تم توقيع «اتفاقية كامب ديفيد» بين مصر وإسرائيل فى (17 سبتمبر 1978) التى وقعها الرئيس الراحل أنور السادات ومناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل والتى شهدها الرئيس الأمريكى جيمى كارتر فى «منتجع كامب ديفيد» الريفى الذى يبعد عن واشنطن - العاصمة الأمريكية - بحوالى (100) كيلومتر، ومنذ ذلك الحين تعرضت مصر - قيادة وشعباً - لحملات هجوم غير منصفة ونقد غير مبرر من بعض القادة العرب المعروفين بالاسم، زاد استفزازهم وسخريتهم واتهامهم لمصر باتهامات باطلة، غضب الرئيس العظيم أنور السادات واستغل الفرصة خلال إلقاء كلمته فى احتفالات عيد العمال فى (مايو 1981) للرد على هجوم بعض الزعماء العرب وقال نصاً: (إن «كامب ديفيد» تدعو للسلام ونشرت السلام وقمت بدعوة كل أطراف الصراع كى يمدوا أيديهم لنا ونحرر الأرض ونقر بحقوق الشعب الفلسطينى ولم نتخل عنها، بل ونطالب الاحتلال الإسرائيلى بَدَل ما هو احتلال دائم يكون خمس سنين وبعدين يمشوا ويأخذ الفلسطينيون حقوقهم ويتم إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للضفة وقطاع غزة، «كامب ديفيد» لا تدعو للتمزق العربى، آن الأوان لاتخاذ موقف عربى واحد بدلاً من الهجوم عليها).. زادت عصبية «الرئيس السادات» وضرب عدداً من الأمثلة عما يحدث من انقسام عربى لم تكن «كامب ديفيد» سبباً فيه وقال نصاً: (لا تعلقوا أخطاءكم على «كامب ديفيد»، أى حاجة تحصل تقولوا «كامب ديفيد»، «كامب ديفيد» هى الشماعة التى تعلقون عليها أخطاءكم).
الله يرحمك يا «سادات» يا من صنعت السلام، ونشرت السلام، واستعدت الأرض والكرامة، وخضت معركة أخرى فى المفاوضات مع إسرائيل كانت أشد ضراوة من معركة العبور، خضت معركة من أجل السلام ودفعت حياتك ثمناً له.. سلام الشجعان الأقوياء القادرين على الحرب فحاربوا، والقادرين على إقرار السلام فنشروه ونعموا الآن به.. عادت -سيناء- الأرض المصرية الحبيبة -شبراً شبراً- إلى أحضان الوطن، تم توقيع «اتفاقية كامب ديفيد» وعاد تراب الوطن كاملاً، وقالها السادات: «حاربنا من أجل الأرض وسنحارب من أجل نشر السلام».
مرت سنوات طويلة، وما زال الباكون المتباكون يبكون ويشهرون بالاتفاقية، رغم أن الأرض عادت والسلام سائد، رغم أن «السادات» قالها مراراً وتكراراً: دعونا كل الأطراف للتفاوض ودافعنا عن حقوق الشعب الفلسطينى وإنهاء الاحتلال.. لكنّ فى قلوبهم مرضاً، ما زالوا ينتقدون «كامب ديفيد» حتى الآن، وما زالت شماعة «كامب ديفيد» جاهزة لكل المشكلات العربية، ينتقدونها فى كل الأوقات والأحيان، «كامب ديفيد» لم تحرض «صدام حسين» على حرب إيران أو غزو الكويت، «كامب ديفيد» بريئة من صدامات «حافظ الأسد» مع أهالى حماة، «كامب ديفيد» لا علاقة لها بالمشاحنات التى تمت بين شعب لبنان، «كامب ديفيد» بريئة من المواجهات بين ليبيا وتشاد فى عهد القذافى.
بالعكس، فقد تمت معاقبة «مصر» من وجهة نظر بعض الزعماء والقادة العرب وقتها، وقرروا سحب مقر جامعة الدول العربية من مصر ونقله إلى (تونس)، تحالفوا، توعدوا، والنتيجة كانت مفتعلة وبفعل فاعل وهى (اتساع فجوة الانقسام العربى)، لكننا من وجهة نظرنا نرى أن النتيجة الحقيقية التى نلمسها على أرض الواقع هى «عودة الأرض المصرية كاملة والتأكيد على الحقوق الفلسطينية ونشر السلام والعيش فى سلام والتفرغ لبناء مصر وإنهاء فترات عصيبة خاضت فيها مصر حروباً كثيرة».
الوطن