تسارعت التحولات التكنولوجية، حتى برز الذكاء الاصطناعي كأحد المحركات الأساسية لتحسين إدارات الموارد البشرية في المؤسسات والمنظمات، لتصبح ضرورة ملحة لتعزيز الكفاءة وزيادة العدالة في عمليات الاستقطاب والتعيين والتوظيف في السعودية.
ومع التطور المستمر في تقنيات الذكاء الاصطناعي، تتجه المنشآت نحو تطوير استراتيجيات جديدة تعتمد على تحليل البيانات وفهم احتياجات السوق وملاءمة المرشحين، مما يسهل تحقيق أهدافها بكفاءة أعلى، وأصبح الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إجراء المقابلات الوظيفية واقعًا متزايدًا في العديد من الشركات، حيث يُستخدم لتقييم المرشحين استنادًا إلى تحليل الصوت ولغة الجسد واختيار الكلمات، بالإضافة إلى مقارنة البيانات مع أنماط النجاح السابقة.
جودة الحياة العملية
وفي هذا السياق، أشار المستشار المختص في الموارد البشرية، علي عبدالله آل عيد، إلى أن الذكاء الاصطناعي يشكل ركيزة جديدة في تحسين جودة الحياة العملية عبر مختلف المجالات، وقد شهدت السنوات الثلاث الماضية دخول الحلول الرقمية المتخصصة في تطوير عمليات الموارد البشرية، لا سيما في دعم الاستقطاب والتعيين، حيث يسهم الذكاء الاصطناعي في فهم احتياجات المنشآت وتعزيز عملية الاختيار والترشيح استنادًا إلى المدخلات من الأسئلة والحالات المقدمة من الإدارة، وتحليل الإجابات المثالية أو العبارات الأساسية التي يجب أن يذكرها المرشح لتعزيز موقعه في الترشيح.
وأضاف آل عيد: كما أصبح لهذه التطبيقات قدرات تحليلية تتعلق بشخصية المرشحين ومستوى ملاءمتهم للوظيفة المعنية من خلال لغة جسدهم ونبرة صوتهم وتفاعلهم مع الأسئلة والإجابات، ويُرتب المرشحون من الأكثر ملاءمة إلى الأقل، مع تقديم فرص أخرى ملائمة لهم.
ويوضح بشكل عام: يسهم هذا التطور في صياغة مستقبل إداري جديد، مما يفرض على المختصين تنمية المهارات الرقمية اللازمة للتعامل مع هذه الحلول، مما يعزز جودة المرشحين وآلية الاستقطاب ويرفع مستوى العدالة في التعيين بناءً على نتائج فعلية. وفي المقابل، يُظهر التعليم الجامعي والأكاديمي والمهني حاجة ملحة لتطوير منهجيات تتماشى مع هذه التطورات السريعة لضمان توفير الكوادر اللازمة لسوق العمل.
وفي نفس السياق، يتعين على المنشآت الاستثمار في التعليم والتدريب المرتبط بتطبيقات وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والاستفادة منها لرفع معدلات الاستقرار التنظيمي والاستمرارية.
مهن جديدة
ويتابع يبقى السؤال: هل سيستبدلنا الذكاء الاصطناعي؟ من وجهة نظري، سيستبدل الذكاء الاصطناعي كل من يصر على عدم المواكبة والتعلم وتنمية مهاراته في هذا المجال، وقد شهدنا سابقًا نماذج إقليمية وعالمية خلال الثورات الصناعية السابقة، وكان السؤال نفسه، وتبقى الإجابة نفسها، إذ إن كل عملية تطور يصاحبها مهن مستحدثة مثل اختصاصيي ومطوري الذكاء الاصطناعي.