لبنان

"حزب الله" يوظّف تطورات جنوب لبنان لتعويم نفسه داخلياً

استغلّ "حزب الله" عودة آلاف المدنيين إلى قرى جنوبية ومواجهتهم الجيش الإسرائيلي، لتقديم خطاب يحاول عبره أن يثبت إمساكه بالوضع الأمني على الأرض، مما يؤشر إلى أنه يحاول الاستفادة من التطورات الأمنية في الجنوب التي سقط فيها 24 قتيلاً وأكثر من 120 جريحاً الأحد، ويبرز تمسكه بفكرة أن "المقاومة وحدها خيار أبناء الجنوب لتحرير أرضهم".

وهذا الأمر عبّر عنه صراحة عضو كتلة "حزب الله" النائب حسن فضل الله الذي قال إن "المقاومة وحدها التي تحمي الأرض وتعيد الناس إلى بيوتها"، مؤكداً في تصريح له من الجنوب الأحد أنه "لا يمكن شطب معادلة (الجيش والشعب والمقاومة) من البيان الوزاري".

وإضافة إلى هذه المواقف السياسية، فقد سجّلت مساء الأحد مواكب لدراجات نارية بمناطق عدة في بيروت معروفة بمعارضتها "الحزب"، انطلقت من داخل الضاحية الجنوبية، وجابت شوارع وأحياء العاصمة، وهي ترفع رايات "الحزب" وتردد شعارات طائفية، مما أثار حفيظة أطراف لبنانية عدّة، محذرة من العودة إلى منطق الغلبة والاستقواء.

منطق الغلبة مجدداً

وصنف خبراء ما يجري رسالةً بالغة الدلالة إلى رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام، بأنه لا أحد يستطيع تجاوز حيثية "الحزب" الشعبية، وأنه قادر على خلط الأوراق سياسياً وأمنياً ما لم يحصل على مراده في التركيبة الحكومية وحتى في البيان الوزاري.

وعدّ القيادي في حزب "القوات اللبنانية" النائب السابق أنطوان زهرا أن "(حزب الله) يحاول مجدداً ممارسة منطق الغلبة على اللبنانيين نتيجة هزائمه العسكرية والسياسية، ويسعى إلى أن يعوّض في السياسة ما خسره من وهج وتحكّم بمصير البلد على مدى سنوات طويلة".

وعبّر زهرا، في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، عن استغرابه "حالة الإنكار التي يعيشها (الحزب)، واستفزاز المناطق التي احتضنت جمهوره خلال الحرب، ومحاولة ترويع الآمنين"، مشيراً إلى أن "ما حصل أمس (الأحد) محاولة جديدة لإظهار القوة وممارسة منطق الغلبة والهيمنة على أغلبية اللبنانيين".

وجدد "حزب الله"، في بيان أصدره مساء الأحد، تأكيده أن "مشهد عودة الناس إلى قرى الجنوب، هو مشهد جديد من مشاهد العزة والكرامة التي يخطّها شعب المقاومة العظيم، وهذا الشعب يُشكّل السلاح الأقوى للمقاومة".

وقال بيان "الحزب": "إنّنا إذ ننحني أمام عظمة شعب المقاومة، نؤكد أنّ معادلة (الجيش والشعب والمقاومة)، التي تحمي ‏لبنان من غدر الأعداء، ليست حبراً على ورق؛ بل واقع يعيشه اللبنانيون يومياً، ويجسدونه بصمودهم وتضحياتهم"، داعياً جميع اللبنانيين إلى "الوقوف صفاً واحداً مع أهل الجنوب، وتجديد معاني التضامن الوطني وبناء ‏سيادة حقيقية عنوانها التحرير والانتصار".

مشهد الجنوب

وأعطى مشهد الجنوب واستعراض القوّة في شوارع وأحياء بيروت، جرعة دعم لـ"الحزب" الذي يحاول استغلالها لفرض شروطه على الحكومة، وتثبيت معادلة "الجيش والشعب والمقاومة" مرة جديدة في البيان الوزاري الذي يعدّ معظم الأفرقاء اللبنانيين أنه بات "من الماضي". وفي هذا الإطار، أكد زهرا أن "هذه المعادلة لن تبصر النور مجدداً"، قائلاً: "عندما يسيطرون على المجلس النيابي والحكومة من خلال انتخابات ديمقراطية فليفعلوا ما يريدون". وأضاف: "إما يُحكَم البلد بالدستور والقانون، وإما لكل مقام مقال"، مشدداً على أنه "لا أحد قادراً على أن يحكم لبنان وحده، فإما نكون شركاء، وإما نبحث عن صيغة أخرى لحكم البلد". ورداً على سؤال عن طبيعة هذا الصيغة البديلة التي يلمّح إليها، أجاب زهرا: "قد تكون صيغةُ الفيدرالية الحدَّ الأدنى مما يطلبه الناس للتحرر من هيمنة السلاح".

يقرأون الآن