العراق

سرقة القرن تعود للواجهة في العراق مع ظهور الكاظمي المفاجئ

سرقة القرن تعود للواجهة في العراق مع ظهور الكاظمي المفاجئ

بدأ لغز عودة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي للعراق يتكشف شيئا فشيئا بعد سنتين ونصف غاب فيهما عن المشهد السياسي تماما واختفى في أعقاب خروجه مصحوبا بمظاهرات كبيرة وعنف احتجاجاً على ضعف الخدمات وسوء الإدارة والتي بلغت ذروتها عقب الكشف عن اكبر قضية فساد في تاريخ العراق والتي تعرف ب"سرقة القرن".

فقد كشف السياسي العراقي البارز عزت الشابندر في مقابلة تلفزيونية ان الكاظمي اتصل به من بيروت وطلب منه ان يبلغ رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني برغبته في ان يتحالف معه الانتخابات المقبلة مقابل ان يمنحه السوداني حقيبة الخارجية، وهو ما رفضه السوداني بلطف بحسب الشابندر.

ولعل هذا ما يبرر خروج الكاظمي في مقابلة تلفزيونية لانتقاد عمل الحكومة العراقية علنا فيما يتعلق ببناء جسور كثيرة في بغداد بدلا من إقامة انفاق على حد تعبيره.

كما أنه اتهم رئيس الوزراء السوداني كذبا بالبناء على معسكر الرشيد الذي تعتزم الحكومة إقامة غابة خضراء على مساحته الشاسعة التي تبلغ خمسة آلاف دونم حتى يكون بمثابة رئة للعاصمة بغداد.

ولم يشيد الرجل جسرا واحداً ولا حتى نفقا كما يحب في الفترة التي قضاها رئيسا للوزراء في حين أقام السوداني تسعة جسور على ان ينتهي العمل من سبعة اخرين قبل منتصف العام الجاري. كما أقام السوداني انفاقا عديدة لكن اللافت ان حكومته افتتحت ثلاثة انفاق جديدة في السنة الأولى من عمرها في العاصمة بغداد في إطار خطته لفك الاختناقات المرورية بها.

ووفقا لبيان أصدرته أمانة بغداد فان مشروع غابات بغداد الذي يشكل نقلة نوعية في التنمية المستدامة اصبح واقعا على الارض بسبب إصرار حكومة الخدمات الحالية، على ان تكون كامل الأرض المخصصة للمنطقة (معسكر الرشيد) مساحة خضراء، حيث تمسكت بخطتها في تغيير استخدام الأرض من مشروع سكني إلى مسطحات خضراء، بهدف تحسين البيئة والتصدي لتحديات التغيير المناخي والتلوث.

"المواطنون في حاجة إلى المنتزهات لتكون متنفساً لهم، إلى جانب حاجتهم للخدمات الأساسية. ولابد من وقف إساءة استخدام أراضي الدولة" ــ محمد شياع السوداني / رئيس الوزراء العراقي

وبغض النظر عن ما إذا كان الكاظمي غاضبا من منع عناصر المخابرات من حمايته كما قال الشابندر أيضا أو من رفض السوادني التحالف معه ولهذا الرفض ما يبرره فان عودة الكاظمي جاءت في وقت بدأت فيه القوى السياسية في العراق في التفكير في تحالفاتها لخوض الانتخابات.

وبما ان الكاظمي لا ينتمي إلى أي حزب او تيار سياسي بارز في العراق وبالتالي فليست له كتله داعمة ما يجعل رفض السوداني للتحالف معه منطقيا وخصوصا مع ارتباط اسمه او على الأقل فترته بسرقة القرن مقترنا مع حنق شعبي على تردي الأحوال الخدمية في البلاد. وهو احد أسباب إطلاق أسم حكومة الخدمات على تلك التي يرأسها السوداني حاليا.

وهذا يقودنا لسبب آخر لاثارة حفيظة الكاظمي من السوداني وهو أصدار القضاء العراقي احكاماً بالسجن بحق رائد جوحي مدير مكتب الكاظمي السابق وحجز أمواله في ملف سرقة الأمانات الضريبية المعروفة إعلامياً بـ"سرقة القرن"، وكذلك اصدار احكام ضد عدد من مستشاريه ومعاونيه وكلها صدرت في عهد السوداني الذي وصف الفساد بانه آفة لا تقل خطورة عن الإرهاب وتعهد بالعمل على استعادة الأموال المنهوبة.

وكانت آخر هذه الجهود استعادة العراق شخصين متهمين بالمشاركة في اختلاس أموال الضرائب من الكويت وهما المدير المفوض لإحدى الشركات الأهلية للتجارة والمقاولات العامة المحدودة ووكيله واللذان تسلما مبالغ ماليَّة كبيرة جدا، بحسب هيئة النزاهة العراقية، من أجل تيسير إجراءات صرف مبالغ الأمانات الضريبية المسروقة. وبهذا التطور الأخير تتكل جهود الحكومة العراقية في تضييق الخناق على المتهمين في القضية التي هزت اركان حكم الكاظمي انتظارا للنجاح في استرداد مدير مكتبه ورئيس جهاز المخابرات السابق رائد جوحي والذي اختاره الكاظمي لقيادة الجهاز خلفا له من الولايات المتحدة.

وقد أكدت النائب المستقل في البرلمان العراقي عالية نصيف في مقابلة تلفزيونية ان مصطفى الكاظمي كان يجلس بشكل شبه يومي مع مدير مكتبه لتناول الارجيلة في حديقة المتهم الرئيسي في سرقة القرن نور زهير والذي تجري ملاحقته هو الآخر.

وبكل تأكيد تدق عودة الكاظمي إلى العراق ناقوس خطر على بلد ينعم في ظل حكومته منذ عامين ونصفه بالأمان والاستقرار والبناء وينبغي ان يتيقظ له الساسة والمواطنون العراقيون حتى لا تعود عقارب الساعة بالعراق إلى الوراء ويتوقف الإنتاج وتنهار التنمية بسبب رغبة مسؤول سابق اختفى دون كلمة واحدة في العودة إلى الأضواء.

فمن يرغب في البناء لا ينتهج الانتقاد أسلوبا وهو ما فعله السوداني نفسه إذ لم يذكر أيا من سابقيه، بمن فيهم الكاظمي، بسوء بل شكر لهم جهودهم في اكثر من مناسبة ولم يفعل كما فعل الكاظمي الذي عاد ليعرض نفسه على مختلف القوى السياسية كحليف لها فإما ان يكون له دور في المرحلة المقبلة وإما التشهير والفتنة كما يفعل.

يقرأون الآن