لبنان آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

إفطار دار الطائفة الدرزية بحضور الرؤساء... أبي المنى: المنطقة تواجه مخططا خطيرا

إفطار دار الطائفة الدرزية بحضور الرؤساء... أبي المنى: المنطقة تواجه مخططا خطيرا

تصوير: عباس سلمان

لبى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون غروب اليوم، دعوة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى، الى مأدبة إفطار رمضانية، شارك فيها عدد من المسؤولين والفاعليات اللبنانية.

ووصل الرئيس عون مساء اليوم الى دار طائفة الموحدين الدروز في بيروت، حيث كان في استقباله الشيخ ابي المنى، وعدد من الفعاليات والمشايخ الدروز.

وشدد الشيخ ابي المنى في كلمة القاها خلال الإفطار، على أهمية تضامن اللبنانيين ووقوفهم الى جانب رئيس الجمهورية واركان الدولة لبناء الوطن. وقال "ان المِنطقة تواجهُ مخطّطاً فظَاً لتفتيت العالم العربي، ونحن نرى المحاولاتِ المتكررةَ لسلخ الأقليات عن هُويتها وتاريخها وعمقِها الوجدانيّ، لكنَّ طائفةَ الموحدين الدروز كانت وستبقى في بلاد الشام مرتبطةً بجذورها العربيةِ الإسلامية، ومتمسكةً بهويتها التوحيديةِ المعروفية، وحريصةً على رسالتها الوطنيةِ القومية".

وشارك في الإفطار رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، الرئيس العماد ميشال عون، نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري، رئيسا الحكومة السابقين: نجيب ميقاتي، وفؤاد السنيورة، الوزير والنائب السابق وليد جنبلاط، النائبان تيمور جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وجبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر، وزراء ونواب حاليون وسابقون، ، ورؤساء احزاب. وحضر البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، رئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ علي قدور، بطريرك الأرمن الكاثوليك البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون مينسيان، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان، بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني، رئيس الطائفة القبطية الارثوذكسية في لبنان وسوريا القمص اندراوس الانطوني، رئيس الطائفة الانجيلية في لبنان وسوريا القس جوزف قصاب، والسفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا، اضافة الى عدد من رجال الدين المسيحيين والمسلمين، ورؤساء البعثات الدبلوماسية العربية والاجنبية، رؤساء السلطات القضائية، قادة الاجهزة العسكرية والامنية، السلك الاداري، محافظون، مدراء وامناء عامون، اضافة الى رؤساء اللجان وأعضاء المجلس المذهبي والمسؤولين في مديريتي المشيخة والمجلس.

وبعد لقاء جمع الرئيس عون والرئيسين بري وسلام في حضور شيخ العقل ورؤساء الطوائف الروحية، انتقل الجميع الى القاعة الرئيسية. والقى الشيخ ابي المنى خلال الإفطار كلمة في ما يلي نصها:

"صاحبَ الفخامة رئيسِ الجمهورية اللبنانية، صاحبَي الدولة رئيسِ مجلس النواب ورئيسِ مجلس الوزراء، أصحابَ الغبطة والسماحة الرؤساء الروحيين، أصحابَ الفخامة والدولة الرؤساءِ السابقين، أصحابَ المقامات، الأخوةُ والأصدقاءُ الأفاضل. أهلاً وسهلاً بكم جميعاً في دار طائفة الموحدين الدروز ضيوفاً أعزَّاء في رحاب شهر الرحمة الذي تحلو فيه العباداتُ ويُستطابُ الدعاءُ وتتكثَّفُ أعمالُ الخير ويرتقي على درجاتِ صيامِه وقيامِه أهلُ البِرِّ والإحسان، ويتجلّى فيه فضلُ الله على عِباده، وأيُّ فضلٍ أعظمُ مـِمـَّا أُنزل من ربِّ العِبادِ في هذا الشَّهر المبارَك نوراً مُبيناً للعالمين، ﴿وَأَنـزَلْـنـا إلَـيْـكُم نُـوراً مُـبِينا﴾.

صاحبَ الفخامة، صاحبَي الدولة، أيّها الأكارم،

يُسعدُني وإخواني في المجلس المذهبي أن نُقيمَ هذا الإفطارَ الرمضانيَّ الجامعَ، ومن حولنا باقةٌ من وجوه الطائفة، وفي مقدَّمتِهم صاحبُ الدار وسيد القرار معالي الأستاذ وليد بك جنبلاط، لنستضيفَ نخبةً كريمةً من الوجوه اللبنانية والصديقة، في مشهدٍ وطنيٍّ مُهيب يُشيرُ إلى تلاقي العائلات الروحية، ويؤكّدُ على ميزة الواقع اللبناني، في مرحلةٍ حسَّاسةٍ من حياة الوطن، هي أشبهُ ما يكونُ بمرحلةِ اختبار تُحتِّمُ علينا الاختيار، فهل ننجحُ في الاختبار ونختارُ أن نكون أهلاً لبناء الدولة أم نستسلمُ للغرق في وحول التناقضات والمحاصصات؟ هل نُبلسمُ جراحَ بعضِنا بعضاً فننطلقُ معاً في مسيرة الشراكة والإصلاح والبناء، أم نُمعنُ في الاستقواء على الدولة وكلٌّ منَّا على الآخر والإساءةِ إليه وإلى تاريخه وتضحياته ومشاعره؟ لقد آن الأوان لنتأكَّد أنه على حُسن اختيارِنا وصحة قرارِنا يتوقَّفُ نجاحُ العهد وتُصانُ كرامةُ الدولة وتتحقَّقُ نهضةُ الوطن.

أيُّها الأخوةُ الكرام،

نُدرك وتُدركون أنَّنا في هذا الشرق العتيق نواجهُ عدوَّاً متربِّصاً بنا؛ يستعملُ القوَّة العسكرية حيناً والقوَّةَ الناعمة حيناً آخرَ في دهاءٍ وغطرسة لا حدودَ لهما، كما هو الحالُ في عدوانه وأطماعه التوسُّعيّة؛ فيَقتلُ ويدمِّرُ غيرَ آبهٍ بقراراتٍ دوليةٍ واتفاقاتٍ ميدانية، مثلما فعل ويفعلُ اليوم في غزّةَ بآلته الإجرامية، ويمدُّ يدَه إلى داخل المجتمعات ليعبثَ بالجذور والتراث؛ ويقدِّمُ إغراءاتِ الحماية والاحتضانِ لاستمالة الشعوب التي أفقرتها الأنظمةُ المخابراتيةُ الاستبدادية وهدَّدتها السياساتُ الإلغائية؛ عدوَّاً لا بدَّ من مقاومته، إن لم يكن بالسيف دائماً، فبالكلمة والموقف والتضامن الوطنيّ والعربي، مقاومةً دبلوماسيةً تستنهض عواصمَ العالم والمجتمعَ الدولي المتقاعسَ، وسياسيةً تحفظُ الثوابتَ الوطنيةَ والقومية ولا تفرِّطُ بها، وثقافيةً تحافظُ على إرث الآباء وهويّة الأجداد، واقتصاديةً تُجيدُ التخطيطَ والتعاون والاستثمارَ المُجدي، وغايتُنا الوحيدة أن تُستعادَ الحقوقُ المشروعة ويتحقَّقَ السلامُ العادلُ الشامل، وهذا هو مطلبُنا ومطلبُ الأمّة.

صاحبَ الفخامة، صاحبَي الدولة، إخواني الرؤساء الروحيين، أيُها اللبنانيُّون الوطنيُّون والأصدقاءُ الكرامُ، أيُّها الأحبَّة، لا مجال للشكّ بأن المِنطقة تواجهُ مخطّطاً فظَاً لتفتيت العالم العربي، ونحن نرى المحاولاتِ المتكررةَ لسلخ الأقليات عن هُويتها وتاريخها وعمقِها الوجدانيّ، لكنَّ طائفةَ الموحدين الدروز كانت وستبقى في بلاد الشام مرتبطةً بجذورها العربيةِ الإسلامية، ومتمسكةً بهويتها التوحيديةِ المعروفية، وحريصةً على رسالتها الوطنيةِ القومية، وإذا كان العقلُ والحكمةُ عنوانَها المعروف، والبطولةُ والإقدامُ تاريخَها الموصوف، فإنّ التسامحَ والتضحيةَ واحترامَ الشريكِ الوطنيّ ونبذَ التعصُّب هي مفاهيمُ إنسانيةٌ ثابتة تشكِّلُ رؤيتَها الحواريةَ الناصعة وحقيقتَها الوطنيةَ اللاحمةَ الجامعة.

صاحبَ الفخامة، قلتُم ونقول إنّ اللبنانيين صفتُهم الشجاعةُ وقوّتُهم التأقلم، والشجاعةُ اليومَ عندنا هي في المرونةِ والتأقلمِ مع الواقع وفي تغليب مصلحة البلد على كلِّ ما عداها. إنّ عهدَكم الذي عهدتموه يمتلكُ من الشجاعة والمرونة ما هو كفيلٌ بانطلاق مسيرة الخير بما تتطلّبُه من جهدٍ مشترَك وكفاءةٍ عالية، ورعايةٍ أبويةٍ طيِّبة من الرئاسة الأُولى، وثقةٍ مُستحَقَّةَ من المجلس النيابي، وتفاعلٍ إيجابيّ من الحكومة، وانخراطٍ من قِبل الجميع في هذه المهمة الوطنية، ونحن منهم، أخوةً وشركاءَ روحيين، لا نقبلُ التخلِّي عن مسؤوليتنا، بل نؤكِّدُ دائماً على الشراكةِ الروحيةِ الوطنية لتكونَ المِظلةَ الواقية والمساحةَ المشترَكة لورشة الإصلاح والإنقاذ.

فخامةَ الرئيس، أيُّها الأخوةُ، أشعرُ اليومَ في هذا اللقاء الروحيِّ الوطنيّ الجامع أننا فعلاً نلتقي فنرتقي؛ نلتقي على محبتنا للبنان فنرتقي بوحدتنا الوطنية، وكأننا نسيرُ قُدُماً لتحقيق هذه "الشراكة الروحية الوطنية" التي نادينا بها من دار الفتوى ومن مقرّ المجلس الإسلامي الشيعيّ الأعلى، وقبلَ ذلك من بكركي ومن غير مكان، وسنستمرُّ في مسعانا آملين أن تُحتَضنَ هذه المبادرة من قِبل فخامتِكم، بما لكم من صفةِ الأبوَّة والرعاية، واستكمالاً لما أقسمتم عليه في خطابِكم "لبناء دولةٍ قوية واقتصادٍ منتجٍ وأمنٍ متماسكٍ ومستقبلٍ واعد." معكم يا صاحبَ الفخامة نؤكِّدُ أننا مدعوُّون إلى التضامن الداخلي أوَّلاً، قادةً روحيين وسياسيين، وأننا بحاجةٍ إلى الأشقَّاء العرب والأصدقاء المخلصين، للنهوض بلبنانَ المتصالحِ معَ نفسه والمبادِرِ إلى الإصلاح ليعودَ من جديدٍ، وأكثرَ ممَّا كان، منارةً للشرق ومقصدَاً لإخوانه العرب، بما فيه من مقوِّماتٍ طبيعية وثقافية واقتصادية واجتماعيةٍ كامنة تحتاجُ إلى أيادي الخير والمحبة والعملِ المُتقَنِ الدؤوب لتَبعثَ فيه النهضةَ والقوَّةَ من جديد.

معكم يا صاحبَ الفخامة ومعَ أركان الدولة وفاعلياتِ البلاد سيتحوَّلُ الحُلُمُ إلى حقيقةٍ بعون الله، والحاضرُ إلى مستقبَلٍ واعدٍ، لأبنائنا المقيمين المطالِبين بالتغيير والتطوير ولأولئك المنتشرين في بلاد العالم القريب والبعيد، والذين يترقَّبون الخطواتِ العمليةَ للإصلاح والبناء، وقد بدأت تباشيرُها تظهر من حكومة الإصلاح والإنقاذ، وما علينا إلاَّ أن نستمرَّ في إيقاد جُذوةَ الشعورِ الوطني في أبنائنا للانخراطِ في مسيرة النهوض ووضعِ طاقاتِهم الغنيَّةِ والمتنوِّعة في خدمة الدولة والوطن.

إننا ننتظرُ أن تبدأَ رحلةُ العمل لتحقيق الأمل، في ورشةٍ داخلية يشاركُ فيها الجميعُ، مجلساً وحكومةً وإدارةً ونُخَباً متنوِّعة، نحافظُ من خلالِها على سيادة بلادنا ونصونُ حدودَها وننهضُ باقتصادها ونُحصِّنُ مجتمعَها ونبني مؤسساتِها ونستثمرُ علاقاتِها، لنُعيدَ وطنَنا إلى خريطة العالم، بعمقِه العربيِّ وانفتاحه الدوليّ، وهذا ما يستحقُّه لبنانُ بما لديه من تراثٍ وطاقات، وبما يختزنُه من مقوِّمات حياة.

جاء في الحديث الشريف قولُه (ص): "إنَّ اللَّهَ لا يَجمعُ أمَّتي علَى ضلالةٍ، ويدُ اللَّهِ معَ الجماعة"، وها نحن مجتمِعون على الحقِّ والخير، علَّنا نُحيي بلادَنا فنُخرجَ منها ما يُدهشُ العالَم، استناداً إلى قولِه تعالى في القرآن الكريم: "وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ".

نحمَدُه تعالى ونشكرُه على نعمة وجودنا في هذه البلاد، وعلى نعمة وجود نخبةٍ مخلصة من أبناء الوطن في مواقع المسؤولية والقرار، وليكنْ معلوماً لديكم فخامةَ الرئيس أنّ التحدّياتِ ستظلُّ قائمةً والعقباتِ الطبيعيةَ والمُصطنعة والمستورَدة ستظلُّ تُواجهُكم وتَضعُكم أمام خياراتٍ صعبة، لكنكم مُصمِّمون على التحدي وعليكم تُعقَد الآمال، كيف لا؟ وأنتم مُتمرِّسون في مهمة المواجهة والصمود، وإلى جانبِكم رئيسُ البرلمان الحكيم المخضرم الأستاذ نبيه برِّي، ورئيسُ الحكومة القادمُ من قوس العدالة والنزاهة والعالمية القاضي الدكتور نوَّاف سلام ومجموعةُ الوزراءِ الواعدين، ونحن كذلك سنكون معكم وإلى جانبكم، بصلواتنا ومواكبتِنا، لنكون كلُّنا مجتمعين في شراكةٍ روحيةٍ وطنية مكتملة، منتصرين بانتصار الوطن.

عِشتُم وعاش الوطنُ، وكلُّ عامٍ وأنتم بخير، والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه."

يقرأون الآن