كيف ولدت فكرة استضافة السعودية لكأس العالم؟

كشف وزراء ومسؤولون، عن قصة ولادة الحلم السعودي الكبير والمتمثل في استضافة إحدى نسخ كأس العالم للمنتخبات وتحديداً "نسخة 2034"، وذلك من خلال برنامج وعد الذي تبثه قناة "إم بي سي".

وفي عام 2018 "بعد انتهاء كأس العالم في روسيا"، بدأت ملامح فكرة استضافة السعودية لهذا الحدث العالمي تتشكل ولم يكن أحد يتوقع أن الاجتماع المفاجئ الذي دُعي إليه كبار المسؤولين سيكون نقطة الانطلاق نحو حلم تنظيم المونديال.

وقال محمد آل الشيخ وزير الدولة وعضو في مجلس الوزراء: "طُلب منا حضور اجتماع دون أي خلفية عن فحواه، حتى أخبرنا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأنه يريد مناقشة استضافة كأس العالم 2030 عام الرؤية، ورغم الحماس واجهت الفكرة تحديات كبرى أبرزها نظام الفيفا الذي يمنع استضافة القارة ذاتها للبطولة إلا بعد مرور تقريباً 20 عاماً على آخر نسخة مما جعل الأمر يبدو مستحيلاً في ظل استضافة قطر 2022".

وأضاف: "قلت لولي العهد مستحيل أن ننظم كأس العالم، ليس رأياً شخصياً، بل لأن العُرف في الفيفا يقضي بمرور البطولة على عدة قارات قبل أن تعود لآسيا، وأقرب فرصة لنا كانت 2042 وهناك أيضاً العوائق اللوجيستية ومتطلبات البنية التحتية. وإلى جانب هذا التحدي كانت هناك عوامل أخرى مثل توقيت البطولة بين الصيف والشتاء وصعوبة إصدار التأشيرات، حينها حيث كانت المملكة تواجه تحديات كبيرة حتى في الحج والعمرة".

وبدوره، قال سلمان الدوسري وزير الإعلام: "الدراسة الأولية أظهرت أن احتمالية فوزنا لا تتجاوز 1 إلى 2 في المائة وكان الموضوع يبدو شبه مستحيل لكن ولي العهد كان مصرّاً، وقال لنا: سنستضيف كأس العالم".

وبناء على ذلك، بحث الفريق المسؤول عن ملف الاستضافة برئاسة الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة عن بدائل وبدأ التفكير حول ملف مشترك لـ2030، مع دول أخرى، لكن حتى هذا الخيار لم يضمن الفوز إلا بنسبة 20 في المائة، مما دفعهم للنظر في خيار استضافة 2034 بشكل مستقل.

وروت أضواء العريفي، مساعد وزير الرياضة لشؤون الرياضة، عن تلك المرحلة قائلة: "كان هناك اجتماعات دورية مع وزير الرياضة لمناقشة التحول من 2030 إلى 2034، وبعد المراجعة لدراسة توقيت هذا التحول تم عرضه على القيادة ونالت الفكرة استحسانهم".

وبموازاة ذلك بدأت حملة دبلوماسية ورياضية ضخمة حيث قال آل الشيخ: "قبل إعلان الترشح حصلنا على التزامات من أكثر من 100 دولة بدعم ملفنا".

وبالعودة إلى العريفي فقد أوضحت أنه "خلال أول 48 ساعة بعد إعلان الترشح تمكنا من حشد دعم واسع النطاق حيث أعلن 100 اتحاد دعمهم الرسمي للملف السعودي".

ولعبت "رؤية المملكة 2030" دوراً حاسماً، حيث أوضح وزير الرياضة أن 90 في المائة من متطلبات الاستضافة كانت ستُحقق بالفعل ضمن مشاريع الرؤية، ما سهل تجهيز البنية التحتية دون تكاليف إضافية ضخمة.

ومع تقدم العمل واجه الجميع تحديات قانونية تتعلق بالاتفاقيات والضمانات، وقال المهندس صالح الجاسر وزير النقل والخدمات اللوجيستية: "لم نكن معتادين على تقديم التزامات بمشاريع أمام جهة خارجية مثل الفيفا وكان هذا تحدياً جديداً. لكن بفضل التخطيط المحكم والدعم السياسي تم تجاوز العقبات وأصبحت السعودية المرشح الوحيد لاستضافة 2034".

ومع بدء المفاوضات الرسمية مع الفيفا، قال آل الشيخ: "استمرت المفاوضات أسبوعين أو ثلاثة، من مراجعات وتعديلات خاصة، وكانت هناك محاور أساسية يجب التركيز عليها لحفظ حقوق المملكة، فيما يتعلق بالسيادة والاستثمارات حتى توصلنا إلى صيغة توافقية بين الطرفين".

وبعد موافقة مجلس الوزراء كان أمام الفريق المسؤول عن الملف أسبوع واحد فقط لتوقيع 50 ألف صفحة، حيث أكدت العريفي: "كل الوزراء وقعوا الاتفاقيات في أقل من 48 ساعة. وبدأت مرحلة التسليم حيث قُسّم الفريق على طائرات مختلفة لضمان وصول الوثائق بأمان للفيفا".

وفي 29 تموز/ يوليو 2024 تم تسليم الملف رسمياً ليحصل على أعلى تقييم في تاريخ الفيفا، بفضل فريق متوسط أعماره لا يتجاوز 32 عاماً، وفي 11 كانون الأول/ ديسمبر  2024 جاءت اللحظة الحاسمة، حيث تقول العريفي: "شعر الجميع أنهم قادة هذا المشروع، وقدمنا ملفاً يليق بمكانة المملكة".

وبالنسبة لمحمد آل الشيخ كان هذا إنجازاً يتجاوز مجرد استضافة بطولة، بل كان تجسيداً لتحوّل مستحيل إلى واقع "نحن كدولة حققنا إنجازات كثيرة نفخر بها لكن بالنسبة لي هذا الموقف من المواقف التي لن أنساها أبداً".

وقال إن ست سنوات من العمل، ومئات الاجتماعات، وآلاف الوثائق والعقبات التي لا حصر لها، جميعها قادت إلى لحظة واحدة كان الجميع ينتظرها: الإعلان الرسمي عن استضافة السعودية لكأس العالم 2034، ولم يكن ذلك مجرد ملف، بل كان شهادة على قدرة المملكة على تحقيق المستحيل.

يقرأون الآن