يتمتع معالي النائب الأول، وزير الداخلية والدفاع، الشيخ فهد يوسف سعود الصباح بثناء جماعي صادر من ترحيب شعبي للأهداف التي يريد تحقيقها في إزالة التزوير الذي تمكن من ملف الجنسية الكويتية، بتواطؤ ساطع شارك فيه بعض المسؤولين في الوزارة، خالفوا الأمانة واستخفوا بمعاني الولاء الوطني، بعضهم أصابه العقاب، وآخرون اختفوا هاربين، والبعض الآخر لازال سليماً من الملاحقة..
كانت اجراءات حماية الجنسية ركيكة وناقصة في عملية التدقيق، عاجزة عن التصدي لإبداع المزورين وكشف حيلهم، وفوق ذلك، لم تكن آليات حماية الجنسية بالمستوى المناسب للإغراءات التي تفتح شهية المزورين الحريصين على تحقيق هدفهم في نيل الجنسية الكويتية المعبأة بالامتيازات التي توفرها للمواطن.
وقد اكتشف النائب الأول هذه الحالة الخطرة والمؤذية المتمثلة في سهولة وصول المزورين لأهدافهم بسبب ضعف الآليات ورخاوة التحقيق، ومن هذا الواقع انضم منذ عام 1994 إلى عام 2024، 968 ألف كويتي إلى سجل السكان، كما تؤكد الوثائق، معمقة المخاوف من أعباء التزوير وما تفرزه من مخاطر على سلامة وأمن الكويت وتأثيرها على قواعد الوحدة الوطنية التي هي أهم رادع تملكه الكويت.
والواضح أن النائب الأول في تناوله الملف الخطر اكتشف مواقع الضعف في آليات التجنيس وأسهم بتوسيع دروب البحث والتنقيب عن المزورين بمناشدته المواطنين إبلاغ الوزارة بما لديهم من معلومات فيها واقع التزوير، وفوق ذلك، جند من يتحرى للتدقيق في صحة المعلومات قبل اعتمادها.
ولا شك أن النائب الاول يظل ملاحقاً لملف الجنسية عارفاً بأن الأوضاع الإقليمية تستوجب الحذر مع إغلاق المنافذ التي تؤذي الأمن الكويتي وأبرزها التجنيس وتسلل المزورين إلى عظام الدولة، كما اتضح من تواجد سوريين مزورين حملتهم الشطارة إلى مواقع الجيش والشرطة وآخرين من جنسيات تسعى لزرع كتائب مدسوسة في الجسم الكويتي، وبالطبع نجحت مساعي التزوير لأنها أمنت الشراكة مع كويتيين استجابوا لجاذبية الرشوة، وتعاونوا لإدخال ميليشيات أو عصابات في غسل الأموال وتوفير المناخ المناسب لفهلوة الخداع وشحن البلد بالتوتر، ومن هذه الملاحقة القوية للتزوير وتنظيف ملف الجنسية، وما أفرزته من مؤازرة شعبية لخطوات النائب الأول، برزت بعض الحقائق التي لا بد من الاستئناس بها في مسار ملاحقة التزوير.
أولاً- الابتعاد عن تحميل مسؤولية التدقيق في أحقية الجنسية لشخص واحد مهما كان مركزه ومهما كانت مسؤولياته، ولنعترف بأن إعطاء الصلاحية لشخص واحد كان من المسببات التي أدخلت عناصر غير لائقة للالتحاق بالجنسية الكويتية، ويتفهم معالي النائب الأول قلق الكويتيين ومخاوفهم من ذلك الترتيب الذي أدخل من لا يستحق ومن عناصر غير ملائمة للمجتمع الكويتي.
ثانياً- يتطلع المجتمع الكويتي إلى أن يستمر التواصل مع معالي النائب الأول عبر لقاءات صحافية مع رؤساء تحرير الصحف، ينقل فيها واقع ملفات التزوير التي توفر للرأي العام الكويتي الاطمئنان على حسن المسار في ملاحقة التزوير وكشف جنسياتهم المخبأة، فقد كسب النائب الأول ثقة الناس ورأوا فيه تفانياً وطنياً خالياً من أغراض مكتومة.
ثالثاً- لابد من أن تملك الوزارة اليقين بأن من أسقطت جنسياتهم تسللوا إلى ملف التكويت بالتزوير والبهتان، فلا بد أن تعبأ الوزارة ملفاتها للرد على من يعترض بالدليل غير القابل للجدل، فواقع العالم يزداد تشابكاً بفضل التكنولوجيا وتداخل المصالح وتقريب المسافات وترابط الحوارات والانتماء الجماعي لمواثيق ترسم خريطة لحقوق الإنسان، فمن المهم تحقيق قناعة عالمية بشرعية الاجراءات الكويتية، فالميثاق الذي قبلته الأسرة العالمية عام 1948، اتسعت مساحته ليشمل جميع أجزاء الكرة الأرضية، ونحن من ضمنها ولدينا جمعيات أهلية ورسمية تتعامل مع هذا الملف الإنساني.
رابعاً- المهم في هذه المرحلة أن تتعاظم الروابط بين النائب الأول وجهاز الداخلية وبين منظمات المجتمع المدني الكويتية، وهي تتحمل مسؤولية التصدي لمن يوظف الملف الكويتي الداخلي للتنديد بإجراءات الداخلية، ولمحاولة تلويث صورة الكويت، وأن يقدم معالي النائب الأول كل التفاصيل، ويعتبر هذه الجمعيات حليفاً مناصراً، مدركاً لعبء المسؤولية الوطنية في عرض الواقع من دون تجميلات زخرفية، وأن تتحمل هذه الجمعيات متاعب تطويق الاشاعات ودحضها بقوة صدق الوثائق المتوافرة للوزارة.
خامساً- لا جدال حول حجم التفاني في حمل أثقال المسؤولية التي يتحملها معالي النائب الأول، وصدق أهدافه وتجاوبه مع متطلبات الكويت الأمنية مع الاعتراف بحجم الثقة التي نالها من قبل المواطنين، ومع كل ذلك، فالحرص على حساسية المأمورية وإدراك انعكساتها على صورة الكويت اللامعة، تستوجب الحذر في المداولات والتواصلات بين أبناء الوزارة وبين أفراد المجتمع، ترجمة لوعي المسؤولين لطبيعة المهمة ومتطلباتها، لاسيما تجنب صخب الإعلام وافرازاته.
سادساً- من المنطق أن تحضر وزارة الداخلية نفسها لاحتمال صعود حملات خارجية تبحث عن أي ضعف في الجسم الكويتي لتسخره للتشهير والاستخفاف والنقد اللاذع، وسيكون موضوع إسقاط الجنسيات المتصاعدة أعدادها البند الرئيسي في لائحة حملات التلويث، الأمر الذي يفرض على الوزارة الإعداد الجيد للتصدي بالحقائق والوثائق المؤكدة لقرارات الإلغاء، خاصة أن معالي النائب الأول يؤكد وبنغمة حادة، أن حالات التزوير واهنة وبصورة لا تستدعي النفي والإنكار، مع الإقرار بأنها لن تختفي ولن تنتهي طالما يستمر التواصل في عملية الإلغاء، كما لا نستبعد أن يتكاثر المعترضون والناقدون.
سابعاً- لا يخفى على معالي النائب الأول أن محاولات اختراق الكويت لن تتوقف، وإذا وجد الطامعون بأن آليات الاختراق العسكري أصبحت مستحيلة ومتعذرة فإن البديل يبقى التسلل عبر التواجد غير الشرعي متمثلاً في تعدد الخيارات، ولا نتجاهل بأن أحد الممرات المناسبة هي ادعاء الانتماء عبر استغلال أصحاب الذمم المتآكلة بالرشاوى وجاذبية المال واللجوء إلى آخر فنون التزوير لتذليل الصعوبات نحو الجنسية والادعاء الكاذب بالمواطنة، فأهم الدروس التي استوعبناها قوة الحذر وتواجد الوعي ومسؤولية الجهاز الوظيفي ودقة التحقيقات واستغلال التكنولوجيا لتعرية الأكاذيب والتزويرات.
ثامناً - لابد من تصعيد اليقظة الأمنية بالاحتياط الذي تتطلبه المرحلة التي تفرز مختلف الاحتمالات، فالإرهاب لا يملك المروءة ولا توجد في فضائه حنية تردعه، خاصة أن وزارة الداخلية تعرف أن المستهدفين من قبل الوزارة هم محترفون في فنون التزوير، ولا نستبعد إمكانية اللجوء إلى العنف انتقاماً لهذه الاجراءات.
تاسعاً - لمعالي النائب الأول أصدق مشاعر الدعم والمساندة من جميع أبناء الكويت، آملين أن يتواصل في عمله لاكتمال شروط النجاح في أخطر مسيرة وطنية، ويتحصن من اللدغات التي يطلقها المزورون ومناصروهم المتربصون لاستغلال ما يصدر عنه من تصريحات.
القبس