تعرض رئيس الجمهورية جوزاف عون في الأيام الأخيرة لحملة شتم وتخوين قادها ما تبقّى من كوادر في بيئة حزب الله. وتظهر هذه الحملة مدى الضعف الذي وصل إليه الحزب. فبدل الاستعراض بسلاحه مثلما كان يفعل سابقاً، ها هو يستعين بشاحنات النفايات لقطع طريق المطار.
لا يُحسد حزب الله على الوضعية التي وصل إليها. فمن كان يحكم البلد بالأمس، أصبح اليوم عاجزاً عن تلبية مطالب الدولة التي كانت تموّله. وكل الكلام عن أن الاحتجاج هو للمطالبة بعودة اللبنانيين الموجودين في إيران سقط. وتبين أن إيران والحزب يحاولان القول نحن هنا، ونستطيع استعمال مرافق الدولة ساعة نشاء وفق ما ورد في "نداء الوطن".
يبدو واضحاً، أن ما كان مسموحاً لإيران قبل الحرب الأخيرة، أصبح بعد انتخاب الرئيس جوزاف عون ممنوعاً بقوّة القانون. وهناك رقابة دولية مشدّدة على لبنان. كما أن هناك طلباً لبنانياً بعودة الدولة.تكشف أحداث المطار عن سقوط سطوة حزب الله. وذهبت أدراج الرياح التصريحات السابقة للمسؤولين الإيرانيين عن سيطرة بلادهم على 5 عواصم عربية خصوصاً بعد انتخابات 2018 النيابية اللبنانية. وانتهت محاولة تكبير حجم طهران. وما كان يعتبرونه انتشاراً سريعاً للثورة الإسلامية خارج الحدود لتمتد من العراق إلى سوريا ولبنان وفلسطين والبحرين واليمن وأفغانستان، بات في حكم الماضي حيث قُطع الهلال الشيعي في سوريا وتهاوى نفوذه في لبنان.
وإذا كانت إيران وحزب الله يحاولان توجيه رسائل إلى العهد والمجتمع العربي والدولي، إلا أن رئيس الجمهورية، كما يتضح، يمضي في سياسته المنبثقة من خطاب القسم وهي، استعادة الدولة سيادتها الداخلية والخارجية وتطبيق القانون وإعادة لبنان إلى الحضن الدولي.
لم يقم رئيس الجمهورية بافتعال إشكال مع طهران أو التصرف بإطار خارح عن القانون، بل طبّق القانون ويريد حماية مطار بيروت ومصالح اللبنانيين . لكن طهران هي من تفتعل الإشكال. وكان التهديد الإسرائيلي واضحاً باستهداف المطار. وقد نقل الأميركيون الرسالة الإسرائيلية. وهذه ليست المرة الأولى التي تُمنع طائرة إيرانية من الهبوط في المطار، وحصل هذا الأمر منذ أسابيع عندما كان وزير الأشغال علي حمية وهو ينتمي إلى الحزب. وهنا يطرح سؤال: هل يريد الحزب وطهران إعطاء حجة لقصف مطار بيروت؟
يريد عون عدم خروج لبنان عن القوانين الدولية. ويلتزم لبنان تطبيق قرارات منظمة الطيران الدولي. وتوجد عقوبات على الشركة الإيرانية للطيران. ولدى السؤال عن أن هذه العقوبات ليست جديدة، يأتي الجواب الحاسم بأن هذا العهد ليس كالعهود السابقة. وستلتزم الدولة تطبيق القوانين والإجراءات اللبنانية والدولية. ومن يريد أن يكون صديقاً للبنان عليه التزام هذه القوانين.
يبدو الحسم أيضاً من خلال المداهمات التي حصلت بعد الاعتداءات على قوات اليونيفيل وقطع طريق المطار وغيرها من الطرق. وكان موقف رئيس الجمهورية واضحاً في هذا المجال، وهو أن لا أحد فوق سقف القانون مهما علا شأنه. ولا يستهدف العهد دولة معينة أو حزباً معيّناً. فهو يطبق القوانين وعلى الجميع الالتزام.
لو أراد جوزاف عون معاداة إيران، لكان قطع العلاقات الدبلوماسية معها. لكنه انطلاقاً من الحرص على هذه العلاقات، يرى العهد وجوب تصحيح المسار والعمل وفق ما تقتضيه مصلحة البلدين، والتعامل من الند للند واحترام سيادة كل بلد.
لم تحصل تحركات طريق المطار ببراءة. فقد حرّك حزب الله جمهوره ولو حاول التنصّل منه بعد الشغب. وباتت نية الحزب واضحة وهي ضرب العهد والدولة اللبنانية. وهنا تسقط كل تبريرات الاحتجاج على منع الطائرات الإيرانية من الهبوط. وحاولت الدولة اللبنانية معالجة الأزمة وإرسال رحلات طيران الشرق الأوسط، لكن إيران رفضت هبوط طائرات الشركة اللبنانية. وبالتالي تحاول الممانعة افتعال أي إشكال للقول «أنا هنا».
يحظى عهد عون برعاية دولية. ومهما ارتفع الصراخ الممانع، فالأمور ستسير وفق ما هو مرسوم. وانتهى النفوذ الإيراني واستباحة طهران لبيروت ومطارها. ويستكمل العهد السير وفق القانون ولو ببطء. وستثبت الأيام المقبلة أن لا عودة لاحتلال إيران بيروت بحسب "نداء الوطن".