اجتاز اللبنانيون حاجزا صعبا فى تاريخهم الحاضر، أو نفقا مظلما فُرض عليهم لسنوات، واستطاعوا، بعد حرب ضروس، وإعادة احتلال الجنوب، وتدمير الضاحية الجنوبية، أكثر من عامين وشهرين و10 ايام، ملء الشغور، أو الفراغ الرئاسي، بانتخاب الرئيس الـ "14" فى تاريخهم، وهو حدث مميز، حيث انتخبوا قائد الجيش العماد جوزيف عون.
لقد حمل الانتخاب فى حد ذاته، رغم صعوباته التى استغرقت 13 جلسة برلمانية مصحوبة بالانقسامات، معنى أن الجمهورية اللبنانية والبرلمان، المجلس النيابى (المنتهية صلاحيته) كانا قادرين على تجاوز الخلافات العميقة، كما كانا قادرين على تحمل مسئولياتهما فى النفس الأخير لإنقاذ بلادهم من متاهات الحرب، والانهيار الاقتصادي، وقد كان الاحتقان باديا بين النواب، حيث لم يتخلصوا منه بعد، والسجالات لم تتوقف حول الدستور، وتجاوز هذه الشماعة، ضد مجموعات برلمانية استمرأت تعرية المجتمع، والدولة اللبنانية، واستفادت من غياب الدولة، وعدم وجود رمز لها لسنوات، ولذلك، فإننى أهنئ اللبنانيين بانتخاب رئيسهم، وعلى المرحلة الجديدة، وأشاركهم احتفالاتهم المستحقة، رغم أنها جاءت فى الوقت الحرج، وأتمنى لرئيسهم المنتخب ( العماد جوزيف عون) التوفيق، والذى كان خطابه، وتعهداته، بعد انتخابه، دقيقة للغاية، حيث تحمل رسائل عن عودة الدولة إلى صوابها، وأن الدولة اللبنانية سترعى كل طوائفها، وأنها لا تقبل بانكسار أى طائفة، والمعنى المقصود أن اللبنانيين سوف يحتضنون الطائفة الشيعية حتى لا تشعر بالانكسار وهى التى تحملت بالكامل تبعات الحرب المستمرة بعد غزة، والتى دمرت الضاحية.
لقد انتهت مرحلة خطيرة، وبدأت مراحل متعددة لإنقاذ لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، ومن الانهيارات الاقتصادية، والاجتماعية، وأن يتعاون اللبنانيون معا، وتنتهى مرحلة حزب واحد يحمل السلاح (حزب الله)، ويهيمن على مقاليد السلطة فى لبنان، وبالتالى تهميش كل الأحزاب، والمؤسسات اللبنانية.. إنه توقيت مصيري، فالرئاسة اللبنانية هى التى سوف تفتح مسار إعادة بناء الدولة لتكون قادرة على احتضان شرائح شعبها، وتنوعه، وتلك رسالة على استقرار المؤسسات اللبنانية، فقد جاء انتخاب الرئيس الجديد ليكون بمثابة طوق إنقاذ للمنطقة والشام من الحرب والانهيار، فمبروك للبنانيين انتخاب رئيسهم.
الأهرام