لا جديد في جلسة اليوم الانتخابية. لا تزال الورقة البيضاء هي القاسم المشترك بين قوى الثامن من آذار، أي «الثنائي الشيعي» و»التيار الوطنيّ الحر»، ولا يزال رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية هو المرشح الأكثر جدية في هذا الفريق. فيما قوى المعارضة تعاني من تشظٍّ في خياراتها، ما يجعلها في حالة توزيع وتشتّت للأصوات، يحول دون التقائها عند خيار واحد.
أمّا ترشيح النائب ميشال معوض فلا يزال صامداً مع العلم أنّ كلّ المؤشرات تدلّ على أنّ قائد الجيش جوزاف عون هو المرشّح الفعلي لبعض مجموعات المعارضة. أمّا رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط فيترقّب على الضفّة، مرور «جثث» ترشيحات «تقطيع الوقت» بانتظار الحدفة الجديّة التي تضع الأوراق على الطاولة مع نضوج الظروف الانتخابية، ليكون في مطبخ صناعة الرئيس المقبل.
وحده «التيار الوطنيّ الحرّ» أبدى رغبة في اجراء تبديل جذري في استراتيجيته للتخلّص من الورقة البيضاء والذهاب نحو تسمية مرشح محدد، في ضوء الضغوط التي يمارسها بعض النواب وفي طليعتهم نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي أكّد صراحة «أنّني سأصوّت لمرشّح في جلسة الخميس ولم أحسم أمري بعد في شأن الاسم، لكنّني لن أصوّت بورقة بيضاء، وهذا أمر ناقشناه في التكتّل». ولكن لمن سيصوّت «التكتل»؟ تلك هي المعضلة.
فترشيح جبران باسيل لا يزال بين المزح والجد، بين الابتزاز والدرس والتدقيق. لا هو جاهز لسحبه ولا قادر على عرضه. ولذا لا بدّ من استعراض بعض المحطات الأساسية:
- يواظب بعض النواب العونيين، وتحديداً القدامى منهم على فتح كوّة في جدار الترشيحات العونية، خصوصاً وأنّ احتمال ترشّح باسيل، أو لنقل فرص معركته، تكاد تكون معدومة، حتى لو أقنع حاله، في سرّه، أنّ الوقت قد يكون لصالحه. ولكن إلى الآن، معركته توازي «الصفر»، لاعتبارات كثيرة، داخلية وخارجية حتى لو حاول ايحاء عكس ذلك. ولهذا، يحاول بعض النواب كسر هذا الجمود من خلال تحضير الأرضية لمعركة أحد موارنة «التكتل». والمؤهلون لهذه المعركة، معدودون.
- لم يتردد باسيل في مقابلته التلفزيونية الأخيرة في قطع الطريق أمام احتمال ترشيح أحد أعضاء التكتلّ في موقف سقط كالماء البارد على وجوه الطامحين من «التكتلّ». ورغم ذلك سارع النائب الان عون إلى التأكيد أنّ هذا الأمر لم يناقش في «التكتل»، متقصّداً بذلك ترك الكوة مفتوحة رغم محاولات باسيل لإقفالها على نحو مبكر.
- لا يزال باسيل مقتنعاً أنّ الورقة البيضاء هي الممر الآمن في هذه المرحلة، ولو أنّ بعض المقربين منه حاولوا الترويج لاحتمال الانتقال إلى «الخطّة ب» من خلال ترشيح النائبة ندى البستاني أو بالأحرى وضع اسمها في صندوقة يوم الخميس، في محاولة لتطويق زيت الاعتراض الداخلي على قاعدة أنّ رئيس «التكتل» لا يحبس الترشيحات أو يأسرها في جيبه وفي اسمه. ولو أنّ الكلّ مقتنع أنّ ترشيحها مجرّد نكتة، واذا تحوّلت إلى جدّ قد تفجّر التكتل برمته.
بناء عليه، كان من المتوقّع أن لا يكون اجتماع التكتل الذي عقد يوم الثلثاء الماضي، تقليدياً بنقاشاته في ضوء المعطيات التي استجدت وأهمها رغبة الفريق المعترض في نقل النقاش الإعلامي إلى الطاولة المستديرة، من خلال التأكيد أمام باسيل أنّ خيارات «التكتل» غير مقفلة اذا ما كانت معركة رئيس «التيار» مستحيلة. وكان من الطبيعي أن يتولى النواب المقربون من باسيل جبهة الدفاع عن ترشيحه تحت عنوان أنّه ضحى ولا بدّ من خوض معركته.
وقد انتهى النقاش عند خيار الإبقاء على الورقة البيضاء طالما أنّ ظروف الانتخابات لا تزال ضبابية، في ضوء تمسّك «الثنائي الشيعي» بترشيح فرنجية وتمسّك «القوات» بترشيح معوض، والارباك الذي يلفّ «الحالة التغييرية»، ما يعني أنّ انضمام أي ترشيح عوني لهذه اللائحة يعني حرقه لا دعمه. وبالتالي لا طائل من تزكية أي اسم في هذه المرحلة، لأنها ستكون خطوة فولكلورية لا أكثر، ولا بدّ من الانتظار.
هكذا خلص الاجتماع إلى عدم مبادرة باسيل بعرض ترشّحه، ولا بوضع أي اسم من جانبه على الطاولة ليكون بديلاً عن الورقة البيضاء، ولا بتقدم النواب المعترضين بأي ترشيح. جلّ ما حصل هو محاولة أولى من جانب بعض النواب لتكريس حالة الأبواب المفتوحة أمام كلّ السيناريوات، وعدم ترك مفاتيحها في جيب باسيل... ولتلك الخطوة تتمة!
كلير شكر - نداء الوطن