من المقرّر أن تجرى محادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني بين طهران من جهّة، وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة من جهة أخرى، في سويسرا الإثنين، قبل أسبوع من تولّي الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب منصبه.
وستجرى هذه المحادثات بعد أقل من شهرين على مفاوضات أحيطت بالتكتم بين إيران وممثلي الدول الأوروبية الثلاث في جنيف، في وقت يشعر الغرب بقلق إزاء تقدم البرنامج النووي الإيراني.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية لوكالة "فرانس برس": "هذه ليست مفاوضات"، فيما ذكرت إيران أنّها مجرد "مشاورات".
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي الإثنين أن المحادثات التي يتوقّع أن تستمر يومين ستتناول "مجموعة واسعة من المواضيع".
وأضاف أنه بالنسبة لطهران "الهدف الرئيسي لهذه المحادثات هو رفع العقوبات عن إيران" مشيراً إلى أن الجمهورية الإسلامية "تستمع إلى المواضيع التي تريد الأطراف الأخرى بحثها".
ولفتت وزارة الخارجية الفرنسية إلى أن اجتماع الإثنين هو "مؤشر إلى أن دول مجموعة الترويكا"، وهي صيغة تضم فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة "تواصل العمل من أجل التوصّل إلى حل دبلوماسي للبرنامج النووي الإيراني الذي يشكّل مستوى تقدّمه مشكلة بالغة".
ومطلع كانون الأول (ديسمبر)، أعلنت طهران البدء بتغذية أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع فوردو "ما من شأنه على المدى الطويل إحداث زيادة كبيرة في معدّل إنتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 60%"، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي رسالة إلى مجلس الأمن الدولي بتاريخ 6 كانون الأول، أعربت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة عن "قلقها" العميق وحضت الجمهورية الإسلامية على "إنهاء التصعيد النووي على الفور".
وناقشت الدول الأوروبية الثلاث الاستخدام المحتمل لآلية إعادة فرض العقوبات على إيران "لمنعها من امتلاك أسلحة نووية".
ويلحظ الاتّفاق النووي الذي أبرمته إيران عام 2015 مع فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والصين وروسيا والولايات المتحدة ونص على فرض رقابة دولية على برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها، آلية تسمح بإعادة فرض العقوبات.
وتنتهي في تشرين الأول (أكتوبر) 2025 مفاعيل القرار 2231 الذي يعنى بتطبيق اتفاق 2015، بعد عشر سنوات على دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
"التحدّي الاستراتيجي الرئيسي"
واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في السادس من كانون الثاني (يناير) أن إيران تشكّل "التحدّي الاستراتيجي والأمني الرئيسي" في الشرق الأوسط، محذّراً من "تسارع برنامجها النووي".
وأكّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مؤخراً أن بلاده "ستوجد المزيد من الثقة بشأن الطبيعة السلمية" لبرنامجها النووي مقابل رفع العقوبات.
وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تخصب اليورانيوم بنسبة 60% من دون أن تمتلك سلاحاً ذرّياً.
وببلوغها عتبة التخصيب عند مستوى 60% تقترب إيران من نسبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي.
وتؤكّد إيران حقّها في امتلاك برنامج نووي لأهداف مدنية ولاسيما توليد الطاقة، نافية السعي لحيازة قنبلة ذرية، وهو ما تشكّك فيه الدول الغربية.
وتجري المحادثات في فترة حرجة لإيران، إذ ضعف نفوذها في المنطقة مع تعرّض حركة "حماس" الفلسطينية المتحالفة معها و"حزب الله" لها لضربات قاسية بعد أكثر من عام من الحرب مع إسرائيل، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا الذي كان يشكّل حلقة أساسية في "محور المقاومة" الذي تقوده في المنطقة.
وتضاف إلى ذلك عودة دونالد ترامب الذي يتم تنصيبه في 20 كانون الثاني، وهو الذي اعتمد خلال ولايته الأولى (2017-2021) سياسة "ضغوط قصوى" على إيران.
وتصاعد التوترّ بشأن البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير في ظل رئاسة ترامب الذي انسحب بصورة أحادية من الاتفاق في 2018 وأعاد فرض عقوبات مشددة على إيران أضرت باقتصادها. وردّاً على ذلك كثفت الجمهورية الإسلامية نشاطاتها النووية وتخلت تدريجياً عن التزاماتها بموجب الاتفاق.
وأعرب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان منذ تولي مهامه في آب (أغسطس) عن رغبته في إجراء مفاوضات جديدة لإحياء الاتفاق، ساعياً إلى تخفيف العقوبات على بلاده لإنعاش اقتصادها.