كارتر.. فى تاريخنا!

رحل الرئيس الأمريكى جيمى كارتر الـ"39" للولايات المتحدة الأمريكية عن عمر 100 عام، وهو الأطول عمرا، والأقصر فى الرئاسة (1977-1981)، والذى بنى إرثا من الشجاعة، والوضوح الأخلاقى خلال عقود من الخدمة العامة. لقد أحببت كارتر، وزرته بجورجيا فى الثمانينيات وهو متقاعد، وركبت إلى جواره وهو مزارع يحرث الأرض، ويزرع الفول السودانى، ويحصده بنفسه، وعندما نتعمق فى كارتر السياسى سنجده الرئيس الذى يكاد يكون الوحيد فى أمريكا يؤمن بأن هناك قضية فلسطينية، وشعبا يستحق الحياة، ويحتاج إلى تقرير المصير، وفى العقود التى تلت مغادرته المنصب لم يترك حجرا إلا قلبه فى سعيه لتحقيق سلام عادل للفلسطينيين، ولكل شعوب الشرق الأوسط، وهو فى قوته رئيسا حاول أن يمهد الطريق لتحقيق السلام الدائم ولم يتمكن ولكنه لم يتوقف، وهذا اعتراف بإنسانيته، ورؤيته السياسية الأخلاقية، أو القيمية بشكل إستراتيجى، ويعتبر كتابه "سلام أم فصل عنصرى" مرجعا فى نقد العنصرية، ورفض الأفكار الاستيطانية، وقد تسبب هذا الكتاب فى وصفه بمعاداة السامية، ولا أعرف لماذا لم نحتفِ به فى منطقتنا!، وبالنسبة لنا كمصريين نتذكر الرئيسين كارتر وأيزنهاور، فالأول كان شريكا للسادات، ونجحا بشكل مدهش فى صناعة السلام فى كامب ديفيد 1978، وأيزنهاور ساعد عبدالناصر فى 1956 خلال العدوان الثلاثى.

لقد زار كارتر مصر خلال فترة رئاسته فى 8 مارس 1979، ورافق الرئيس السادات كارتر بالقطار الرئاسى بين القاهرة والإسكندرية، وخرج المصريون فى طنطا للترحيب بالرئيس الأمريكى الذى صنع السلام مع السادات، وكان يستحق نوبل فى قضية الشرق الأوسط ولم يحصل عليها ولكنه حصل عليها عام 2020 بسبب جهود جمعيته الأهلية، ونحن نقدر كارتر الرئيس كما قدرنا، فقد كان يصف مصر بـ"أم الدنيا"، والسادات بالنسبة له أعظم قائد عالمى عرفه فى حياته، وكان يقول لكل من يقابله من بلدنا إن الكلمات لا تفى بحق مصر، وتعجز عن وصف رجل عظيم مثل السادات، ونحن فى منطقتنا مازلنا لا نعرف أصدقاءنا، ولا نعرف كيف نستفيد منهم لقضايانا، وعادة ما تضيع الفرص الثمينة، ولذلك تتأخر قضايانا عن الحلول، وتضيع السنوات على شعوبنا، ولعل قضية فلسطين مثال، فتقديرا، واحتراما لسيرة وسياسات الرئيس كارتر، وأدواره معنا.

المصري اليوم

يقرأون الآن