أخيراً وقع المحظور، وحصل ما كان متوقعاً وما كان يتمّ التحذير منه. إشتعل جبل النفايات في طرابلس على طريق المحجر الصحي بعدما وصلت النفايات في المكب إلى مكان اصطُلح على تسميته بجبل النفايات. وقد أدّى اشتعال النار إلى انبعاث روائح كريهة انتشرت في كل أرجاء مدينة طرابلس وضواحيها، وشوهد الدخان من مناطق بعيدة من عكار.
لطالما كان جبل النفايات هذا مثار جدل واعتراضات لدى نشطاء طرابلس ومطالبة بإيجاد حل يريح المدينة وأهلها من الكوارث والمخاطر على صحة الأهالي، كلّما انبعثت الروائح الكريهة منه. وقد استنفر حريق جبل النفايات الأجهزة الأمنية لا سيما الجيش وقوى الأمن الداخلي، حيث عمد الجيش إلى قطع الطريق البحري عند المحجر الصحي بسبب الدخان الكثيف المنبعث، وجرى تواصل هاتفي بين وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي وقائد الجيش العماد جوزاف عون لإرسال طوّافات عسكرية للمساعدة في إطفاء الحريق المندلع. كذلك استنفرت فرق الإطفاء والدفاع المدني واستقدم الجيش طوافتين عسكريتين للمساعدة في إخماد الحريق إلى أن تمت السيطرة عليه مع ساعات المساء الأولى.
وأحدث الحريق حالة من الهلع في نفوس الطرابلسيين بعد الشائعات التي سرت بإمكان انفجار المطمر بفعل الغازات الدفينة تحت الأرض مع النيران، بشيء يشبه ما حصل في انفجار مرفأ بيروت وبأن الواجهة البحرية لمدينة طرابلس بكل أبنيتها مهدّدة. إلا أن خبراء في المجال البيئي تواصلوا مع المواطنين عبر وسائل التواصل الإجتماعي ومجموعات «الواتساب» لطمأنتهم والتأكيد أن لا وجود لانبعاث غازات خطرة ولا داعي للهلع.
أتى حريق جبل النفايات ليضيف على المدينة الخائفة مزيداً من المخاوف. فممّ ستخاف طرابلس؟ أمن الأمن السائب؟ أم من السلاح المتفلّت؟ أم من المشاكل والأزمات التي لا تنتهي؟ ومع أن الحريق أطفئ إلا أن التخوّف يبقى سائداً من إمكانية تجدّده في أي لحظة والتخوف الأكبر من جبل النفايات نفسه الذي يحتاج إلى حل ومعالجة، ومنع الطمر فيه بشكل نهائي لا سيما أنه لا يزال هناك رمي وطمر فيه يحصل بشكل سرّي، وهناك حاجة فعلية في مدينة طرابلس إلى معمل فرز عصري ومطمر صحي لحل أزمة النفايات في المدينة بشكل علمي ونهائي ومدروس.
مايز عبيد - نداء الوطن