قبيل حلول موعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من البلدات التي احتلها في جنوب لبنان، وخصوصا عند الحدود، في 27 من الشهر الحالي، لا يخلو الكلام في البلاد عن المستقبل العسكري لـ"حزب الله" في منطقة جنوب الليطاني، لاسيما أن التحدي الأكبر عند جمهور الحزب تمثل في كيفية إعمار القرى المدمرة.
فيما يبقى التركيز ضمن بيئة الحزب حول ما حصل في تجربته العسكرية جراء إسناده لمعركة "حماس" التي كبدته آلاف القتلى والجرحى على مدار أكثر من سنة.
وبحسب معلومات من حلقة ضيقة في الحزب لـ "العربية.نت" و"الحدث.نت"، روى ضابط من"قوة الرضوان" التي تضم نخبة مقاتلي الحزب "أن الجهاز الحربي استعد للمواجهات الأخيرة ضد إسرائيل منذ عام 2006 وبنى المئات من المنشآت والأنفاق".
لكنه أوضح أن المفاجأة عند قواعد الحزب كانت في كيفية تمكن إسرائيل من معرفة نقاط الضعف فيها، حيث نجحت في تدمير الجزء الأكبر منها بفعل المسيرات وأدوات تقنية عالية الدقة فضلا عن عيون بشرية وتجنيد عملاء في صفوف كوادر الحزب الذي لم يعد حديديا من الناحية الأمنية.
"الضربة الأكبر"
كما أضاف الضابط أن "الضربة الأكبر التي تعرض لها حزب الله التي أصابت شرايين جسمه العسكري واللوجستي كانت عملية البيجرز، إذ شلت عموده العسكري بعد تعطيل نحو 3 آلاف من كوادره وإصابتهم في وجوههم وعيونهم وأيديهم".
كذلك كشف أن رسالة وصلت إلى الاستخبارات الإسرائيلية عندما سمعت صوت قيادي يستعمل جهاز البيجر، ويخبر قيادته أنه أخذ يشعر بأن بطارية الجهاز الذي يستعمله لم تعد تعمل وفق الساعات المطلوبة، وأن الجهاز نفسه أخذ يميل إلى السخونة.
وقبل أن تكتشف الجهات المعنية في حزب الله، السبب، اتخذت الاستخبارات الإسرائيلية قرار تفجير كل أجهزة "البيجرز" المتوفرة لدى الحزب.
إلى ذلك، أكد الضابط في قوة الرضوان أن وحدات الحزب المقاتلة على مختلف مستوياتها كانت تستعد لحرب طويلة مع إسرائيل بغض النظر عن توقيت عملية "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، لكن المفارقة أن إسرائيل كانت قد أعدت منذ عام 2006 لإطلاق الرصاصة الأولى، متسلحة بداتا تفصيلية عن كل مواقع الحزب ومنشآته العسكرية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وصولا إلى مراكز تجمعاته وأماكن تخزين الصواريخ في سوريا، وأصبحت كلها بنك أهداف.
مئات الأنفاق
ولفت إلى أن الطيران الحربي الإسرائيلي ومسيراته تمكنت من تدمير الجزء الأكبر من تلك المواقع فضلا عن مئات الأنفاق في أكثر من بلدة حدودية في الجنوب شارف بعضها للوصول إلى حافة أكثر من مستوطنة إسرائيلية.
أما عند سؤاله عما إذا كان حزب الله قادرا على إعادة بناء قدراته من جديد لا سيما بعد منع وجوده في جنوب الليطاني بموجب مندرجات القرار الأممي 1701، فضلا عن عدم حصوله على السلاح عن طريق سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد، أكد أن الأمر بات صعباً.
وقال: "الأمور باتت صعبة علينا ونعم أخطأنا في تقدير قوة إسرائيل".
إلا أنه شدد على أن الحزب سيتحرك من جديد في شمال الليطاني ومناطق أخرى في الضاحية الجنوبية والبقاع. وأكد أنه "لن يسلم سلاحه بسهولة إلى أي جهة حتى للجيش اللبناني".
علما أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم برعاية أميركية فرنسية، وبدأ سريانه في 27 نوفمبر من العام الماضي (2024)، كان نص على انسحاب الحزب من الجنوب وتسليم سلاحه، فضلا عن انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجيا خلال 60 يوما.
كما تضمن حصر حمل السلاح بالجيش والقوات الأمنية اللبنانية، وتفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية لحزب الله أو غيره من الفصائل المسلحة في الجنوب.
وأتى حينها بعد خسائر فادحة مني بها حزب الله الذي فتح في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، العام الماضي ما سمّاها جبهة إسناد لغزة، تضامنا مع حركة حماس.