كثرت التقارير التي كشفت عن تحذيرات وصلت إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمؤسسات الدفاعية والأمنية الإسرائيلية قبل هجوم السابع من أكتوبر مرتبطة بأمن الحدود، لكن التحذير الذي كُشف عنه مؤخراً قد يكون الأبرز كونه صادر عن جهة تعد مقرّبة من نتنياهو.
فقد كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن مراقب الدولة الإسرائيلية ماتانياهو إنغلمان حذّر نتنياهو والمؤسسة الدفاعية في 14 أغسطس/آب 2023 من إهمال جسيم في أمن الحدود، لكن لم يتخذ أي من الأطراف المعنية أي إجراء لإصلاح الوضع قبل كارثة 7 أكتوبر/تشرين الأول.
جاء هذا الكشف بالتزامن مع إصدار إنغلمان تقريراً جديداً يوم الثلاثاء انتقد فيه أمن الحدود على الحدود الشمالية خلال فترة منتصف عام 2023.
ورغم أن الانتقادات كانت مرتبطة بالحدود الشمالية، وأن الواقع هناك قد تغير جذريًا بعد صراع 2023-2024 مع "حزب الله"، إلا أن الحقيقة هي أنه لو أخذ نتنياهو والجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع آنذاك يوآف غالانت الانتقادات على محمل الجد، لكان من الممكن منع غزو حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وفق الصحيفة العبرية.
كل المشكلات التي اكتشفها إنغلمان تقريبًا على الحدود الشمالية كانت موجودة على الحدود الجنوبية أيضاً في ذلك الوقت (الحدود مع غزة)، وكانت أسوأ بكثير هناك من نواحٍ عديدة، حسب "جيروزاليم بوست".
وبالنسبة للمؤسسة الدفاعية، قد يكون تأثير الكشف هذا محدوداً، نظراً لإقالة غالانت في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، واستقالة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي في 5 مارس/آذار، ومن المتوقع إقالة مدير جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، في الأسابيع أو الأشهر المقبلة.
لكن هذه الادعاءات قد تُشكّل نقطة تحوّل بالنسبة لنتنياهو لسببين على الأقل.
أولاً، لأن نتنياهو تلقى تحذيرات من مشكلات أمنية حدودية خطيرة من جهة فاعلة منفصلة عن الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك)، وهي المؤسسات الأمنية التي زعم رئيس الوزراء أنها ضلّلته بشأن الوضع الأمني.
وبعبارة أخرى، سيصعب عليه الادعاء بأنه لم تكن هناك طريقة لمعرفة مدى سوء الوضع الأمني على الحدود.
ثانياً، خاطر إنغلمان للدفاع عن نتنياهو في عدد من النقاط الرئيسية على مر السنين، والتي بسببها انقلب عليه الكثير من يسار الوسطي الذي اعتبره مراقباً "مارقاً" وموالياً يتجاهل واجبه في انتقاد رئيس الوزراء.
إنّ مهاجمته، وليس المسؤولين المعتادين الذين ينتقدون نتنياهو بانتظام، لرئيس الوزراء لتجاهله تحذيرات أمن الحدود، يُضفي على القضية طابعاً من "المصداقية والحيادية"، حسب الإعلام العبري نفسه.
الكشف عن هذه التحذيرات لا يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، لكنه قد يفتح باباً قضائياً لمحاسبة نتنياهو على تقصيره على المستويين العسكري والأمني، خصوصاً وأن هذه التقارير تشير إلى أن إسرائيل كانت قادرة على تفادي ما حصل في السابع من أكتوبر، فهل يحاسب نتنياهو؟