في الأيام القليلة الماضية، أعلنت ما يسمى بـ "جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا" عن تشكيل مجموعات جديدة تحمل اسم "أُولي البأس". ونقل محلل سياسي عراقي، قريب من الفصائل المرتبطة بإيران، يُدعى عباس العرداوي، عبر منصة "إكس"، عن هذا التشكيل الميليشياوي الجديد.
ويظهر في وسط الملصق الذي نشره العرداوي ذراعٌ يحمل بندقية، حيث يوجد تشابه نسبي بين هذا الشعار وشعارات المجموعات العراقية الموالية لإيران في العراق، وحزب الله اللبناني، و"زينبيون" الباكستانية، و"فاطميون" الأفغانية.
ومعلوم أن العرداوي، الذي يُعرَّف بأنه "محلل سياسي"، يتبنى الدفاع عن إيران والميليشيات الموالية لها، وهو قريب من كتائب حزب الله. وهو حالياً عضو في مركز "نارام سين"، وهو مركز جديد يترأسه عضو "عصائب أهل الحق"، حيدر البرزنجي، والمدعوم من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، حسب مصدر عراقي.
العلاقات بين بغداد ودمشق
وتعليقاً على هذا التشكيل، قال الباحث في الشؤون السياسية والأمنية، بسام القزويني، لقناة "العربية" إن تشكيل المجموعات المسلحة في سوريا سيؤثر سلباً على العلاقات العراقية - السورية، خاصة أنه يتزامن مع حملة السلطات السورية لملاحقة فلول نظام الأسد، لا سيما إذا ثبت دعمها من قبل ميليشيات عراقية.
وتابع: "في حال تقديم الدعم لها من قبل ميليشيات عراقية، فإن ذلك يجرّ الدولة إلى دائرة الخطر، لأنه قد يؤدي إلى الاصطدام بالجهود الدولية لاستقرار سوريا، كما أنه يعرقل الجهود الرامية لتفكيك مخيم الهول، مما يبقي باب داعش مفتوحاً".
رغم إعلان تشكيل هذه المجموعات من قبل موالين لإيران، والتشابه بين شعار "أُولي البأس" وشعارات فصائل تابعة لطهران، فإنه من غير الواضح ما إذا كانت إيران قد لعبت دوراً مباشراً في تشكيل هذه الميليشيات.
إلا أن إيران سبق أن جلبت مجموعات أفغانية وباكستانية وعراقية إلى سوريا دفاعاً عن نظام الأسد، كما قامت بتشكيل ميليشيات "الباسيج"، وفقاً لما صرّح به أحد كبار قادة الحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين همداني، الذي لعب دوراً محورياً في تدخل إيران في الحرب السورية. ففي 29 أيلول/سبتمبر 2015، أعلن همداني أن إيران قامت بتشكيل "باسيج شعبي" في سوريا، موضحاً أن هذه القوة، التي تضم نحو 70 ألف عنصر، تم تنظيمها استناداً إلى تجربة إيران في حربها مع العراق وتشكيل قوات الحشد الإيرانية (الباسيج).
وأضاف همداني أن هذه القوات تم تجنيدها من بين السكان المحليين السوريين، وتتمثل مهمتها الأساسية في دعم الجيش السوري ضد "الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية"، حسب وصفه.
وبعد نحو عشرة أيام من هذه التصريحات، قُتل همداني في المعارك بالقرب من حلب، في 8 أكتوبر 2015.
وفقاً للتقارير، فقد حظيت هذه الميليشيات التي تحدث عنها همداني بدعم وتدريب إيراني، وشاركت إلى جانب القوات الحكومية السورية والفصائل الحليفة في القتال ضد المعارضة المسلحة. وكانت تلك القوات جزءاً من سياسة إيران لتعزيز نفوذها الإقليمي وإنشاء فصائل مسلحة موالية لها في سوريا.
وخلافاً لتصريحات همداني، صرّح المرشد الإيراني، علي خامنئي، في 12 كانون الأول/ديسمبر 2024، بأن قائد فيلق القدس السابق في الحرس الثوري، قاسم سليماني، سعى إلى إنشاء هيكلية مماثلة لقوات التعبئة في سوريا، إلا أن بعض المسؤولين العسكريين السوريين عارضوا هذا المشروع، مما أدى إلى إلغائه في نهاية المطاف.
وفي اليوم التالي، أكد القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، أن آخر من غادر "خط المقاومة" في سوريا كانوا من قوات الحرس الثوري، وأن آخر شخص غادر هذا الميدان كان أحد عناصر الحرس. وتبرز هذه التصريحات تأكيد المسؤولين الإيرانيين على دور قوات الحرس الثوري في التطورات التي شهدتها سوريا خلال العقد الماضي.