لبنان

حملة على سلام بعد نسفه "الثلاثية" والمفتي بالمرصاد

حملة على سلام بعد نسفه

فعلت الصواريخ فعلها في لبنان، أكثر مما فعلت في إسرائيل، فحرَّكت هواجس ومخاوف وتسبّبت بارتدادات سارعت الدولة اللبنانية إلى لملمتها خشيةً من أن تسبِّب تصدعاً في اتفاق وقف إطلاق النار.

فالصواريخ التي أطلِقَت السبت المنصرم بقيت يتيمة الأب، لم يتبناها أحد، لكن، في المقابل، لم يتم التعامل معها، على أنها صواريخ منفردة، على غرار الذئاب المنفردة، بل جرى تحميل مسؤولية إطلاقها إلى حزب الله، ولا سيما من الجانب الإسرائيلي الذي له مصلحة استراتيجية في تحميل المسؤولية لـ"الحزب"، لتكون لديه الذريعة للرد وتوسيع بنك أهدافه، بدليل أن وزير دفاعه سارع إلى وضع معادلة بيروت في مقابل المطلة.

سلام ينسف الثلاثية

لكن لبنان الرسمي، لم يكتفِ بنفض يده من مسؤولية إطلاق الصواريخ، بل إن رئيس الحكومة نواف سلام ذهب أبعد من ذلك بكثير، ورفع السقف إلى مستوى غير مسبوق، فأطلق عبر فضائية "العربية"، واختيار الفضائية رسالة في حد ذاته، سلسلة من المواقف أبرزها أن صفحة سلاح حزب الله انطوت بعد البيان الوزاري وشعار شعب جيش مقاومة أصبح من الماضي. مذكّراً بأن البيان الوزاري ينص بوضوح على حصر السلاح بيد الدولة والجميع ملتزم بذلك.

أن يقول رئيس حكومة هذا الكلام، وينسف ثلاثية شعب وجيش ومقاومة، فهو أعلى سقفٍ يقوله رئيس حكومة، غير عابئ بردود الفعل التي يمكن أن تصدر والتي لم تتأخر، فجاءت من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي خاطب الرئيس سلام مباشرةً وقال له: لرئيس الحكومة السيد نواف سلام المحترم أقول: أنت رئيس حكومة بلد حررته المقاومة واحتكار السلاح يمر بتأمين قوة وطنية بحجم قمع قوة إسرائيل وكسر هيمنتها، لا التفرج على عدوانها واحتلالها، والحل بالاستفادة من المقاومة عبر السياسة الدفاعية وليس بشطب أكبر قوة سيادية ضامنة للبنان.

المفتي دريان: نحن معك

لم يتأخر الرد على الهجوم على الرئيس سلام، وكان السقف الأعلى من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي توجّه إلى الرئيس سلام بالقول: دولة رئيس مجلس الوزراء القاضي الدكتور نواف سلام يقوم بمهمته السياسية والإدارية في حفظ لبنان وإخراجه من النفق المظلم الذي كان فيه. نواف سلام، نحن معك حتى يعود السلام إلى كل لبنان.

وفي السياق، تعتبر بعبدا أن موقف سلام من مسألة حصرية السلاح يثبت الانسجام في المواقف الكبرى بين رئيس الجمهورية وسلام وأن لا اختلاف في العناوين والثوابت وإن اختلف الأسلوب أو طريقة الكلام. والكل يعلم أن خطاب القسم للرئيس تحدث عن احتكار الدولة للسلاح والرئيس يكرر في كل مناسبة هذا الأمر وعون وسلام والحكومة مع قيام دولة قوية تحتكر السلاح وتعيد الحقوق للجميع.

يهاجمون رجِّي ليسمع عون وسلام

وليس بعيداً، علّقت مصادر سياسية على الهجوم الذي شُنَّ على وزير الخارجية يوسف رجّي، فرأت أن هذا الهجوم المقصود منه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة خصوصاً أن موقفيهما كانا أحياناً أعلى من موقف الوزير رجّي.

وما بين الصواريخ والمواقف والردود، بات الوضع اللبناني بحاجةٍ إلى جرعة دعم لتثبيت الاستقرار، خصوصاً أن المئة يوم الأولى من عمر العهد وعمر الحكومة لم تمر بعد. وعلمت "نداء الوطن" أن بعبدا تنتظر بعد مجيء الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، زيارة أميركية بعد عيد الفطر والأرجح أنها ستكون لنائبة المبعوث الأميركي الرئاسي لشؤون الشرق الأوسط مورغن أورتاغوس لكن لا موعد رسمياً حتى الساعة لها أو لأية شخصية أميركية، ونقلت أوساط دبلوماسية أن واشنطن ستقوم بتحرّك كبير تجاه لبنان من أجل لجم التوتر وإعادة الأمور إلى نصابها والتأكيد على اتفاق الهدنة والقرار 1701 بكل مندرجاته.

بري: لهذا السبب لم ينتشر الجيش

وأمس أطلق رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، سلسلة مواقف أكد فيها أن لدى إسرائيل نية لاستدراجنا للدخول في مفاوضات سياسية وصولاً لتطبيع العلاقة بين البلدين، لكننا لسنا في هذا الوارد”. وقال لـ"الشرق الأوسط": الجيش اللبناني هو الآن على جاهزية لاستكمال انتشاره في جنوب الليطاني، لكن المشكلة تكمن برفض إسرائيل الانسحاب من عدد من النقاط، وهذا ما حال دون انتشاره حتى الحدود الدولية بمؤازرة اليونيفيل. وتابع بري: حزب الله يلتزم بالاتفاق، ولم يعرقل تنفيذه، وانسحب من جنوب الليطاني، ولم يطلق رصاصة منذ 6 أشهر، والحزب يمتنع عن الرد على الخروق الإسرائيلية لوقف النار، ويتّبع سياسة ضبط النفس، ويقف خلف الدولة اللبنانية لتطبيق الاتفاق بتثبيت وقف النار.

أجنحة داخل الحزب

لكن ما لم يقله الرئيس بري هو مَن يتحمَّل مسؤولية إطلاق الصواريخ؟ يتقاطع هذا السؤال مع معطيات عن بروز أجنحة داخل حزب الله، وأن التباين في الأداء يؤكِّد هذه الفرضية، وثمة مَن يتحدث عن أن التباين هو بين رجال الدين والسياسيين والقادة الميدانيين.

الانتخابات البلدية

وفيما طرح كثيرون تساؤلات عن مصير الاستحقاق البلدي والاختياري في ضوء التطورات الأمنية، أكدت مصادر رسمية لـ "نداء الوطن" أن الانتخابات البلدية والاختيارية قائمة ولا شيء يستطيع تأجيلها وهناك إصرار من عون وسلام ووزير الداخلية والحكومة على احترام الاستحقاقات الدستورية وهناك مساعٍ تبذل حتى لا يتطور الوضع الأمني جنوباً من خلال اتصالات المسؤولين وعلى رأسهم عون بالأميركيين والأوروبيين الذين يرفضون الانجرار إلى حرب جديدة.

استعجال مجلس الشيوخ

وفي تطور يأتي من خارج سياق الاهتمامات، تنعقد في مجلس النواب اليوم جلسة للجان النيابية المشتركة برئاسة الرئيس بري، لمناقشة اقتراح قانون جديد تقدّم به النائب علي حسن خليل لزيادة ستة مقاعد تمثل المغتربين في البرلمان، مع اعتماد النظام النسبي ولبنان دائرة انتخابية واحدة، وشمل الاقتراح إنشاء مجلس شيوخ يضمّ 46 عضواً، يتم انتخابهم وفقاً للتوزيع الطائفي والمذهبي ضمن التمثيل النسبي، على أن يكون لبنان دائرة واحدة أيضاً. مصادر نيابية استغربت هذا التوقيت، ووصفته بالتوقيت المريب، خصوصاً أن هناك أولويات في البلد، وبالتأكيد ليس “انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ” من ضمن هذه الأولويات بحسب "نداء الوطن".

يقرأون الآن