أشارت "الجمهورية" الى ان على الرغم من دنوّ شهر ايلول وما قد يحمله من تطورات بحرية ربطاً بإعلان اسرائيل عن البدء في استخراج الغاز من حقل كاريش، تتحكم الضبابية في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، وكذلك التهديدات المتبادلة بين «حزب الله» واسرائيل.
وفيما افيد بأن الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين سيصل الى المنطقة في غضون ايام قليلة، اكدت مصادر معنية بملف الترسيم لـ»الجمهورية» ان لا شيء مؤكدا حتى الآن.
على انّ اللافت للانتباه، ما يورده الاعلام الاسرائيلي من تقارير متناقضة حيال هذا الملف، حيث يفيد بعضها بأنّ «حزب الله» واسرائيل غير معنيين بمواجهة عسكرية كلّ لأسبابه.. وانّ اسرائيل يمكنها تأجيل موعد استجرار الغاز من حقل كاريش لعدة اشهر، والدفع الى خفض التوتر». فيما يفيد بعضها الآخر بأنّ احتمالات المواجهة تكبر.
وبرز ما أوردته صحيفة «إسرائيل هيوم» الإسرائيلية بأن تهديدات الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله «تُؤخَذ على محمل الجد في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وهذه التهديدات المتكررة بالحرب من قبل نصرالله تعبّر عن تصعيدٍ بجرأة جديدة لا ينبغي تجاهلها».
ووفقاً للصحيفة، فإنّه «يجب على جهاز الأمن الإسرائيلي أن يأخذ تهديدات نصرالله بجدية تامة، كما أنه يجب البحث عن دوافع خفية قد تدفع «حزب الله» لبدء جولة قتال في المستقبل القريب». وألمحَت إلى أنّ القيادة العسكرية الإسرائيلية تتجهُ للقيام برّد عريض وكبير في حال حصول أي معركة، موضحة أن الاستعدادات الإسرائيلية قائمة وكبيرة.
وفي السياق نفسه، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية «أن التهديدات المُتكررة لنصرالله تُقلق إسرائيل»، كاشفة أن «القيادة العسكرية في شمال فلسطين المحتلة والقوات الجوية والبحرية بدأت الاستعداد لاحتمال اندلاع نزاع مُسلح، والعمل جارٍ على وضع الخطط المطلوبة». وقالت: «حتى لو كان «حزب الله» يُخطط ليوم واحد فقط من القتال، وحتى لو لم تكن إسرائيل مهتمة بالحرب، إلا أن المشكلة لكلا الجانبين تكمن في أنّ الأمور قد تتدهور إلى حربٍ حقيقية بسرعة كبيرة، وهو أمرٌ لا يريده الطرفان».
الا انّ الصحيفة خلصت الى القول: «الأنظارُ تتجه الآن إلى مطلع أيلول المقبل حيثُ من المتوقع عودة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى المنطقة. كذلك، فإنّ هوكشتاين قد يحمل معه اقتراحاً نهائياً قد يوافق عليه الطرفان (لبنان وإسرائيل). وحُكماً، الأمر هذا سيحصل في حال لم يفاجئ «حزب الله» الجميع بأي شيء آخر».
الى ذلك، أشارت "الاخبار" الى ان المعلومات تتضارب حول مضمون «مقترح الحل» الذي زعمت تل أبيب أنها في وارد تقديمه إلى لبنان عن طريق الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية عاموس هوكشتين. ونقلت القناة 12 الإسرائيلية، أن المقترح يتضمن «تنازلاً إسرائيلياً عن منطقة داخل البحر (يعتقد أنها الجزء الجنوبي من حقل قانا المحتمل) مقابل تنازل لبناني عن منطقة قريبة من الشاطئ».
وفي انتظار تأكيد مضمون المقترح، استرعى الانتباه «إعادة تدوير» تل أبيب لمطالبها القديمة وفق صيغة «تبادل الأراضي» التي رفضها لبنان سابقاً. مصادر متابعة للملف قالت إنها في انتظار تلقي المقترح رسمياً ليُبنى على الشيء مقتضاه، لكنها أشارت إلى أن مطالبة العدو بـ«منطقة قريبة من الشاطئ» لقاء تنازله عن «منطقة في البحر» يقصد منها إجراء «تعديل هندسي دقيق» على نقطة التحفظ «B1» بما يتناسب والأهداف الإسرائيلية، وبما يسمح بـ«دفش» نقطة «رأس الناقورة» أمتاراً ناحية الشمال، ما يؤثر بشكل بالغ على نقطة انطلاق الحدود البحرية.
عقدة العدو، بحسب مراجع معنية، تكمن في خشيته الدائمة من احتمال عودة لبنان مستقبلاً إلى طرح «الخط 29» فيما لو حصل تعديل جوهري في التركيبة السياسية اللبنانية. ومن المعلوم أن نقطة «رأس الناقورة» تؤثر على منهجية رسم هذا الخط، إذ ينحني بشكل مائل جنوباً ليكشف الساحل الفلسطيني المحتل عند نقطة «روش حانيكرا» السياحية المهمة، أي عند ساحل حيفا الشمالي، ما يعتبره العدو مضرّاً من الناحية الأمنية. إلى ذلك، يُتيح أي تعديل في نقطة «B1» مكسباً لتل أبيب لناحية وضع يدها على «نفق الناقورة» المهم بالنسبة إليها والمصنف لبنانياً كـ«أرض محتلة».
تجدر الإشارة إلى أن لنقطة «B1» المتحفّظ عليها من تل أبيب إحداثيات واضحة، مرسّمة دولياً بموجب اتفاقية الترسيم مع فلسطين المحتلة الموقّعة عام 1923 ومعترف بها من «عصبة الأمم» السابقة، وأعيد تثبيتها بموجب «اتفاقية الهدنة» عام 1949 بين الدولة اللبنانية و«إسرائيل»، ما جعلها نقطة حدود نهائية لا تقبل التعديل، ولا يمكن التنازل عنها طبقاً للمادة الثانية من الدستور (لا يجوز التخلي عن أحد أقسام الأراضي اللبنانية أو التنازل عنه).