أحد.
بعد السابع من أكتوبر العام الماضي والحرب على غزة، والأحداث الأخيرة التي شملت مقتل أمين حزب الله حسن نصر الله، وما رافق ذلك من أحداث، وقبل ذلك ما تعلنه المملكة بشكل مستمر حول موقفها من القضية الفلسطينية، دعما وتأييدا وربطا بأسس حلها من إعلان دولة فلسطينية على الضفة الغربية وعاصمتها القدس، وبعد ذلك فإن كل الطروحات والمبادرات التي تشمل أي تسويات سياسية مع إسرائيل، بما يعزز من سلام واستقرار المنطقة، وهذا الموقف السعودي هو موقف معلن لغالبية الدول العربية، وتأييد من الدول الإسلامية، وهو ما ننتظر من بقية دول العالم أن تقف وراءه وتدعمه.
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- وهو رائد التطوير في العالم كله، وما يقوم به من خطوات واضحة نحو بناء مجتمع دولي اقتصادي متنامٍ، يضمن الاستقرار والازدهار للشعوب، يعلم جيدا -وأعلنها مرار وتكرارا- أنه لا استقرار اقتصاديا دون استقرار سياسي، ولا نمو اقتصاديا دون إنهاء كافة الصراعات والمنازعات، وحاليا يقوم بحراك واسع وبالتشاور والتعاون مع الدول المعنية بذلك، وفي مقدمتهم الشقيقة الكبرى مصر، كذلك مع إخوانه في مجلس التعاون الخليجي، وبقية الدول ذات الاستقرار السياسي والأمني كالأردن والمغرب والجزائر، وبالتأكيد منظومة الدول الإسلامية، والعلاقات الخاصة التي تربط المملكة مع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والدول الأوروبية.
ولي العهد، يقدم رؤية المملكة الحقيقية الداعمة للسلام، وهذا موقفه منذ توليه لمهامه الوطنية الرسمية، ويعلم جيدا كما يظهر في تحركه، أن الخطوة الأولى الآن هي بناء جبهة عربية موحدة متفقة متوافقة، ثم التحرك دوليا لكي يتحرك المجتمع الدولي ككل للمساهمة في دفن بؤر الصراع وإنهائه.
ولي العهد في حراكه السياسي والمتمثل موخراً في المشاركة في القمة الخليجية الأوروبية، ورسائله المستمرة، يقدم نموذجا حقيقيا لما يمكن أن يكون عليه الوضع العام في الشرق الأوسط، والسعودية اليوم هي النموذج الحقيقي لما يمكن أن يكون عليه وضع كل دولة في المنطقة، وإن استمرت هذه الصراعات فإن السعودية قادرة على إيجاد نموذج تعاون دولي في المنطقة، يحمي فيه المنجزات، ويعزل معه مراكز الصراع.
ولي العهد يمثل المملكة بتوجهها العروبي والإسلامي قبل الدولي، ومتوافق مع المنظومة العربية الإسلامية، وبالتالي فإن شعوب هذه الدول العربية والإسلامية تنظر لسموه على أنه يمثلهم أيضا، وأن الخيارات والمبادرات التي يقدمها سموه بتوجيه مباشر من خادم الحرمين الشريفين -أطال الله في عمره-، إنما هي الخيارات التي تضمن سلام واستقرار وازدهار المنطقة، وما غير ذلك فكله يؤدي بشعوب بؤر الصراع إلى الخراب والدمار والتخلف والتأخر.
الرياض السعودية