هل ينجح الرئيس السورى أحمد الشرع الذى أعلن عن أولوية سوريا على سواها، أن يستحيى تراب الشيخ صالح العلى (١٨٨٣- ١٩٥٠) وكذلك سلطان باشا الأطرش(١٨٩١-١٩٨٢) ويبرز أشباههم من أبناء الطائفة العلوية والدرزية، هؤلاء الذين يمكنون للوطن والوطنية ضد توظيف الطائفية والانقسام..هل يستطيع السوريون جميعا أن يطفئوا نيران الطائفية بماء الوطن كما كان من أسلافهم ومن أجل أبنائهم.. فهى تنطفئ جميعا أو تشتعل جميعا!، تحرق بعضها.
انطرحت الأسبوع الماضى أسئلة عديدة ومفجعة، حول المواجهة الأمنية السورية بين قوات النظام الجديد وفصائله المختلفة وبين مجموعات مسلحة محسوبة على النظام السابق، وهى المواجهة التى شابتها أخطاء وتجاوزات فردية، وقد أمر الرئيس الشرع بتشكيل لجنة يوم ٩ مارس لتقصى الحقائق والتجاوزات والخروقات التى وقع فيها البعض بلا شك!.
لقد كان تركيز بعض المنتقدين على نقد الدولة والشرع أكثر من المجابهين له!، من أمثال مقداد فتيحة وسهيل الحسن وإبراهيم حويجة، قاتل كمال جنبلاط!، ودون السؤال من المستفيد من إشعال الوضع!، من يريد الاستقرار أم من يريد الانقلاب عليه!.
كانت البداية فى السادس من مارس الجارى، حين قتل بعض فلول النظام السابق فى منطقة الساحل، بقيادة المدعو مقداد فتيحة عددا من رجال الأمن العام السورى، التابع للسلطة السورية الحالية، وجاء الدعم الأمنى سريعا لتتسع المواجهات لتتم السيطرة على الوضع! وقاموا بقتل مدنيين منهم أطباء وطبيبات وكثيرا ممن رفض تصرفاتهم من أبناء الطائفة العلوية وأهل الساحل.. كانت البداية مع خروج مسلح طائفى اعتدى على قوات الأمن وقتلوهم فجأة!، وحسب مراسلى بعض القنوات فى سوريا، تم العثور على مقابر جماعية لعناصر من الأمن قتلهم الفلول المسلحون ممن يطمحون لعودة العهد الأسدى البائد!.
كما تجاهل المنتقدون، التنسيق والتخطيط والدعم الخارجى الواضح لما تم من أحداث، فقد سبقت أحداث الساحل، محاولات درعا وجرمانا وجبل العرب من كل الطامحين للصيد فى الماء العكر أو الرخو للمسار الجديد!، والطموح الإيرانى للعودة لسوريا أو الإسرائيلى للتدخل ورصد كل منهما الأموال لذلك..مما يؤكد أن أحداث الأسبوع السورى المنصرم كانت جزءا من تنسيق أوسع خارجى وداخلى يصر على الماضى ولا يقبل الحاضر ولا المستقبل..ولا يؤمن بالتوافق المطروح.
أجمعت الدول العربية وتركيا على دعم وتأييد الحكومة السورية الجديدة ورفض محاولات الخارجين على القانون فى إشعال الفوضى والاحتراب الأهلى، مؤكدة على ضرورة وحدة الأراضى السورية، وقد أعلن الشرع مؤخرا أنه تم القبض على بعض العناصر الحوثية متسللة لدعم هذه الاشتباكات.
أدركت السلطة السورية الجديدة خطورة انبعاث نيران الطائفية والانقسام التى لن تتوقف، كما حاولت تطمين أهالى الساحل ودعمهم، وترحيل بعضهم من مناطق الاشتباك...وتحذير الأقليات من توظيفها من الخارج أو أنصار النظام السابق، وخاصة الفرقة الرابعة لماهر الأسد، التى لا تبالى بدماء العلويين كما أعلن ابن خالته رامى مخلوف فى التاسع من مارس الجارى، عبر عدد من وسائل الإعلام.
ربما كان الحسم سريعا وضروريا. من قبل قوات الأمن! ولكن من المهم أيضا محاسبة المتجاوزين، وخروقات القانون، ولكن الأهم تهميش أعداء الوطن والوحدة من موظفى الطائفية والاستثمار فيها.
روح البعض عربيا، اتهام الرئيس الشرع، بالتساهل مع إسرائيل التى تقضم الأجزاء السورية والشدة على العلويين فى الساحل، رغم أن الرجل يلملم جسدا منهكا ويرى شعبا مكلوما يحاول توفير الرواتب لشعب منكوب.. لست اعتذر له أو عنه ولكن أتفهم وضعا مأساويا خلفه النظام الوحشى الهارب.. كما يدرك أنه إذا نجح الأخير فى إشعال نيران الطائفية فهى لن تتوقف إلا بالقضاء على سوريا نفسها!.
البداية والتنسيق الذى سبق ما حدث فى الساحل من اشتباكات، وتحفز الفلول والمجموعات المسلحة التى طمعت فى الأمان والعفو الذى أعلنته السلطة، وتحركها فى مناطق مختلفة فى نفس الوقت، إرهاقا له تكشف ما تم!، ووقفة من أجل العزم والحزم والحكمة الفاعلة.
أظن أن الحنين الأيديولوجى، القومجى، غير الديمقراطى وغير المعترف بشرعية أربعة عشر عاما من النضال السورى ضد الاستبداد، وظف الثارات والوتر الطائفى العميق ليشعله كى يعود الماضى الأسدى الطائفى القريب للسلطة.. لا يمكنه أن يتفهم حالة سوريا الجديدة المشتتة والمكلومة والضعيفة التى تستحيى قوتها وإجماعها وقبولها الإقليمى والدولى بصعوبة.
لكن نثق فى عقلاء سوريا الذين رفضوا الانقسام والحكم الأقلوى وإمارات الطوائف منذ عهد الاستعمار الفرنسى على يد أمثال سلطان الأطرش وابراهيم هنانو وصالح العلى وعبد الرحمن الشهبندر وغيرهم، ونثق فى قدرة السوريين على التوافق وندعو الحكومة لإنتاج هذه الوجوه من جديد تمهيدا لعهد سورى جديد شارك الجميع فى صناعته أيضا.. وهكذا يخاطب هؤلاء الإدارة الجديدة لسوريا ويخاطبها كل محبيها.
المصري اليوم