فتاوى تنتهك الدستور والقانون

يتجاهل البعض القوانين الصادرة من جهات التشريع الرسمية وفق الدستور والقانون وصارت واجبة التطبيق، ويعتمدون على فتاوى صدرت منذ قرون مضت، وينزعونها من سياقها التاريخى، فى الفهم والإدراك والبواعث والغايات، ويصرون على وصفها بأنها (الشرعية) وأنها صالحة لكل زمان ومكان، ويرفضون مناقشة أنها ربما كانت صالحة لزمانها ولكنها تتعارض مع الدولة الحديثة التى يطمح إليها الشعب! ومن هنا جاءت الفتوى الغريبة قبل شهرين التى استحلَّ فيها أستاذ بجامعة الأزهر للمواطن أن يسرق من أجهزة الدولة الكهرباء والمياه والغاز!. وكان الخطر الحقيقى هو السعى لإثبات بطلان الفتوى بفتاوى أخرى تُحَرِّم الفعل وتعتبره سرقة!. وطالب بعض المخالفين بتطبيق حد السرقة على من يسرق استحقاقات الدولة فى توفير هذه الخدمات!. وتكرر الموقف مرة أخرى، فى فتوى أخرى تُجِيز للمواطن أن يستولى على أراضى الدولة فى غير سياق القوانين المنظمة لوضع اليد، لأن من يضع يده عليها، فى زعم أصحاب الفتوى، يطبق مضمون الحديث الشريف بأن من يحيى أرضاً ميتة تصبح ملكاً له، وعزّزوا حجتَهم بأن هذا كان مرجعية رؤساء حكومات سابقين كانوا يقولون بهذا.

الخطورة الكبرى فى التهاون مع العواقب شديدة السلبية لمثل هذه الفتاوى، التى يتعمد أصحابها أن ينتهكوا الدستور والقانون، ويجادلوا بأن الأهم تطبيق تعليمات الدين كما يفهمونها، ويعتمدوا على أن لهم جماهير عريضة تثق فى أنهم حماة الدين، ليس فقط فى حدود دراستهم الرسمية فى إطار مؤسسات التعليم الدينية، ولكن تمتد الثقة فيما يقولون حتى لو دخل فى مجالات لا يعلمون عنها شيئاً، فى الطب أو الفضاء أو الصحة البدنية والنفسية للبشر..إلخ.

والمؤسف أن يُترَك أمر محاسبة هؤلاء إلى المؤسسات الدينية، التى يشارك فى مسئوليتها عدد ممن يتبنون نفس الأفكار، فيعملون على مجاراة الموقف العام الرافض، ويتخذون إجراءات مؤقتة تبدو وكأنها تعاقب أصحاب الفتاوى المنفلتة. ولكن المفاجأة، أو قل الصدمة، أن يظهر بعد فترة نفس الشخص يفتى بفتاوى على نفس المسار الذى يستدعى نموذجاً من الماضى تسبب فى عذابات قديمة ويسعى إلى فرضه على زماننا.

الأهرام

يقرأون الآن