مصمم الأزياء إيلي صعب.. هل تآمر على مهرجان القاهرة؟

يجب علينا ألا نخلط الأوراق بين الفنى والسياسى والوطنى والثقافى والترفيهى، مع الأسف صار لدينا خلاط لا يتوقف عن العمل ٢٤ ساعة يوميًا، يضع الكل فى بوتقة واحدة، نتابع حاليًا مشاهد عبثية، نسارع باتهام إنسان ولا أقول فقط فنان، فى ولائه الوطنى لأنه لم يحضر هذا الاحتفال وشارك فى آخر، ببساطة نتهمه بالخيانة الوطنية.

كتبت يسرا قبل يومين على صفحتها اعتذارًا لحسين فهمى، تؤكد أنها ارتبطت بموعد سابق يتوافق مع ليلة افتتاح مهرجان (القاهرة السينمائى)، ووعدت بالحضور فى حفل الختام.

هل كان ينبغى أن تحيل يسرا (الخاص) إلى عام؟، المنطق فى الظروف الطبيعية هو الاعتذار فقط لرئيس المهرجان وليس الجمهور.

الذى دفع يسرا لذلك هو تخوفها من المسارعة بفتح النيران عليها من جيوش (السوشيال ميديا) لأنها ذهبت إلى حفل أزياء عالمى لإيلى صعب يقيمه فى الرياض تحت مظلة هيئة الترفيه، كان مع يسرا نحو خمسة فنانين آخرين مصريين مثل أحمد حلمى، وهو بطبعه لا يشارك بالحضور فى مهرجان القاهرة إلا فيما ندر، وواحدة منها كان مسؤولًا عن تقديم فقرات الافتتاح فى مرحلة تولى عمر الشريف القيادة الشرفية، وقدم ليلة حقًا خفيفة الظل، إلا أنه أساسًا لا يضع مهرجان (القاهرة) على خريطته، ورغم ذلك هاجموه.

من الممكن أن تذكر على الأقل ٥٠ نجمًا ونجمة مصريًا كانوا بالقاهرة ولم يشاركوا فى حفل الافتتاح، ولا فى عرض إيلى صعب، الأمر ليس متعلقًا بوجود بديل فى الخارج، ولكن فى غياب شغف الحضور للمهرجان.

أراها حرية شخصية وليس لها علاقة بالمشاعر الوطنية، الكاتب الكبير الراحل لينين الرملى لا أتذكر مثلا أننى رأيته مشاركا فى مهرجان، وقبل رحيله بعام أو اثنين حضر تكريمه، وصعد على المسرح ولم يقل كلمة، تكوين شخصى لا نستطيع سوى التعايش معه، حضرت هند صبرى وسيرين عبدالنور وكنده علوش، وأمينة خليل وهدى المفتى عرض إيلى صعب، وكانوا جزءا من الحفل وحصلوا على أجر، هل هذا يصبح سبة فى جبينهم؟.

عمرو دياب مثلا غنى كما يشارك فى الغناء فى حفلات متعددة، وتلك مهنته، لا أتذكر أننى شاهدته فى مهرجان سينمائى، إلا فقط (الجونة) يقدم حفلا غنائيا مع اقتراب الختام، ولو عرض عليه مهرجان القاهرة عرضًا أفضل سيشارك، علينا أن نواجه أسباب الغياب.

كم مرة حضر حسين فهمى كفنان وليس كرئيس للمهرجان.. المهرجان؟

رأس حسين (القاهرة) ٦ مرات وهذه هى السادسة حضرها قطعا بصفة اعتبارية، لن تستطيع سوى إضافة مثلا ٥ دورات أخرى حضرها كنجم، هل عاتب أحد حسين؟، أغلب نجومنا يحضرون على سبيل المجاملة لرئيس المرجان، مثلا فى هذه الدورة شاهدت نيللى ونبيلة عبيد ولبلبة وليلى علوى وإلهام شاهين ومحمود حميدة أشهر الحاضرين، حرصوا على تلبية دعوة حسين.

نجوم فرنسا مثلا يشاركون فى مهرجان (كان)، ونجوم أمريكا يحضرون مسابقة (الأوسكار)، هل فى المعادلة أى بصيص من المشاعر الوطنية؟.

إطلاقا، حرية شخصية تخيل مثلا أن نجما مثل روبرت دى نيرو يحضر مهرجانى (كان) و(برلين) ويعتذر عن مسابقة (الأوسكار) الأمريكية هل يعلنون الحرب ضده مشككين فى وطنيته.

لدينا قطعًا أزمات تحول دون تحقيق رئيس المهرجان لأحلامه وليست كلها بالمناسبة مادية، (أم المشاكل) تضاؤل وهج المهرجان محليا وعربيا وعالميا، وعلينا أن نبحث عن السبب.

مثلا تواجد أفلام المهرجان فى الشارع بعيدا عن قيد أسوار الأوبرا أراها خطوة هامة، هل نعقب ذلك بإعلان أرقام بيع التذاكر حتى نتأكد من نجاح التجربة؟

سعر تذكرة السينما الحالى أراه عائقا، هل تم تخفيضها؟، الثمن لا يشجع على قطع تذكرة لفيلم أجنبى.

كيف نزيد من وهج مهرجان القاهرة عنوان مصر الأول، وهذا لا يأتى إلا من خلال المتابعة الجيدة لكل تفصيلة، ونتوقف عن الإشادة معصوبة العينين، وإطلاق واستخدام تعبير مثل (سيد المهرجانات)، وكلنا ندرك أن (السيد) لا يستطيع الحصول على الأفضل مصريا وعربيا ودوليا، وليس الأمر قاصرا على المعوقات المادية، التحرر الرقابى من القيود يلعب أيضا دورًا سلبيًا.

لديكم مثلا حفل الافتتاح (عرض الرجل الواحد)، ظل حسين قابعًا على خشبة المسرح ممسكًا بالميكروفون طوال زمن الحفل، لم يتركه سوى بضع دقائق لجاسمين طه زكى لكى تذكر أسماء لجان التحكيم والمكرمين، وبضع دقائق أخرى لدكتور أحمد هنو ويسرى نصرالله أحمد عز، المفروض أنها ليست (ليلة حسين فهمى)، اسمها (ليلة مهرجان القاهرة).

المهرجان تباهى هذا العام بترميم الأفلام، وهى قطعا قضية أمن قومى، عظيم أننا نحاول إصلاح أخطاء الماضى المتراكمة، الترميم لم يعد مثل الماضى مكلفًا، إلا أنه بحاجة إلى قدرة على التنفيذ، تلك البرامج المتخصصة منتشرة على (النت)، وكثير من الهواة، قاموا بتلوين عشرات إن لم يكن مئات الأفلام بدون أن يطلب منهم أحد ذلك.

ويبقى الدرس الأهم، علينا ألا نستسلم لتحميل الآخرين سبب فشلنا ولكننا نواجه أنفسنا، ما الذى يحفز نجمًا عن الذهاب للمهرجان وحضور فعالياته؟ اختصار الأمر فى الإغراء المادى قصور فى الرؤية، فى الماضى القريب مثلا كنت أشاهد محمود حميدة هو الأكثر حرصا على المشاركة فى متابعة الأفلام فى المهرجانات داخل وخارج مصر، أتذكر مثلا لبلبة على الأقل ٢٠ دورة فى مهرجان (كان) تحضر على نفقتها الخاصة وتقيم فى ( استوديو) لا يتجاوز حجمه غرفة وصالة وتشاهد الأفلام، أيضا ليلى علوى ومحمود عبدالعزيز ويسرا وليلى علوى كثيرا ما التقينا فى (كان) وغيرها من المهرجانات وتابعت شغفهم بالمتابعة.

هل كان ينبغى أن نلغى المهرجان فى العام الماضى بسبب مذبحة ٧ أكتوبر؟

المذبحة امتدت من غزة إلى لبنان والدماء ارتفع معدل نزيفها، ولكننا أقمنا المهرجان هذه الدورة ووصلت الرسالة للعالم.

وهو ما كان ينبغى أن يحدث العام الماضى، إلا أن الحناجرة وقتها قرروا إيقاف كل الأنشطة الثقافية، وكالعادة انتصرت أصواتهم الزاعقة.

لا توجد مؤامرة تسعى لاغتيال قوى مصر الناعمة، فقط افتحوا الأبواب واحتضنوا المواهب وواجهوا المعوقات!!.

المصري اليوم

يقرأون الآن