تستطيع إسرائيل أن تقتل كما تشاء من الفلسطينيين، وأن تدمر منازلهم، وأن تضع عشرات الآلاف منهم في سجونها، وأن تتعامل معهم بعنصرية، وتحرمهم من حقوقهم، وتجعلهم في حالة حرمان من أبسط مظاهر الحياة.
بإمكانها أن تجعلهم تحت نيران جيشها، وتؤذيهم بممارساتها العدوانية، وأن تؤخر حصولهم على دولة مستقلة يعيشون فيها، دون استعمار واحتلال، ولكنها لا تستطيع، ولا تملك القدرة على نزعهم واقتلاعهم من أراضيهم، وتخليصهم من الولاء لهذه الأرض الطيبة، وليس بمقدورها أن تحول دون ثباتهم وإصرارهم على تحرير ما هو محتل من أراضيهم.
قوة إسرائيل في جيشها المدجج بالسلاح، وبالدعم الأمريكي والغربي عسكرياً وسياسياً، وقوة الشعب الفلسطيني في إرادته، وتمسكه بحقوقه، وإصراره على دولة له، وعدم التنازل عن أي شبر له فيها، والمقارنة بين إسرائيل وفلسطين هي لصالح المستقبل الفلسطيني الذي سيكون انتصاره مدوياً وإن تأخر.
نعم لم يكسب الفلسطينيون الحرب في معارك الإبادة الأخيرة، وفي كل الحروب السابقة، لأن ما يملكه الفلسطينيون من أسلحة لا تساوي شيئاً في تأثيرها أمام ترسانة الأسلحة الإسرائيلية، لكن الانتصار الحقيقي سيكون قادماً، مهما تشكلت أنواع المؤامرات لمنع قيام الدولة الفلسطينية.
الحروب نصر وهزيمة كما يفهمها العقلاء، وجولة بعد أخرى، وقد تكسبها اليوم، لكن ذلك لا يعطيك ضماناً لمكاسب مستقبلية أخرى، ما بقي أهل الأرض صامدين، ومتمسكين بحقوقهم المشروعة.
مشاريع الاستيطان، والتهجير، لا قيمة لها، ولن تحرم الفلسطينيين من قيام دولتهم، ولن تحول دون تحقيق ما غيبه المحتل، فالأراضي الفلسطينية ليست للبيع، ولا للتأجير، وهي أبداً يفديها الفلسطينيون بالروح والدم والحياة كلها.
نعم لم ينتصر الفلسطينيون في حرب الـ15 شهراً، ولكن إسرائيل لم تكسر إراداتهم، ولم تهز معنوياتهم، قتلت وجرحت عشرات الآلاف منهم، وهدمت أكثر من 80 % من قطاع غزة، ولاحقت القادة الفلسطينيين في إيران ولبنان وغزة وقتلتهم، لكن شعلة المقاومة ظلت مشتعلة إلى اليوم، ولن يفرطوا في ديارهم وأراضيهم مهما كان حجم التضحيات.
قد يرى بعض من الفلسطينيين والعرب أن المقاومة انتصرت، ويبالغ بعضهم في ذلك، ويأتي الصوت الإسرائيلي ليخدر الجميع بأن إسرائيل لم تنتصر في هذه الحرب، بل إنها هزمت من باب ذر الرماد في العيون، وتخدير المقاومة، والدفع بالقوات الإسرائيلية لمزيد من القتل الممنهج، والتدمير الشامل، والتخطيط للتوسع في الاستيطان والتهجير، فليكن إخواننا الفلسطينيون على دراية بحجم المؤامرة والترتيب لها.
الجزيرة السعودية