ستظل أصداء قمة الرياض تتردد طويلا أمام المجتمع الدولى، فإسرائيل تسمع كل يوم رسائل متعددة تكشف كيف أصبحت منبوذة فى كل دول العالم نتيجة سياساتها العدوانية، وحربها الهمجية بالشرق الأوسط فى ثلاث جبهات (غزة ولبنان وإيران)، خاصة أنها تُجابه بضبط النفس إلى أقصى درجة من الإيرانيين الذين لا يريدون توسيع رقعة الصراع، أو إشعال حرب إقليمية، فهم يتحسسون خطواتهم إلى أقصى درجة ممكنة.
لم تتأثر حكومة نيتانياهو المتطرفة بما تراه فى الشوارع، خاصة ما حدث أخيرا فى أمستردام وباريس، حيث كان جمهورها الكروى فى قمة الاستفزاز للشوارع الأوروبية، وتحولت مباريات النوادى والمنتخبات الإسرائيلية مع الأوروبيين إلى ما يشبه المعارك الحربية بين الجماهير، سواء كانت عربية أو أوروبية، وهو ما يشبه انتفاضات الجامعات الأمريكية والأوروبية التى تتكرر الآن فى ملاعب الكرة، ومازال بن غفير وسموتريتش وفرقتهما الوزارية يمارسون هواية الاستفزار، وطرح كل ما يصنع الكراهية بين الشعوب، ويؤثر فى مستقبل العلاقات، ليست السياسية فقط، ولكن الجماهيرية كذلك، إذ كيف تستطيع حكومة أن تقف ضد إغاثة اللاجئين؟، فما حدث مع «الأونروا» هو حالة حرب جديدة على أكثر من 6 ملايين فلسطينى مشردين فى المخيمات، وعائلهم الوحيد المساعدات الدولية التى تصل لـ«الأونروا».
أعتقد أن البيان الختامى للقمة العربية والإسلامية غير العادية يجب أن يحمل للإسرائيليين مخاوف كثيرة فى المستقبل، لأنه يضعهم فى موقف المنبوذ، حيث أكثر من نصف شعوب العالم يدعو إلى حظر تصدير السلاح لإسرائيل، وتجميد مشاركتها فى الأمم المتحدة، بل يؤكد مركزية القضية الفلسطينية، وحل الدولتين الذى مازالت إسرائيل تقاومه، بل تتحدث عن التوسع بضم الضفة الغربية إليها، ولا تكتفى بملاحقتها بالمستوطنات، وسوف تتحمل إسرائيل مسئولية فشل جهود وقف إطلاق النار نتيجة تراجعها عن الاتفاقات السابقة، وأخيرا، فإن الدول العربية والإسلامية كانت فى غاية الوضوح، والرغبة فى تحقيق الاستقرار، ووقف الحرب، حتى تكشف العدوانية الإسرائيلية أمام كل العالم، ولذلك فإن إسرائيل، إذا استمر هذا الضغط، وسوف يستمر، ستواجه فى المستقبل ما لا تستطيع مجابهته، ويجبرها على التسليم بالحقوق العربية، وفى مقدمتها حق الفلسطينيين فى تقرير المصير، والدولة المستقبلية.
الأهرام