دولي آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

معركة شرسة بين ماسك ومستشار ترامب.. ومليارديرات يحذرون من "حرب تجارية نووية"

معركة شرسة بين ماسك ومستشار ترامب.. ومليارديرات يحذرون من

في وقت تتصاعد فيه حرب التصريحات بشأن التعريفات الجمركية لدونالد ترامب، بين حليفه الأبرز إيلون ماسك وكبير مستشاريه للشؤون التجارية بيتر نافارو، فإن معالم حملة رفض بدأت تتشكل داخل المعسكر الجمهوري بقيادة عضو مجلس الشيوخ راند بول، تزامناً مع تعالي أصوات المليارديرات وكبار مانحي الرئيس الأميركي احتجاجاً على انهيار أسواق المال بعد الزلزال الذي أحدثته قراراته، وسط تحذيرات، ما وصفه البعض بـ«الحرب التجارية النووية».

معركة ماسك ونافارو:

كان من اللافت غياب الملياردير الأمريكي إيلون ماسك عن ما تم تسميته حفل «يوم التحرير»، أو «يوم الاستقلال الاقتصادي» لأمريكا، عندما وقف ترامب في حديقة الورود داخل البيت الأبيض لإعلان وابل التعريفات الجمركية على كافة الشركاء الاقتصاديين لأمريكا، ليتضح لاحقاً موقفه الرافض لهذه التداعيات وما لها من تداعيات اقتصادية مزلزلة، وعلى ما يبدو لم يعجب ذلك كبير المستشارين التجاريين لترامب بيتر نافارو، وهو من بين قلة قليلة خدموا في كلا فترتي ترامب الرئاسيتين.

وتصاعدت حدة الخلافات بين نافارو وماسك، حيث قال الملياردير الأمريكي، إنه لا يتفق مع آراء المستشار الرئاسي البارز بشأن التعريفات، ثم وصل الأمر حد قوله عن خلفية نافارو: «إن الحصول على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة هارفارد هو أمر سيئ، وليس أمراً جيداً»، ثم أكد أنه يريد إقامة «منطقة تجارة حرة» بين أوروبا والولايات المتحدة.

وحصل نافارو على درجة البكالوريوس من جامعة تافتس، ثم التحق بجامعة هارفارد، حيث حصل على درجة الماجستير في الإدارة العامة والدكتوراه في الاقتصاد، ومع إعلان فرض التعريفات الجمركية الأمريكية على نحو 180 دولة دعمها نافارو بقوة، بل ربما كان عضواً بارزاً في صياغتها.

وبعد الهجوم عليه، رد نافارو على ماسك عبر تصريحات تلفزيونية قائلاً: «انظر يا إيلون، عندما تكون في مسارك الخاص (إدارة الكفاءة الحكومية)، تكون رائعاً. لكننا نفهم ما يحدث هنا.. علينا فقط أن نفهم أن إيلون يبيع السيارات»، في إشارة كذلك لامتلاك الملياردير الأمريكي لشركة تسلا.

وقال نافارو: «إن ماسك لا يمتلك شركة لتصنيع السيارات، بل إنه مجرد مُجمِّع سيارات في كثير من الحالات»، مضيفاً أن تيسلا تحصل على أجزاء السيارات من دول خارج الولايات المتحدة. ثم أضاف: «إنه ببساطة يحمي مصالحه الخاصة، كما يفعل أي رجل أعمال»، كما أشار إلى أن الرسوم الجمركية هدفها رفع معدلات التصنيع داخل الولايات المتحدة خصوصاً في قطاع السيارات، وليس التجميع فقط.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد نشر ماسك مقطع فيديو للخبير الاقتصادي ميلتون فريدمان وهو يناقش أهمية الأسواق الحرة في انتقاد واضح للرسوم الجمركية الأمريكية، حيث تبنى ماسك بشكل علني وجهة نظر مناقضة عن ترامب ونوابه، بشأن التجارة الحرة والرسوم الجمركية. وقال الملياردير الأمريكي: إن شركاته تعاني بسبب عمله مع البيت الأبيض.

بعد ذلك، صرّح ماسك خلال حضوره اجتماعاً مع ممثلين لحزب إيطالي أنه يود أن يرى «وضعاً خالياً من الرسوم الجمركية ومنطقة تجارة حرة بين أوروبا والولايات المتحدة. وأضاف ماسك أنه نصح ترامب أيضاً بالسماح بمزيد من الهجرة بين أوروبا والولايات المتحدة. وقال: «إذا كان الناس يرغبون في العمل في أوروبا أو في أمريكا الشمالية، فيجب السماح لهم بذلك، في رأيي».

هل يغادر ماسك؟

ورغم هذا الخلاف القوي، فإن إدارة ترامب حريصة على بقاء ماسك في صفها، حيث يشرف على قيادة جهود خفض التكاليف مع إدارة كفاءة الحكومة، وأكد نائب الرئيس جيه دي فانس أن «ماسك سيظل مستشاراً حتى بعد الانتهاء من عمله مع إدارة كفاءة الحكومة». ثم قال ترامب، إنه يتوقع أن يغادر ماسك إدارته «في غضون بضعة أشهر» لكنه أضاف أنه يريد أن يبقى «لأطول فترة ممكنة».

وخرج البيت الأبيض بتوضيح في فبراير/ شباط عندما قال: إن ماسك كان يعمل لدى الإدارة ك «موظف حكومي خاص»، ووفق القانون الأمريكي لا يجوز لهذه الفئة العمل لأكثر من 130 يوماً خلال فترة 365 يوماً.

رفض المليارديرات:

الرسوم الجمركية الشاملة أثارت قلق المستثمرين بعد موجة بيع واسعة النطاق في سوق الأسهم، وانخفاض المؤشر القياسي ستاندرد آند بورز بنحو 14%، بينما انخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 19% منذ بداية العام، وفي ظل هذه الخسائر المؤلمة أطلق مليارديرات مؤيدون لترامب تحذيرات بشأن الاقتصاد وتصاعد الحرب التجارية.

وإضافة إلى ماسك، فقد أصدر جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورجان تشيس، رسالته السنوية إلى المساهمين الاثنين، والتي أعرب فيها عن مخاوفه بشأن الرسوم الجمركية، قائلاً، إنه في حين أن هناك بعض «الأسباب المشروعة» لفرضها، فمن المرجح أن ترفع التضخم وتفاقم احتمال «الركود الاقتصادي» وأعرب عن مخاوفه بشأن استمرار حالة عدم اليقين حول الرسوم الجمركية وكيف «ستؤثر في التحالفات الاقتصادية الأمريكية على المدى الطويل».

كما انقلب الملياردير بيل أكمان على الرسوم الجمركية، رغم أنه من أشد مؤيدي ترامب، ووجه انتقادات لوزير التجارة هوارد لوتنيك، وكيفية حساب إدارة ترامب للرسوم الجمركية، ودعا البيت الأبيض إلى إيقافها مؤقتاً. وكتب أنه في حال تطبيقها، فإننا نتجه نحو شتاء اقتصادي نووي «وعلينا أن نبدأ في الاحتماء».

بدوره صرح ملياردير صناديق التحوط دانييل لوب، عن اعتقاده أن الرسوم الجمركية الأولية التي فرضها ترامب على المكسيك وكندا لن تضر بسوق الأسهم، لكنه انتقد الرسوم الأكثر شمولاً، وكذلك من ينظرون إلى فوضى سوق الأسهم بأنها «مجرد وهم».

وفي يوم واحد، وهو الخميس الماضي، خسر أكبر 10 مليارديرات مانحين لترامب، أكثر من 10 مليارات دولار في سوق الأسهم، حيث انخفضت الأسهم مباشرة في أعقاب إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية الأربعاء. وهذا ليس سوى جزء بسيط من إجمالي 270 مليار دولار التي تم محوها من صافي ثروات مليارديرات العالم الخميس، وفقاً لحسابات فوربس، وكان مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، وجيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، ولاري إليسون، مؤسس شركة أوراكل، وماسك من بين أولئك الذين كانوا الأكثر تضرراً.

حملة جمهورية مضادة:

وداخل المعسكر الجمهوري بدأت تتشكل جبهة رفض قوية للرسوم الجمركية بقيادة عضو مجلس الشيوخ راند بول، وهو من الشخصيات اليمينية المتطرفة من ولاية كنتاكي ذات الأغلبية الجمهورية، وأصدر تحذيراً صارخاً لزملائه الجمهوريين من أن سياسات ترامب الجمركية قد تُؤدي إلى خسارة سياسية مُحتملة للحزب.

وقال بول في جلسة تصويت داخل الكونغرس: «لا يهمني إن كان الرئيس جمهورياً أو ديمقراطياً. لا أريد العيش في ظل حالة الطوارئ»، معبراً عن إعلان ترامب حالة الطوارئ الوطنية لتجاوز الكونغرس وفرض الرسوم الجمركية. ثم انضم إلى أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين سوزان كولينز، وليزا موركوفسكي، وميتش ماكونيل في التصويت مع الديمقراطيين لإلغاء حالة الطوارئ الوطنية التي أعلنها ترامب لفرض رسوم جمركية على كندا.

وأثار قرار بول رفض الرسوم الجمركية غضب ترامب، حيث انتقده وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الآخرين الذين صوّتوا لإلغاء رسومه الجمركية، ووصفهم بأنهم «خونة بشكل لا يُصدق». وكتب في منشورٍ على موقع «تروث سوشيال»: «ما الذي يُصيبهم سوى معاناتهم من متلازمة اضطراب ترامب».

في مقابلةٍ موجزة، قال بول: إن عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين أخبروه سراً بدعمهم لجهوده حتى لو لم يكونوا مستعدين لتحدي ترامب بالتصويت لإلغاء تعريفاته الجمركية. وقال بول: «يرى الجميع سوق الأسهم، وهم قلقون بشأنه. لكنهم يتظاهرون بالصمت محاولين التصرف كما لو لم يحدث شيء، آملين أن يختفي».

مشروع قانون مشترك:

يدعم سبعة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ مشروع قانون مشترك بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي يلغي التعريفات الجمركية الجديدة بعد 60 يوماً ما لم يصوت الكونغرس على الموافقة عليها، لكن قد يستخدم ترامب حق النقض (الفيتو) ضده حتى لو أُقرن وسيتطلب الأمر موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، بمن فيهم 20 جمهورياً على الأقل لتجاوز حق النقض.

ووفقاً لعدد من أعضاء مجلس الشيوخ، قدّم بول حججه ضد الرسوم الجمركية لزملائه في اجتماعات مغلقة، حيث جادل بأن الرسوم الجمركية ضريبة ستُثقل كاهل الأمريكيين بارتفاع الأسعار. وهذا اعتقاد شائع بين أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين على نطاق واسع، على الرغم من أن قلة منهم على استعداد لأن يكونوا صريحين مثل بول في هذا الشأن، على أمل منح ترامب الوقت لإبرام صفقات لتخفيف التعريفات.

وقال بول مؤخراً: «لقد أدت الرسوم الجمركية أيضاً إلى تفكك سياسي»، في إشارة إلى التداعيات السياسية المدمرة التي واجهها الجمهوريون بعد فرض الرسوم الجمركية عام 1890 وفي ثلاثينيات القرن العشرين، والتي خسروا بعدها مجلسي النواب والشيوخ لمعظم السنوات الستين التالية. وأضاف: «إنها ليست سيئة اقتصادياً فحسب، بل سيئة سياسياً أيضاً».

ماذا قال ترامب؟

أصر ترامب على موقفه بشأن رسومه الجمركية وضاعف دعمه لها مراراً وتكراراً، حتى مع تسببها في فوضى في الأسواق، ثم دافع عنها، قائلاً إنه بينما لا يريد أن تنهار الأسواق العالمية فأحياناً يجب تناول الدواء لإصلاح شيء ما.

وأعلن ترامب سياسته الشاملة للرسوم الجمركية خلال فعالية «يوم التحرير»، حيث فرض رسوماً بنسبة 10% فأكثر على الواردات من جميع الدول الأجنبية تقريباً، حتى الدول غير المأهولة، رغم تحذيرات الاقتصاديين المتواصلة من أن ذلك سيرفع الأسعار على المستهلكين الأمريكيين ويضر بالاقتصاد.

يقرأون الآن