هل يمكن أن يصبح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رئيسا للجمهورية اللبنانية؟
طُرح هذا السؤال قبل سنوات كان مثيراً للاستغراب، فالمسافة السياسية التي كانت تفصل بين رئيس القوات سمير ورئاسة الجمهورية كانت بعيدة جداً. ولعل الانجاز الأول الذي حققه جعجع اليوم أنه قلّص هذه المسافة إلى حدّ كبير، وجعل ان مثل هذا السؤال لم يعد موضع استغراب وانما صار طبيعياً وواقعياً، واصبح سمير جعجع منتمياً إلى نادي المرشحين الجديين لرئاسة الجمهورية وتحول الى "مشروع رئيس" بعد كل التطورات التي شهدناها في الفترة الأخيرة، من اضعاف قوة "حزب الله" الى اسقاط نظام بشار الأسد في سوريا وصولا الى القدرة التمثيلية القوية للمسيحيين في مجلس النواب كأكبر كتلة مسيحية بعد الانقسامات والإنشقاقات التي أصابت جسم التيار الوطني الحر والعقوبات الأميركية على رئيسه جبران باسيل.
يُسجّل " للحكيم" أنه أحسن إدارة الفترة الانتقالية التي مرت بها المنطقة، وخاضها بطريقة تخالف المألوف والتقليد في لبنان. فكان الوحيد الذي أعلن استعداده للترشح لرئاسة، وجاهر بطموحه الرئاسي عن سابق تصور وتصميم من دون خجل أو وجل… وكان الوحيد بين المرشحين المضمرين الذي قدم مشروعه الرئاسي وبرنامج حكم شامل متكامل في بنوده الموزعة على كل المجالات والشؤون.
ومع ان برنامج الحكم ليس مطلوباً في لبنان حيث النظام ليس نظاماً رئاسياً وحيث الصلاحيات الفعلية ليست في يد رئيس الجمهورية الذي لا يتحكم بدفّة الحكم ولا يستطيع ان ينفذ ما يعد به لالف سبب وسبب دستوري، فان هذه الخطوة تُسجّل لـ "الحكيم" الذي أراد ان يكون منسجماً مع نفسه وقناعاته، شفافاً مع جمهوره ومناصريه.
بعد جلسات الانتخاب المتتالية والتي توافر فيها نصاب الثلثين والاقتراع. كرّس سمير جعجع نفسه مرشحاً فعلياً وجدياً عن فريق المعارضة وعزّز شرعيته السياسية ومكانته وصدارته "المسيحية".
وهنا وإذا كان سمير جعجع نجح في تحسين وضعه مع تاجع حظوظ قائد الجيش العماد جوزف عون لأسباب باتت معروفة وتراجع حظوظ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لمجاهرته مرارا وتكرارا بولائه للنظام السوري.
النجاح الأبرز والأهم الذي حققه "الحكيم" كان في مجال تعزيز "وضعه السنيّ" ايضاً إذا جاز التعبير، من خلال تأييد الرياض له كحليف من خارج الطيف السني ودعمه خلال الفترة السابقة.
إضافة الى ما اكتسبه جعجع من "بعد وعمق" في العالم العربي، ومن اعتراف عربي بموقعه المتقدم والمميّز على الساحتين المسيحية واللبنانية، وما اكسبه ذلك من دور وحجم و"اطلالة" عربية ومعاملة له تعادل معاملة رؤساء الدول على النحو الذي حصل مؤخراً في السعودية وقطر والامارات وقبل ذلك في الكويت ومصر ودول اخرى… وما حصّله جعجع عربياً جاء نتيجة جهد ومثابرة ومواقف ثابتة لا تتغير مع تغيّر الظروف والمصالح.
صحيح ان سمير جعجع لحقه ظلم وتجنٍ عندما استثني من بين كل قادة المليشيات وزعامات الحرب الذين يتشاركون المسؤولية ويتساوون في الأخطاء والارتكابات، وعندما وضع في السجن السياسي عقاباً له على خيارات وسياسات اقتنع بها ومارسها ولم يحد عنها… لكن الصحيح ايضاً ان سمير جعجع ما زال يدفع ثمن تلك الحقبة الظالمة من حياته. وهو يعرف ذلك ويدرك وضعه والحظوظ التي تحكمه، ولانه عارف ومدرك لم يتأخر ولم يتردد في ابداء الاستعداد للانسحاب من السباق الرئاسي والتخلي عن ترشيحه في حال توافرت امكانية وظروف الاتفاق على رئيس جديد للجمهورية.
المعادلة اليوم تغيرت وفرص وصول الدكتور سمير جعجع إلى رئاسة الجمهورية باتت متوافرة.
وما كلام الحكيم عن إستعداده لإعلان ترشحه لرئاسة الجهورية، في حال تقبل الحد الأدنى من الكتل النيابية ترشحه، الا نتيجة حتمية للتغييرات الجيوسياسية التي حصلت في المنطقة.
فها سنقل فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية الدكتور سمير جعجع في جلسة التاسع من كانون الثاني / يناير المقبلة؟.